يافع نيوز – العرب
لم يغلق التقارب المصري مع حركة حماس الفلسطينية بعض الملفات الشائكة المطروحة على القضاء المصري وفي مقدمتها قضية تخابر الإخوان مع الحركة.
وعقدت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد شيرين الأحد جلسة مهمة في مسلسل محاكمة القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان محمود عزت بشأن اتهامه مع آخرين سبق الحكم عليهم من قيادات وعناصر الجماعة بارتكاب جرائم التخابر لصالح حماس، بغية ارتكاب أعمال إرهابية داخل البلاد.
وطالب ممثل النيابة العامة في مصر بتوقيع أقصى عقوبة على القيادي الإخواني قائلا “المتهم أتى بأخبث الأفعال وارتكب أبشع الآثام، فقد خان مصر شعبا ووطنا”.
سامح عيد: حماس براغماتية وقادرة على التكيف مع المخاوف المصرية تجاهها
وتشير هذه المحاكمة إلى أن هناك فصلا بين المسارين السياسي والقضائي، فالأول فرضته عوامل إقليمية حتمت الحوار بين القاهرة والحركة التي تسيطر على قطاع غزة المجاور لسيناء المصرية وضرورات الأمن القومي، بينما يثبت الثاني أن القضايا لا تسقط بالتقادم وتعيد إلى أذهان المصريين العلاقة بين الجماعة الأمّ والفرع.
وذكرت سجلات التحقيق الرسمية أنه في الفترة بين 2005 و2013 تورط أعضاء من مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان وأعضاء سابقون في البرلمان من الجماعة في التخابر مع ما يُعرف بالتنظيم الدولي للإخوان وحركة حماس والحرس الثوري الإيراني وحزب الله والتحالف مع جماعات تكفيرية في سيناء لتنفيذ مخطط إسقاط النظام المصري (نظام حسني مبارك) والاستيلاء على السلطة بالقوة.
ويقول متابعون إن استمرار المحاكمات على هذا المستوى المثير يفسّر في مضمونه التذبذب الذي ينتاب علاقة القاهرة بحماس، ويقلل من الثقة في وعودها بعدم المساس بالأمن المصري، ويعزز التحركات المصرية الصارمة في شمال سيناء، لأن الروابط بين الحركة والإخوان أيديولوجية وكل محاولات الإيحاء بتفكيكها خاطئة.
ويضيف المتابعون أن قضية التخابر هي عنوان قديم لحجم الأضرار التي أرادت حماس وشركاؤها القيام بها في مصر، لكنها تظل كاشفة لما يمكن أن يحدث في المستقبل القريب، ما يجعل العلاقة بين الجانبين حذرة وتصعد وتهبط على الدوام.
وأكد الخبير في شؤون الحركات الإسلامية سامح عيد أن جهاز المخابرات المصرية لم يوقف التواصل مع حماس وقت توتر الأوضاع الأمنية بشمال سيناء، وكانت الترجيحات تشير إلى تورط عناصر قادمة من قطاع غزة، بالتالي فأيّ مسارات قضائية تبقى منفصلة ولن تؤثر على العلاقة في جوانبها الأخرى.
وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن الحركة براغماتية ولديها قدرة على التكيف مع المخاوف المصرية تجاهها، والوضع بالنسبة إلى جهاز المخابرات يعتمد على الفصل بين دور مصر في القضية الفلسطينية وبين أيّ معلومات تتوفر بشأن التخابر، وهو ما ظهر في استقبال القاهرة لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية وعدد من وفود الحركة الفترة الماضية خلال جلسات الحوار مع الفصائل الفلسطينية.
ولا تعوّل حماس كثيراً على التأثيرات السلبية لهذا النوع من القضايا، وتدرك أن المصالح الحيوية مع مصر في الوقت الراهن أكبر من أيّ قضايا يحاكم فيها مصريون كانوا على علاقة بكوادر وقيادات تابعة لها.
Thumbnail
وقال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية منير أديب لـ”العرب” إن قضايا التخابر مع حماس تبقى انعكاساتها بعيدة عن علاقات القاهرة بالحركة على المستوى السياسي، لأن القضاء يحاكم الأشخاص المتهمين، وهم من المصريين ولا توجد علاقة مباشرة بينهم وبين حماس.
وعادة ما تكون قضايا التخابر بوجه عام بحق كل شخص تورط في تسريب معلومات أو تعاون بشكل استخباراتي مع منظمات أو دول تجمعها بالدولة المعنية علاقات صداقة أو عداء.
وشدد منير أديب في تصريح لـ”العرب” على أن الحوارات التي تجريها القاهرة مع حركة حماس لإنهاء الانقسام الفلسطيني أو لإنجاز صفقة الأسرى مع إسرائيل لن تتوقف، كما أن القضايا المرفوعة ضد جماعات أو أشخاص أو ميليشيات لها علاقة بحماس أمام القضاء لن يتم تجميدها، وأن العلاقة بين الأجهزة الأمنية والحركة سوف تمضي من دون أن تتأثر إيجاباً أو سلبًا بهذه القضايا الدقيقة.
وبدأت محاكمة قيادات الإخوان في قضية التخابر مع حماس في السادس عشر من فبراير 2014، وكان من بين شهودها وزير الداخلية المصري سابقا اللواء محمود وجدي الذي أكد في جلسة التاسع عشر من يوليو 2018 أنه علم بوجود تنسيق بين جماعة الإخوان وحماس وحزب الله لاقتحام الحدود المصرية في الثامن والعشرين من يناير 2011.
وأوضح أيضا أن مجموعة من حماس اعتلت ست بنايات في ميدان التحرير الشهير بوسط القاهرة في ذلك اليوم، ومعها عناصر من الإخوان، وألقوا زجاجات حارقة على السيارات واعتدوا على أفراد من القوات المسلحة في الميدان.