fbpx
أردوغان يريد تغيير قواعد مفاوضات السلام في قبرص
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

يتوجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء إلى فاروشا المدينة التي تشكل رمزا لتقسيم قبرص، في زيارة تعكس تمسكه بحلّ الدولتين في الجزيرة ومساعيه لترسيخ حضور بلاده في شرق المتوسط.

 

ولا يروق وضع الجزيرة الحالي للرئيس التركي الذي يدعو إلى التفاوض من أجل حل الأزمة القبرصية على أساس دولتين، فيما يتمسك القبارصة اليونانيون بالحل على أساس نظام الفدرالية.

 

ويرى أردوغان في اعتماد النظام الفدرالي إضعافا لنفوذ أنقرة في الجزيرة، حيث أكد في وقت سابق أن التفاوض على الأسس القديمة أثبت فشله.

 

ويشير مراقبون إلى أن حل الدولتين في قبرص يخدم أطماع أردوغان في وضع يده على الغاز شرق المتوسط، أين يخوض صراعا مع أثينا ونيقوسيا بشأن حقوق التنقيب.

 

وكانت نيقوسيا والاتحاد الأوروبي قد حذرا تركيا قبيل زيارة أردوغان المرتقبة بأنهما “لن يقبلا أبدا وعلى الإطلاق بحلّ الدولتين”، حيث يطالبان باعتماد نظام فدرالي يجنب الجزيرة التقسيم ويضمن لجميع مواطنيها الوحدة.

 

ومنذ 1974 وغزو الجيش التركي للثلث الشمالي من قبرص ردا على انقلاب نفذه جنرالات قبارصة يونانيون بهدف ضمها إلى اليونان، خلت مدينة فاروشا الساحلية من سكانها وأصبحت منطقة عسكرية مطوقة بالأسلاك الشائكة تقع تحت السيطرة المباشرة للجيش التركي.

 

وتقع المدينة حاليا في أراضي “جمهورية شمال قبرص التركية” المعلنة من طرف واحد منذ 1983 ولا تعترف بها سوى تركيا. وسيزور أردوغان المنطقة التي ينتشر فيها عشرات الآلاف من العسكريين الأتراك.

 

نيكوس أناستاسيادس: نحن في حالة تأهب، نراقب عن كثب وسنرد وفق ما سيعلنه أردوغان

 

ويقول مؤسس مركز الأبحاث جيوبوليتكل سايبرس يانيس يوانو إن أردوغان الذي يتزامن وصوله مع الذكرى السابعة والأربعين للغزو “سيعلن بالتأكيد إعادة فتح أجزاء جديدة من المدينة” بعد فتح قسم صغير منها في أكتوبر. ويضيف أن “رسالته واضحة، فهو يريد تغيير قواعد المفاوضات مستقبلا”. وبالنسبة إلى الحكومة القبرصية اليونانية، تشكل إعادة فتح المدينة “خطا أحمر”.

 

وردا على أسئلة صحافيين حول زيارة الرئيس التركي، قال الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس الخميس “نحن في حالة تأهب، نراقب عن كثب وسنرد وفق ما يعلنه”.

 

ولم تنجح الأمم المتحدة في أبريل في جمع القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك لبدء جولة جديدة من المحادثات. وكانت الجولة الأخيرة في 2017 فشلت بعد انسحاب أناستاسيادس من طاولة المفاوضات.

 

ويرى يوانو أن “أردوغان خلص إلى أن القبارصة اليونانيين لا يريدون السلام بل الحفاظ على الوضع الراهن الذي يناسبهم”. ويضيف “لذلك يرد ملوحا بورقة فاروشا”.

 

وخلال زيارته الأخيرة إلى فاروشا في نوفمبر، أشار أردوغان إلى أنه “سيتم دفع تعويضات” إلى القبارصة اليونانيين الذين خسروا أملاكهم في المدينة.

 

ويرى رئيس معهد سايبرس بوليسي سنتر القبرصي التركي أحمد سوزن أن أردوغان يدرك أن اقتراحه غير مقبول لغالبية السكان السابقين وهو لم يقدمه إلا ليندد لاحقا بـ”عدم استعدادهم” لتسوية المسألة.

 

ويضيف سوزن أن زيارة الرئيس التركي فاتحة “مرحلة مساومات شاقة”. ويردف أن “أردوغان يريد بدء جولة المفاوضات المقبلة في موقع قوّة وفرض حلّ الدولتين”.

 

ورغم أن سلطة جمهورية قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي تشمل كامل الجزيرة نظريا، إلا أنها لا تمارس سلطتها عمليا سوى على القسم الجنوبي من الجزيرة الذي يفصله عن جمهورية شمال قبرص التركية “خطّ أخضر” تراقبه الأمم المتحدة.

 

وأطلقت سفينة تركية عيارات تحذير الجمعة ضد دورية لخفر السواحل القبرصي في سواحل غرب الجزيرة، وهي حادثة نادرة تظهر وفق حكومة جمهورية قبرص “السلوك العدواني” لأنقرة التي نفت حصول الأمر.

 

ويقول المحلل القبرصي التركي كمال بيكالي “ننسى أن قبرص تعيش نزاعا مجمّدا يمكن أن يتحول إلى حرب حقيقية في أي وقت”. ويضيف أن “السماح لتركيا بقيادة الملف، سينتهي بسيطرتها على جزيرة أوروبية”.

 

وبعيدا عن النزاع القبرصي، تتجه الأنظار نحو زيارة أردوغان إلى فاروشا لمعرفة ما يمكن أن يقوله أيضا عن طموحه لترسيخ دور تركيا في شرق المتوسط حيث أثار اكتشاف حقول غاز في السنوات الأخيرة شهية دول المنطقة.

 

ويقول الباحث سوزن إن “تركيا تصارع التكتل الجديد الذي تشكل حول قبرص بشأن قضية الغاز”. ويضيف “إنها تشعر بالعزلة ومستعدة لاستخدام كل الوسائل للضغط على قبرص، مثل فاروشا”.

 

حل الدولتين في قبرص يخدم أطماع أردوغان في وضع يده على الغاز شرق المتوسط، أين يخوض صراعا مع أثينا ونيقوسيا بشأن حقوق التنقيب

ومع إبرام اتفاق أنبوب غاز شرق المتوسط (اليونان وقبرص وإسرائيل) والاتفاقيات الثنائية الأخرى، أصبحت نيقوسيا جزءا من تحالف إقليمي، ما يثير استياء أنقرة كثيرا. وبلغ التوتر بشأن مسألة استكشاف حقول الغاز المحتملة ذروته في أغسطس 2019 بتنظيم تركيا واليونان مناورات عسكرية.

 

ويختم بيكالي بالقول إن ما يجري شبيه بـ”لعبة ورق”، مشيرا إلى أنه “سيكون القبارصة، وخاصة سكان فاروشا السابقين، أكبر الخاسرين”.

 

ويرى متابعون أن أردوغان يرى في قضية قبرص العالقة متنفسا جديدا لمواصلة التوسع الخارجي بعد أن فرض تدخله المباشر في كل من ناغورني قره باغ وليبيا تغييرا في موازين القوى على الأرض. ويشير هؤلاء إلى أن الرئيس التركي المحاصر بأزمات داخلية حادة بحاجة إلى جبهة توتر جديدة للتغطية على أزمات الداخل المستفحلة.

وسوم