fbpx
التشابه والاختلاف بين السيسي وقيس سعيد لتقويض الإخوان في مصر وتونس
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن قرارات مصيرية استهدفت ضبط الخلل في بعض مفاصل الدولة مساء الأحد، دخلت قطاعات عديدة في مقارنات بين ما جرى في القاهرة قبل ثمانية أعوام ضد جماعة الإخوان عندما كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وزيرا للدفاع وقتها، وبين ما يدور في تونس حاليا من تفاعلات على إثر الخطوة الأخيرة لتقويض هيمنة حركة النهضة الإخوانية.

 

وعبّر البعض من التونسيين عن أمنياتهم وانزعاجهم من تكرار النموذج المصري الذي قضى على جماعة الإخوان في التمكين والسيطرة على دواليب الدولة وتسبب في خمول الحياة السياسية بصورة كبيرة.

 

لكن المقارنة بين الحالتين أو الحدثين تجعل النتيجة متباعدة، فلكل بلد خصوصية مجتمعية وأجواء سياسية وأمنية مختلفة تتحكم في تحديد الخيارات المناسبة له، أدت إلى نجاح التجربة الأولى بينما تواجه التجربة الثانية (تونس) تحديات كبيرة تجعل الشبح المصري بعيدا ومقيدا بضوابط تضاعف من صعوبة إعادة إنتاج السيناريو ذاته.

 

واعتمدت الخطوة المصرية على قوة المؤسسة العسكرية المتداخلة في الكثير من مناحي الحياة وتحظى بتقدير عاطفي لدى فئات كثيرة من المواطنين ويعتبرونها المنقذ في المنعطفات الخطرة، في حين ينأى الجيش عن الحياة السياسية في تونس، ما جعله غير متشابك كثيرا في جوانب لا تتعلق بطبيعة عمله المهني المباشر.

 

ويقول مراقبون إن الرئيس قيس سعيد لم يكن ليقدم على قراراته دون الحصول على دعم قوي من قيادات نافذة في المؤسسة الأمنية، بشقيها العسكري والشرطي، لأن القرارات تحتاج إلى قوة لتنفيذها على الأرض والتصدي لرفض حركة النهضة لها والتي أكدت رفضها منذ البداية ولوحت بالنزول إلى الشارع كنوع من الاحتجاج والمواجهة، وهو ما دعا قيس سعيد إلى حق قوات الأمن في مبادلة الرصاصة برصاصات كثيفة، في إشارة إلى الإصرار على الثقة في المؤسسة الأمنية.

 

تهيئة الأجواء السياسية

Thumbnail

تقلل النقطة السابقة من مساحة الفجوة التي يرددها البعض بأن التعامل المصري مع الإخوان اعتمد على الخشونة وقوة المؤسسة العسكرية، وهي ملاحظة صحيحة بالطبع، حيث انحاز السيسي كوزير للدفاع في ذلك إلى حركة التململ في الشارع من حكم الإخوان، وشارك الرجل في عملية الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي في الثالث من يوليو عام 2013 بإحكام توافرت له القوة والإرادة والرغبة الشعبية في الشارع.

 

أعلن الجيش دعمه بوضوح لعزل مرسي وتجميد كافة قراراته بعد أن نزل الملايين من المصريين إلى الشوارع والميادين وطالبوا بهذا العزل الذي توافرت له إرادة سياسية ودينية لا تقل عن وقوف الجيش ضد الإخوان أو خروج الناس عليهم، حيث اجتمع أكبر رمزين في المؤسستين المسلمة والكنسية (شيخ الأزهر وبابا الكنيسة المصرية) مع محمد البرادعي كرمز سياسي جذاب وكبار قادة الجيش معا، وأعلنوا بيان 3 يوليو الذي أنهى حكم الإخوان في مصر.

 

استفاد الرئيس سعيد من خروج المئات من التونسيين الأحد وتظاهروا أمام مقار عدة تابعة لحركة النهضة احتجاجا على ما وصلت إليه البلاد، واعتبر ذلك إشارة داعمة إلى الإعلان عن قرارات ظلت تراوده منذ أشهر، وقد يكون هذا الخروج منظما لتبرير موقفه في أن الأوضاع وصلت إلى درجة عالية من التدهور.

 

لم تصل تونس إلى مستوى تجميع نخبة واسعة لتمرير القرارات على الطريقة المصرية، لكن كان لافتا أن إعلانها تم في حضور قيادات أمنية كدليل على الحسم.

 

وينشط المجتمع المدني في تونس بصورة كبيرة وتحتفظ البلاد لنفسها بمناعة ذاتية ضد كل من يقترب من تجربتها السياسية وديمقراطيتها التي تراكمت على مدار سنوات، بصرف النظر عن هويته.

 

علاوة على أن الرئيس قيس سعيد مدني ومنتخب ويعرف القيمة القانونية والسياسية لاحترام هذه الخصوصية، وهي زاوية أخرى تميز تونس عن النموذج المصري الذي كان السيسي في مقدمة من أسهموا في نجاحه عندما كان يشغل منصب وزير الدفاع، وهو ما أسبغ طابعا عسكريا على الخطوة المصرية.

 

تفسيرات متعارضة

Thumbnail

تمنح الصفة المدنية للرئيس قيس سعيد في الحالة التونسية أهمية لقراراته وليس العكس، وتجعل خطاب من يصفونه بـ”الانقلابي” على الدستور والثورة غير دقيق، فالرجل اعتمد على وقائع خطيرة تهدد الأمن القومي، وتفسيره للمادة 80 (المطاطة) في التأويل القانوني يلقى قبولا من شريحة كبيرة من النخبة والمواطنين، على الرغم من وجود تفسيرات مناهضة لذلك.

 

تحيط بالخطوة التونسية حالة من الصمت الإقليمي والدولي نسبيا، بعيدا عن أتباع الإخوان في العالم بألوانهم المختلفة، ولذلك يفسر الصمت على أنه موافقة ضمنية على الخطوة، في هذه الحالة سيكون الطريق مفتوحا أمام نجاح قرارات الرئيس قيس سعيد، بما يضّيق الخناق على تحركات حركة النهضة في توظيف المجتمع الدولي لصالحها.

 

في المقابل، شهدت الحالة المصرية عاصفة من الرفض الدولي استمرت سنوات، ومع أنها لم تكن سابقة في تاريخ التغيير بهذه الطريقة في المنطقة، غير أن الرفض لها بلغ حدا يقترب من حصار الدولة المصرية سياسيا وحمل معه تداعيات عانى منها النظام الحاكم الذي جاء تاليا للإخوان.

وسوم