fbpx
27 ابريل النشوة والانتكاسة / بقلم احمد قاسم طماح
شارك الخبر
27 ابريل النشوة والانتكاسة / بقلم احمد قاسم طماح

سبحان مغير الأحوال من يتذكر خطاب الحرب في 27 ابريل 1994م الشهير في  ميدان السبعين وحالة الاستعداد المعنوي والشعبي والرسمي لقادة الاحتلال  وعزمهم على إنهاء مشروع الوحدة ونقض العهود والمواثيق واستباحة الجنوب وبهذا الإعلان التاريخي المشئوم قضوا على وحدة التراضي والاتفاق وحلوا وحدة الحرب والقوة والنهب والتشريد.

إن عصابات الاحتلال تدرك تبعيات فعل هذه الجرائم بحق شعب الجنوب الحر الذي لا يقبل في تاريخه القهر والظلم والاستعمار  وهم يعلمون قبل غيرهم أنه لم تكن هناك وحدة إطلاقاً على مر العصور وإنما هناك عقليات قومية اندفاعية جنوبية ترفع شعارات ولا تدري عن المصير المكتوب لها من وراء هذه الشعارات ومطالبها بإقامة الوحدة ودولة النظام والقانون، هذه المطالب التي سرعان ما عصفت برؤوس وأفكار أصحابها التي لا يقبلها الواقع الشمالي وترفضها عصابات الاحتلال وهذه المطالب أفزعت عصابات الاحتلال وسارعت إلى إعلان الحرب ضد مشروع الوحدة والدولة واستباحة موطن هذه الأفكار أرض الجنوب الطاهرة وهكذا وجدهم العالم على حالهم بدون دولة بعد ثلاثة وعشرين عاماً  وهذا باعتراف رسمي لكبار مسئوليهم.

لقد رسم الاحتلال لوحة إجرامية مليئة بالحزن والأسى وصور ظلمه على أنه وحدة قائمة على ثقافة القبيلة والعسكر التي من نتائجها حروب متواصلة منذُ 27 ابريل وحتى اللحظة مخلفةً آلاف الشهداء وعشرات الآلاف  من الجرحى ومئات الآلاف  من المعتقلين الذين قضوا فترات مختلفة في سجون الاحتلال، حصار المدن وقصفها  فوق رؤوس  ساكنيها، التسريح القسري من السلكين العسكري والمدني، النهب المنظم، وتدمير البنيتين البشرية والاقتصادية، إحلال الفوضى محل الدولة، نشر الجهل بصورة متعمدة، عقاب جماعي بقطع التيار الكهربائي، إغراق الأسواق بالبضائع الفاسدة، الإتجار بالمخدرات والحشيش وإفساد الشباب، إذكاء الفتن بين القبائل، مخلفات وطفح المجاري تغطي المدن، غياب تام للعدالة والمساواة، ومن هذه اللوحة المأساوية ومن واقع المعاناة فجر شعب الجنوب  ثورته السلمية المطالبة بالحرية والاستقلال، هذه الثورة العظيمة التي وقفت بكل شموخ وقوة بوجه المحتل الغاشم الذي لا يذعن لحق  أعزل  صمدت الثورة السلمية مستمدة قوتها من الله سبحانه وتعالى والالتفاف الشعبي الذي ينتفض في كل  ساحة وميدان في صورة لا سابق لها مثيل ثورة الصدور العارية تنتصر على الصاروخ والمدفع والدبابة ثورة الاصوات الحرة تسكت أزيز الرصاص وهدير الدبابات، هذه الأصوات اخترقت الحصار الإعلامي وتجاوزت الحواجز وتعدت الحدود لتسمع صوتها لمن لا يريد أن يسمع، هذه الثورة تجاوزت الحل الأمني  والعسكري وهي في طريقها لتجاوز حالة المخاض السياسي هذه الثورة في سباق مع الزمن وقربت ما كان يرى بعيداً، الشعب يعيش الثورة على أمل لحظة الحسم الكبرى  التي تتطلب تضافر الجهود الشعبية مع القيادات السياسية التي لا زال شعب الجنوب ينظر لها بكل احترام وتقدير على أمل أن تبادله الاحترام وتتفهم أوضاعه الصعبة والوقوف إلى جانبه وتخليصه من الاحتلال وصور الظلم والفساد.

إن الملايين تناديكم وحالة العصيان المدني الحضاري تشهدكم أن الثورة ماضية في طريقها متجاوزة مطابخ صنع المطبات والعيش في وهم الأفكار المتعارضة مع روح العصر والثورة.

إن الاحتلال يعيش بلا أمل من هذه الثورة التي عجز عن وقفها وإجهاضها ويرى الأمل  في أطراف سياسية جنوبية تلعب أوراق مختلفة وهي الحامي والمنقذ له كما يعتقد ويعتقدون ويبقى الشعب صاحب كلمة الفصل والحاكم القوي على كل الأطروحات.

نسأل الله الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء  أن يهب  لنا ولكم ألفة جامعة في دار آمنة تجمع سلامة الأبدان والأديان  فإنه رب العالمين وأرحم الراحمين.

أخبار ذات صله