fbpx
رب ضارة نافعة
شارك الخبر

بقلم – علاء عادل حنش
شاهدتُ وشاهد الجميع الضجة غير العادية التي حدثت بسبب قضية الشاب اليمني عبد الملك أنور أحمد السنباني، وكيف حرف البعض مسارها، وتحولت من قضية إنسانية إلى قضية سياسية بحتة، ومما هو معروف أن القضايا الإنسانية عندما تتحول إلى قضايا سياسية فإنها، بلا أدنى شك، تفقد طابعها الإنساني، وهنا لا يكون اللوم على الضحية، بل على من حاول استغلالها وحرف مسارها بكل فجاجة متناسين ألم أسرة الضحية.
لقد ظهر عدد من (الجعاسيس)* محاولين الظهور بمظهر المدافع عن الإنسانية، فكانوا تارة يقولون: يجب فتح مطار العاصمة اليمنية صنعاء بدلًا عن مطار العاصمة الجنوبية عدن، وهذا مطلب نحن لا نقف ضده، لكن لماذا الآن طالبوا به؟ ولماذا عندما حدثت قضية في الجنوب ظهر متشدقون بجلباب الملائكة، في حين ظل الصمت سيد الموقف أمام جرائم أشنع وأفظع يمارسها الحوثي في مناطق سيطرته؟! كونوا عادلين فقط!
نحنُ قلنا منذ اليوم الأول إن جميع أبناء الجنوب اتفقوا على أن جريمة مقتل الشاب السنباني من الأشقاء الشماليين غير إنسانية، ويجب أن يُحاسب مرتكبها كان من كان، لكن هناك من حاول شيطنة أبناء الجنوب، وإظهارهم بمظهر الوحوش المفترسة، متناسيين أن أبناء الجنوب تعرضوا لما هو أبشع من القتل، فخيرًا لك أن تقتل الإنسان على أن تعرضه لصنوف التعذيب من إقصاء وتهميش وتنكيل وهو على قيد الحياة، فهنا الموت يكون مرتين!
نعتب على أشقائنا في الشمال على صمتهم المخزي على الجرائم التي تعرض لها أبناء الجنوب طيلة ثلاثين عامًا مضت، ولم نسمع لهم صوتا يدين أي حادثة بشعة أو جرائم الحرب والإبادة التي تعرض لها الجنوبيون.
أما فيما يخص بعض الذين تحدثوا على ضعف الإعلام الجنوبي أمام الإعلام الشمالي، فمن المخطئ تصنيف الأمر هكذا، فلو قمنا بعملية حسابية بسيطة لأدركنا أن الأمر لا يتعلق بضعف، بل بالكمّ.
سأقول لكم كيف: عدد سكان الشمال يتجاوز (30) مليون نسمة، فيما عدد سكان الجنوب يصل إلى (5) مليون نسمة، وهذه إحصائية قديمة، لنفترض أن عدد مستخدميّ وسائل التواصل الاجتماعي بالشمال ربع السكان، أي سبعة مليون وخمسمائة شخص، فيما في الجنوب ربع سكانه هو مليون ومائتان وخمسون شخصًا.
أمام هذه العملية الحسابية البسيطة سيتضح أنه، افتراضًا، لو شارك في حملة مقتل الشاب السنباني ربع سكان الشمال وربع سكان الجنوب، كم سيكون الفارق؟ مؤكدًا سيكون الفارق شاسعًا للغاية، لذا فالأمر لا يتعلق بقوة إعلام الجنوب أو الشمال، بل بعدد السكان، وهو تكالب حدث لنا منذُ عام 1990م، وليس وليد اللحظة.
لكن لكن نقول (رب ضارة نافعة)، نعم، فلقد وحدت قضية الشاب السنباني أبناء الجنوب، وكشفت لهم كيف يتربص الأعداء بممثل قضية الجنوب (المجلس الانتقالي الجنوبي)، وكيف يحاولون تصيد الأخطاء وتصويرها على أنها جرائم لا يفعلها أي أحد على كوكب الأرض.
نقول “رب ضارة نافعة”؛ لأن تلك الحادثة أظهرت حجم الحقد الدفين على الجنوب وشعبه وقضيته وقواته المسلحة الجنوبية، وأكدت لنا أن رص الصفوف الجنوبية ضرورة مُلحة لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.
*(الجعاسيس): مفرد جعسوس، أي اللئيم.
علاء عادل حنش
أخبار ذات صله