الأردن يفصل بين تعقب الإخوان ومسارات الإصلاح السياسي
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

تحمل مقاضاة وزير الأوقاف الأردني محمد الخلايلة لحزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، رسالة مفادها أن الحكومة الأردنية تفصل بين تعقب الجماعة المحظورة منذ يوليو 2020، ومسارات الإصلاح السياسي في المملكة.

 

وأثارت دعاوى رفعها وزير الأوقاف الأردني بحق عدد من منتقديه، جدلا حول هامش حرية الرأي في البلاد، ومدى قانونية مقاضاة الوزراء لمعارضي سياساتهم، خاصة في الوقت الذي تشهد فيه البلاد مسارات إصلاح سياسي يستهدف توسيع قاعدة المشاركة الحزبية والحريات.

 

ورفع وزير الأوقاف الأردني شكاوى لدى مدعي عام عمان بحق كل من الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية مروان الفاعوري، والناطق باسم حزب جبهة العمل الإسلامي ثابت عساف، والكاتب الصحافي وائل البتيري، وذلك على خلفية منشورات على صفحاتهم الشخصية في موقع فيسبوك.

 

وأوضح كل من الفاعوري وعساف أن الدعوى المقامة بحقهما جاءت على خلفية منشورين لهما انتقدا فيهما خطبة الجمعة الموحدة، التي قررتها الوزارة في 2 يوليو الماضي عن “طاعة ولي الأمر”، بينما قال البتيري إن شكوى الوزير كانت بسبب منشور انتقد فيه فرض الوزارة رقابة على الكتب والمطويات التي يتم إدخالها إلى المساجد، وحصر وتقييم الكتب الموجودة فيها وفي المصليات.

 

محمد الخلايلة: هؤلاء يحملون فكرا تكفيريا حتى وإن نادى بعضهم بالوسطية

وكان الخلايلة قد قال في عدة لقاءات إعلامية إن عددا من منتقدي خطبة “طاعة ولي الأمر” التي عمّمها على خطباء الجمعة مؤخرا، يحملون فكرا “داعشيا تكفيريا، حتى وإن نادى بعضهم بالوسطية”.

 

وفي الآونة الأخيرة لاقت قرارات وتصريحات لوزير الأوقاف الأردني معارضة واسعة، كإغلاق المساجد بعد فتح قطاعات واسعة في البلاد عقب حظر شامل جراء أزمة فايروس كورونا، وتشديد الرقابة على جمعية المحافظة على القرآن الكريم، وتعميم خطبة جمعة حول “طاعة ولي الأمر” والتي أثارت موجة من الانتقادات للدولة.

 

وتشير مصادر سياسية أردنية إلى أن جماعة الإخوان المسلمين عملت، منذ إعلان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن بعث لجنة ملكية لتحديث الحياة السياسية توكل إليها مهمة إدخال تعديلات على النظام السياسي ما يضم مشاركة أكبر للأحزاب السياسية في الحياة البرلمانية، على إثارة التوترات والقضايا الهامشية في مسعى لإعادة التموقع، علّها تعيد ربط جسور العلاقة مع الحكومة الأردنية وتعود بها إلى ما قبل بداية التوتر في 2011.

 

وتنشد جماعة الإخوان أن تأتي الإصلاحات التي يجري بحثها بما يتماشى مع مساعيها لتهيئة المناخ لحكومات برلمانية، وهو طلب لطالما تمسكت به الجماعة باعتباره السبيل الوحيد بالنسبة إليها للمشاركة في سلطة القرار.

 

ورغم أن السلطة فتحت قنوات تواصل مع الإخوان المسلمين من خلال اللجنة الملكية لتحديث الحياة السياسية، إلا أن محللين يؤكدون أن الأمر لا يعني أن هناك نية لاستيعاب الجماعة مجددا في المشهد السياسي.

 

وتقاطع الحكومة الأردنية جماعة الإخوان، لاسيما بعد قرار صادر من أعلى هيئة قضائية في المملكة يقضي بعدم شرعيتها. وتشير الدوائر إلى أن هناك قرارا من أعلى هرم في السلطة وهو الملك عبدالله الثاني بالتعاطي بمرونة مع مختلف الأطياف السياسية داخل المملكة، بما يشمل الجماعة الممثلة بعضوين داخل اللجنة الملكية للتحديث السياسي.

 

وتقول دوائر سياسية إن هذا الانفتاح الرسمي على الإخوان مجددا بعد قطيعة طويلة نسبيا هو تمش تكتيكي في ظل الظروف الحساسة التي تمر بها المملكة، والتي تفرض تحييد أي أصوات معارضة قد تعمل على تأزيم الأوضاع أكثر.

 

ولا يعني الانفتاح الرسمي على جميع المكونات السياسية بما في ذلك الجماعة أن هناك مصالحة قد تجري بين التنظيم والدولة، لعدة أسباب أولها الأمر القضائي الصادر في حقها ومناخ الثقة الغائب بين الطرفين.

 

وفي يوليو 2020 قررت السلطات القضائية الأردنية حلّ جماعة الإخوان المسلمين التي تشكل مع ذراعها السياسية، حزب جبهة العمل الإسلامي، المعارضة الرئيسية في البلاد.

 

وأصدرت محكمة التمييز، أعلى هيئة قضائية في الأردن، حكما يقضي باعتبار جماعة الإخوان المسلمين منحلة حكما وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية، وذلك لعدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية وفقا للقوانين الأردنية.

 

وفي أبريل 2016 أخلت قوات الأمن الأردنية مقر جماعة الإخوان المسلمين في عمان وأغلقته بالشمع الأحمر. وكانت الأسرة الهاشمية المالكة تتعامل دائما مع الإخوان بحذر وتقترب وتبتعد عنهم بمواقيت ومناسبات مختلفة، واعتبرت أنهم تيار سياسي “فلسطيني” في الأردن، لكن الإخوان تمكنوا من إحداث اختراقات حقيقية في المجتمع الأردني.

 

رهانات خاطئة

ويقول مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي إن قرار المحكمة “رسالة قوية وصادمة للجماعة بأن عليها التفكير جديا الآن بإحداث الفصل بين العمل الدعوي والخيري والاجتماعي والتربوي من جهة، وبين العمل السياسي والحزبي والبرلماني من جهة أخرى”.

 

وأضاف “هناك مطالبات كثيرة بعضها حتى من داخل الإخوان بضرورة الفصل بين الدعوي والسياسي، بأن تختص الجماعة بالجانب الدعوي دون تدخل في السياسة والانتخابات، وأن تختص ذراعها السياسية بالعمل السياسي والحزبي والبرلماني”.

 

واعتبر أنه “من دون الفصل، سنظل على خط صدام بين الدولة والإخوان في ساحات القضاء كما في ساحات وميادين أخرى”.

 

ومنيت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بانتكاسة جديدة، حيث فشلت في تسجيل حضورها ضمن أي من اللجان النيابية الخمس عشرة، وبالتالي باتت عمليا خارج المعادلة البرلمانية.

 

البرلمان المنفذ الوحيد لجماعة الإخوان من خلال وجود نواب لذراعها السياسية، حزب جبهة العمل الإسلامي، لكن الوضع تغير،

وكانت الجماعة، ممثلة في التحالف الوطني للإصلاح، نجحت في حصد ستة مقاعد فقط في الانتخابات النيابية الأخيرة التي أجريت في 10 نوفمبر الماضي، بخسارة نحو ثلثي مقاعدها التي حصلت عليها في الانتخابات التشريعية السابقة (16 مقعدا).

 

ولم تستطع الجماعة تشكيل تحالفات، وهو ما يفرضه النظام الداخلي للمجلس النيابي الذي يشترط تمثيل 10 في المئة من إجمالي أعضاء المجلس، وآلت معظم اللجان إلى النواب الجدد الذين بلغ عددهم 98 من أصل 130 نائبا.

 

ويرى مراقبون أن عدم نجاح جماعة الإخوان في الانضمام إلى اللجان، سيجعلها على الهامش في المجلس، ولن تكون لها القدرة على التأثير خاصة من الناحية التشريعية.

 

ويعد البرلمان المنفذ الوحيد لجماعة الإخوان من خلال وجود نواب لذراعها السياسية، حزب جبهة العمل الإسلامي، لكن الوضع تغير، ولم يعد لهذا الحزب اليوم أي تأثير نيابي، فضلا عن قرارات قضائية تلاحق الجماعة مطالبة بحلها.

وسوم