fbpx
الأمن يسبق السياسة في عودة السياحة الروسية إلى مصر
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

– دفع التأجيل المستمر لعودة السياحة الروسية إلى المنتجعات المصرية إلى تواتر الحديث حول وجود أهداف سياسية خفية لدى موسكو دفعتها إلى التلكؤ في عدم استئناف الرحلات، وزادت التكهنات في هذا المضمار مع توصل البلدين إلى تفاهمات حاسمة أكثر من مرة للعودة لكنها تتأجل بحجج مختلفة.

 

وقد استقبل مطار الغردقة الدولي أولى رحلات مصر للطيران القادمة من موسكو الاثنين على متنها 290 سائحا روسيا في خطوة أعلنت عن استئناف الرحلات الجوية لنقل السياح الروس إلى منتجعات البحر الأحمر بمصر بعد توقف دام حوالي ست سنوات.

 

ويقول متابعون إن الأهداف السياسية كانت حاضرة وحاولت موسكو تحقيق أعلى استفادة ممكنة من ورقة السياحة الروسية لتدعيم علاقتها الاستراتيجية مع مصر، حيث تدرك أهمية هذه الورقة كمصدر للدخل القومي، غير أن الهاجس الرئيسي كان منحصرا في جودة الإجراءات الأمنية المقدمة لضمان أمان السياح الروس.

 

ويضيف هؤلاء أن توالي زيارات الوفود الأمنية وتفقد الإجراءات المعمول بها في المطارات المصرية يعزز فكرة أن المخاوف الأمنية تسبق المكاسب السياسية، ولم تتخذ موسكو قرار استئناف الرحلات في هذا التوقيت إلا بعد تأكدها من السلامة التامة.

 

هشام زعزوع: تعافي السياحة دليل على احترافية الإجراءات الأمنية

 

ودفع تأكد موسكو من عدم الحصول على تنازلات مصرية تخل بمعادلة التوازن التي تقيمها القاهرة مع القوى الكبرى إلى تليين تشددها في ملف السياحة طالما أن الشروط الأمنية متوافرة في الوقت الراهن كي تحافظ على علاقتها مع مصر التي أصيبت بعض دوائرها بخيبة أمل في موسكو جراء دعمها لإثيوبيا في أزمة سد النهضة.

 

وكشف شهود عيان لـ”العرب” ترددوا على بعض المطارات المصرية في الأيام الماضية، وبينها مطاري الغردقة وشرم الشيخ، أن هناك إجراءات صارمة جرى إدخالها، وتمت زيادة عمليات التفتيش على الركاب وحقائبهم قبل إقلاع أي طائرة.

 

وأشار محمود. أ، وهو مصري يتردد على مطار الغردقة باستمرار، إلى أن التفتيش في آخر رحلاته الجمعة كان أكثر من المعتاد في المرات السابقة، وعندما سأل الموظف الذي يشرف على إجراء للتفتيش يتضمن الوقوف أمام جهاز يقوم الشخص بالاستدارة حوله أخبره وهو يبتسم “كل يوم فيه جديد”.

 

وجرى إنهاء إجراءات وصول الركاب الروس إلى مطار الغردقة بسرعة الاثنين وتقديم كل التسهيلات اللازمة لهم وسط إجراءات أمنية واضحة واحترازية شديدة.

 

ونظمت إدارة مطار الغردقة حفل استقبال للسائحين بالموسيقى والغناء بالروسي وتم تقديم الورود والشوكولاتة للركاب وتوزيع الهدايا عليهم من قبل هيئة تنشيط السياحة.

 

وأوضح رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمصر للطيران عمرو أبوالعينين في تصريحات صحافية أنه لأول مرة تقوم مصر للطيران بتشغيل رحلات منتظمة مباشرة بين موسكو ومطاري الغردقة وشرم الشيخ تزامنا مع قرار عودة تشغيل الرحلات الجوية السياحية بين مصر وروسيا بجانب الرحلات اليومية بين القاهرة وموسكو.

 

وقرّرت مصر للطيران تنظيم سبع رحلات أسبوعيا بين مطار موسكو ومطاري الغردقة وشرم الشيخ بمعدل أربع رحلات أسبوعيا إلى الغردقة وثلاث لشرم الشيخ.

 

وتنظم الشركة الثلاثاء أولى رحلاتها بين موسكو وشرم الشيخ وتحمل على متنها نحو 300 سائح روسي ليتم غلق واحدة من أصعب الأزمات التي واجهتها السياحة المصرية التي كانت تعتمد على كثافة القادمين من روسيا، حيث وصل عددهم إلى 13 مليون سائح في العام.

 

وتحطمت طائرة ركاب روسية فوق صحراء شبه جزيرة سيناء في نهاية أكتوبر 2015 نتيجة عمل إرهابي أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه وراح ضحيته 224 شخصا، وعلى إثره أوقفت موسكو زيارات السياح الروس إلى المنتجعات المصرية لعدم الثقة في الإجراءات الأمنية المتبعة في المطارات المصرية.

 

إدارة مطار الغردقة نظمت حفل استقبال للسائحين بالموسيقى والغناء وتم تقديم الورود والشوكولاتة للركاب وتوزيع الهدايا عليهم من قبل هيئة تنشيط السياحة

 

وسيتم تشغيل رحلات الطيران الروسي إلى مدينتي الغردقة وشرم الشيخ بواقع خمس رحلات في الأسبوع على كل مسار، مع التخطيط لزيادة عدد الرحلات الفترة المقبلة.

 

واستؤنفت الرحلات الجوية بين موسكو والقاهرة منذ ثلاث سنوات بعد تعزيز الإجراءات الأمنية في مطار القاهرة من دون أن يشمل ذلك مطارات أخرى.

 

واتفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره المصري عبدالفتاح السيسي في أبريل الماضي على استئناف الرحلات الجوية إلى منتجعي الغردقة وشرم الشيخ، لكن القرار لم يدخل حيز التنفيذ إلا عندما وقع عليه بوتين منتصف الشهر الماضي.

 

وقال هشام زعزوع وزير السياحة المصري سابقا إن عودة السياحة الروسية إلى مصر رد مباشر على النغمة التي عزفت عليها بعض الجهات بأن مصر تعيش حالة من عدم الاستقرار الأمني، لأن روسيا من أكثر الدول تركيزا على أمن مواطنيها في الخارج، وهو ما يمنح عودة سياحها أهمية كبيرة.

 

وذكر لـ”العرب” أن هذا القرار ستكون له تداعيات إيجابية على الاقتصاد المصري، لأن هناك دولا ستتخذ خطوات مماثلة قريبا، قائلا “إن المكسب الأهم أن العالم كله يعاني انحسارا في حركة السياحة في حين مصر تجذبها”.

 

وأشار زعزوع، وهو مستشار الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية بالشرق الأوسط، إلى أن تعافي القطاع السياحي المصري دليل على التعامل باحترافية مع الإجراءات الأمنية المتبعة، والخطوات الاحترازية لمواجهة كورونا، وأن الخطوات التي اتخذتها الحكومة الخاصة بضخ أموال كبيرة في قطاع السياحة في ذروة الوباء كانت صائبة.

 

وتزامنت عودة السياحة الروسية مع انخفاض ملحوظ في العمليات الإرهابية في سيناء والمدن المصرية الأخرى، وهو ما وفّر انطباعات قوية بشأن الثقة في نجاعة الإجراءات الأمنية المتبعة خارج المطارات أيضا.

وسوم