fbpx
الاتهامات بتسييس تحقيقات انفجار مرفأ بيروت تطال ميشال عون مجددا
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

لا يزال ملف التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت يراوح مكانه منذ أكثر من عام على الحادثة المروعة، وسط اتهامات بتسييس الملف طالت رئيس الجمهورية ميشال عون ومن خلفه فريقه السياسي (التيار الوطني الحر).

 

ويؤكد مراقبون أن عون أبدى استعداده بالفعل للمثول بصفته أمام المحقّق العدلي لكونه محميّاً ببعض الموادّ الدستورية، لكنه رفض في نفس الوقت رفع الحصانة عن المدير العام لأمن الدولة اللواء أنطوان صليبا المحسوب عليه، فعرقل بالتالي استدعاءه أو الادّعاء عليه.

 

وتقول أحزاب سياسية لبنانية إن التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت يدار في قصر بعبدا، فيما ينفي عون التدخل في المسار القضائي للتحقيق بل على العكس من ذلك فهو ملتزم بالإسراع في الوصول إلى تحديد المتهمين ومحاسبتهم.

 

ولمّح النائب بالبرلمان ووزير الداخلية الأسبق نهاد المشنوق، بعد اجتماع مطوّل مع مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، إلى أنّ المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار يأتمر من المستشار الرئاسي سليم جريصاتي.

 

وذكّر المشنوق بتهديد جريصاتي له قبل عامين بأنّه “سيدفع الثمن غالياً”، بسبب تصدّيه لكلام النائب جبران باسيل من البقاع، حيث هاجم “السنيّة السياسية” وقال إنّه يعمل على إبقائها ووراثتها.

 

وكان بيطار قد طلب في الثاني من يوليو الماضي رفع الحصانة النيابية عن وزير المالية السابق النائب علي حسن خليل، ووزير الأشغال الأسبق النائب غازي زعيتر ووزير الداخلية الأسبق النائب نهاد المشنوق تمهيدا للادعاء عليهم وملاحقتهم في القضية التي طلب فيها أيضا المحقق العدلي استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب كمدعى عليه (متهم) في القضية، بالإضافة إلى عدد من كبار المسؤولين السابقين والحاليين وقادة عسكريين وأمنيين وقضاة.

 

وعزا المشنوق ارتيابه من تنفيذ بيطار أجندة سياسية بعيداً عن الدستور والقانون والمنطق إلى مسارعة الأخير بعد تشكيل الحكومة الجديدة إلى استدعاء الوزراء السابقين متجاهلا استدعاء المدير العام لأمن الدولة اللواء أنطوان صليبا المحسوب على ميشال عون.

وتلتقي اتهامات المشنوق مع تصريحات لرؤساء حكومات سابقيين أشاروا فيها إلى وجود شبهات سياسية وراء استدعاء رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب للمثول أمام قاضي التحقيق كمتهم في قضية انفجار المرفأ.

 

وقال رؤساء الحكومات وهم نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام “هذه سابقة خطيرة بكل الأبعاد السياسية والوطنية والدستورية، وتنال من موقع رئاسة الحكومة دون سواها من المواقع العليا في الدولة اللبنانية”، في إشارة مباشرة إلى رئاسة الجمهورية والتي يطالب تيار المستقبل الذي ينتمي إليه المشنوق باستجواب عون نفسه في القضية.

 

وحذروا من أن هذا الإجراء محفوف بالشبهات السياسية، لأنه يتقاطع مع محاولات لم تتوقف من سنوات للانقلاب على اتفاق الطائف وكسر هيبة رئاسة الحكومة وتطويق مكانتها في النظام السياسي.

 

وبالعودة إلى مُجريات التحقيق، يتبيّن جليّاً أنّ سبب مُلاحقة دياب يعود إلى كَونه تبلّغ بوجود موادّ مُتفجّرة في مرفأ بيروت من قبل المديرية العامة لأمن الدولة قبل نحو أسبوعين من تاريخ الانفجار، ولم يتصرّف، لكن يبقى السؤال مطروحا أيضا “ألَمْ يتم تبليغ رئيس الجمهورية من جهاز أمن الدولة بوجود المواد المتفجرة قبل نحو أسبوعين من تاريخ الكارثة؟”.

 

ويقول مراقبون إنه كان بإمكان رئيس الدولة وَفَوْرَ عِلمه دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد بشكل طارئ، وكذلك المجلس الأعلى للدفاع لاتّخاذ ما يَلزَم من تدابير وإجراءات، لكن ذلك لم يحصل.

 

وكان ميقاتي قال في بيان عقب اتهام دياب إن “العدالة لا تستقيم بمكيالين، وحق ذوي ضحايا تفجير المرفأ معرفة الحقيقة ومحاسبة الضالعين في الجريمة”.

 

وتساءل ميقاتي “كيف يمكن اعتماد الانتقائية في الملاحقة وإغفال ما قاله رئيس الجمهورية ميشال عون، من أنه قرأ التقارير التي تحذر من وجود مواد خطيرة بالمرفأ؟” قبل وقوع الانفجار.

 

وكان الرئيس اللبناني قد تحدث للصحافيين المعتمدين في القصر الجمهوري في السابع من أغسطس الماضي بشأن علمه بتخزين المواد المتفجرة في مرفأ بيروت.

 

ووقع انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020، وأسفر عن سقوط أكثر من 200 قتيل ونحو 7 آلاف جريح، فضلا عن دمار مادي هائل في الأبنية السكنية والتجارية.

 

ووفق تحقيقات أولية وقع الانفجار في العنبر رقم 12 من المرفأ، الذي تقول السلطات إنه كان يحوي نحو 2750 طنا من مادة نيترات الأمونيوم شديدة الانفجار كانت مصادرة من سفينة ومخزنة منذ عام 2014.

 

وفي بلد شهد خلال السنوات العشرين الماضية اغتيالات وتفجيرات وحوادث عديدة لم يكشف النقاب عن أي منها، إلا نادرا، ولم يحاسب أي من منفذيها، لا يزال اللبنانيون وعلى رأسهم أهالي 214 قتيلاً وأكثر من ستة آلاف جريح ينتظرون أجوبة عن أسئلتهم: من أتى بهذه الكمية الضخمة من نيترات الأمونيوم إلى بيروت؟ لماذا تُركت سبع سنوات في المرفأ ومن كان يعلم بها وبمخاطرها؟ وما هي الشرارة التي أدت إلى وقوع أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم؟.

 

ويُشكك كثيرون في إمكانية التوصل إلى حقيقة ما حصل أو حتى محاسبة أي مسؤول سياسي أو أمني بارز.

 

وتؤكد مصادر قضائية أن الجزء الأكبر من التحقيق انتهى. لكن الحصانات والأذونات السياسية تقف اليوم عائقاً أمام استدعاء نواب ووزراء سابقين ورؤساء أجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون بمخاطر تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في المرفأ، ولم يحركوا ساكناً لإخراجها منه.

 

وأمام هذه الاتهامات بتسييس الملف، يتردد في لبنان سؤال واحد: هل يكمل بيطار عمله أم يلتحق بسلفه القاضي فادي صوّان الذي أٌبعد عن قضية مرفأ بيروت قبل أشهر؟

أخبار ذات صله