وحملت أغلب ردود الفعل مؤشرات إيجابية داعمة للرئيس التونسي، وقد امتد الدعم الدولي لتونس بإرسال المساعدات الطبية لمواجهة أزمة فيروس كورونا التي تضرب البلاد منذ أسابيع.

وحصلت تونس على حوالي نصف مليون جرعة من اللقاحات من الإمارات وأعداد مماثلة أيضا من الصين، ونحو 250 ألف جرعة من الجزائر.

وأرسلت كل من مصر والسعودية والكويت والجزائر وألمانيا وإيطاليا وسويسرا مساعدات طبية جوا وبرا، كما قدمت فرنسا وإيطاليا كميات كبيرة من مولدات الأوكسجين، وأطنانا من المعدات الطبية على مدار الأيام الماضية، لتزيد عدد الأسرّة في غرف الإنعاش بمستشفيات العزل من 90 إلى 500 سرير، إضافة إلى إرسال فرنسا أكثر من مليون جرعة من لقاحي جونسون آند جونسون وأسترازينيكا تكفي لـ800 ألف شخص.

وقدرت وزارة الصحة التونسية حجم اللقاحات بحوالي 3.2 مليون جرعة أغلبها من المساعدات المرسلة، بعد تدهور الوضع الصحي لتفاقم الإصابات بكورونا في ظل نقص الأسرّة والمواد والطواقم الطبية ونفاذ مخزون الأوكسجين في المستشفيات.

وفي تصريحات منفصلة لموقع ” سكاي نيوز عربية”، اتفق محللون تونسيون على أن موقف المجتمع الدولي داعم بشكل واضح لقيس سعيد في قراراته ومنقذ للرئاسة التونسية في أزمة كورونا، ما يؤكد على وجود تشاورات سابقة بينه وبين الأطراف الإقليمية والدولية.

دعم واضح

ويرى المحلل السياسي التونسي منذر ثابت، أن الموقفين الأميركي والفرنسي يؤكدان على دعم التجربة السياسية الديموقراطية التونسية وضرورة العودة إلى المسار الطبيعي لمؤسسات الدولة التونسية، وهو الأمر الذي يتفق مع ما يطرحه سعيد بتأكيده الدائم على التمسك بالدستور والقانون والتحرك ضمن مصوغاته، إضافة إلى أن المساعدات في الوقت الراهن هي بمثابة إنقاذ لمواجهة ظرف خطر داهم البلاد.

ويشير ثابت، إلى أن الدعم الدولي وعلى رأسه الأميركي لتونس في أزمة كورونا يؤكد على مساندة واضحة وتفهما لرؤية ولقرارات سعيد، خاصة وأن أزمة كورونا وما تعانيه تونس من شبه إفلاس مالي جاء نتيجة هيمنة حركة النهضة والإخوان على مجريات الأمور في السابق، واصفا الحركة التي يتبها الرئيس التونسي بالحركة التي قادها شارل ديغول لتأسيس الجمهورية الفرنسية الخامسة بعد إفلاس الجمهورية الرابعة نتاج ديكتاتورية الأحزاب وقتها.

ويعتبر أبو الفضل الأسناوي، الكاتب المتخصص في الشأن التونسي، أن الاتصالات والمساعدات التي تلقتها تونس على مدار اليومين الماضيين دليل واضح على رضى المجتمع الدولي على القرارات، نظرا لإقبال أوروبا على اتجاه جديد مناهض لكافة التيارات المتشددة الموجودة في المنطقة وعدم السماح بتكوين نموذج متطرف في تونس مثل سوريا وليبيا.

ويفسر الأسناوي، موقفي الخارجية الأميركية والبرلمان الأوروبي بالاقتناع التام بموقف الرئيس التونسي والتزامه بالدستور في الخطوات التي أعلنت بشأن الحكومة والبرلمان، مشيرا إلى أن الدعم الفرنسي في أزمة كورونا بإرسال المساعدات الطبية مساندة قوية للرئاسة التونسية، لاسيما وأن فرنسا لديها مصالح واضحة من وراء سقوط جماعة الإخوان لمساعي الأخيرة في تعزيز الدور التركي بتونس.

تنسيق مسبق

وأشار وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، في اتصال هاتفي مع الرئيس التونسي، إلى حرص بلاده على تطوير علاقات الشراكة التي تجمعها بتونس على كافة المستويات ودعمها في مواجهة التحديات المزدوجة كأزمة كورونا، وتعزيز القيم والمبادئ المشتركة المتعلقة بالديموقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان.

كذلك قالت الخارجية الفرنسية، في بيان، إنها تقف بجانب التونسيين في مواجهة التحديات الراهنة مع استمرار الوضع الوبائي لفيروس كورونا في تونس، مؤكدة على علم فرنسا بقرارات الرئيس التونسي والمتابعة الدائمة للموقف، إضافة إلى أهمية التركيز لمواجهة الأزمة الصحية الحالية وضرورة العودة إلى العمل الدستوري وتجنب العنف.

ومن جانب آخر أعلن متحدث باسم صندوق النقد الدولي استعداد الصندوق لمواصلة مساعدة تونس في التغلب على تداعيات أزمة فيروس كورونا، مؤكدا على مراقبة تطورات الوضع في تونس خاصة مع مواجهة ضغوط اجتماعية واقتصادية على رأسها تداعيات أزمة كورونا التي تسببت في إصابة أكثر من 550 ألف تونسي ووفاة نحو 18 ألف شخص.

ودعا ديفيد ساسولي، رئيس البرلمان الأوروبي، إلى الحوار بين جميع الأطراف في تونس، مشددا على ضرورة الكفاح ضد الوباء ومن أجل مصلحة الشعب التونسي محور كل العمل السياسي.

ويوضح بلحسن اليحياوي، المحلل السياسي التونسي، أن الترحيب الدولي لحركة سعيد يشير إلى ثمة مناقشة وتشاور مسبقة بين سعيد والقوى الإقليمية والدولية وأن الأمر لم يأتي ارتجاليا، خاصة وأن البيانات الدولية احتفظت بلغة متوازنة تحذر من الانزلاق إلى العنف وتجنب الصدمات ولم تجرم ما حدث نظرا لأن القرارات تمت وفقا للدستور التونسي.

ويقول اليحياوي إن “موقف فرنسا وألمانيا وأميركا إيجابي إلى حد بعيد، بعد التقييم السلبي لحركة النهضة في إدارة كافة الأزمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية واستشعار تلك الدول بتهديد مصالحها في المنطقة، ما يشير إلى انتهاء وجود الإخوان في المنطقة بلا رجعة والخروج من دائرة صنع القرار السياسي في تونس”.

ويجد منذر ثابت، أن دعم المجتمع الدولي يظل أيضا مشروطا في ظل إطلاق حوار شامل، وهو ما يتفق مع ما يسعى إليه الرئيس التونسي لإنجازه بصفة انتقائية، ويساعده عرض خارطة طريق واضحة مخرجاتها دعم الانتقال الديموقراطي في الحصول دعم نوعي لينجح في إنجاز خطة الإصلاح والإنقاذ.

ويرى الأسناوي، أن الدعم الدولي لقرارات سعيد تؤثر على اتجاهين، الاتجاه الأول يتعلق بطمأنة الشارع التونسي ما ينعكس إيجابيا على موقفه من مساندة سعيد، والاتجاه الثاني يمثل مؤشر ارتباك لحركة النهضة التي تسعى لقلب الصورة أمام الرأي الدولي بوصف ما حدث بأنه غير قانوني، لتفسد التحركات الدولية الداعمة محاولات النهضة في تزييف الحقائق.

وكان الرئيس التونسي، قد أعلن الأحد، في خطاب إجراءات استثنائية يقتضيها الوضع في تونس متمثلة بتجميد كل سلطات مجلس النواب، ورفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان، وإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه، بعد اندلاع مظاهرات عنيفة في عدة مدن تونسية لتدهور الأوضاع الصحية والاقتصادية والاجتماعية.

وفي المقابل اتهم رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي الرئيس بالانقلاب على الثورة والدستور، ملمحا إلى دفع أنصاره من حركة النهضة بالنزول للشارع لرفض قرارات سعيد.