fbpx
وحدة الصف الجنوبي، وتدخلات الإقليم

 

كتب/ علي عبد الله البجيري

في إطار جهود القوى السياسية الجنوبية لاستكمال تنفيذ مضامين اتفاق الرياض، دعا المجلس الانتقالي قادة القوات الجنوبية والأمنية في محافظة أبين إلى اجتماع عقد في عدن، بهدف تدارس الوضع العسكري والأمني ووضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة، تتوافق والمستجدات السياسية والأمنية، والتي من شأنها ان تتضمن خطوات عملية لا بد من اتخاذها والعمل بموجبها وبما تمليه المصلحة الوطنية الجنوبية العليا.

يُدرك ابناء الجنوب تماماً أن ما تم تنفيذه في اطار اتفاق الرياض حتى الآن لم يكن بما فيه الكفاية، متيقنون من إن هناك استحقاقات لا بد لها ان تتحقق، وفي مقدمتها انسحاب القوات الشمالية وتوجيهها صوب جبهات القتال لتحرير العاصمة صنعاء، كما ان هناك تفاهمات ذات علاقة بطبيعة المفاوضات السياسية والأمنية مع الشرعية اليمنية بشأن ملفات إعادة الإعمار، والمعايير الخاصة بالانتقال إلى التسوية المفترضة بين الطرفين، ووقف ما استغلته الشرعية الإخوانية لفرض سياسة الأمر الواقع في شبوة وحضرموت والمهرة. جميع تلك القضايا الحساسة من المهم الفصل فيها، بما تقتضية المصلحة الجنوبية العليا.
‏ولما له من اهمية لتوحيد رؤى القوى السياسية الجنوبية تجاه تلك القضايا، فإنه من المهم بمكان ان تتفق القوى الجنوبية على مناقشة كل ما من شأنه يتعلق بمستقبل الجنوب، في إطار مؤتمر جنوبي جامع، يضمن ان يكون القرار بشأنها قرارا موحداً، ويعزز من وحدة الصف الجنوبي الواحد، ويأمن إنهاء التباينات تجاهها. لذلك فإننا نعول كثيرا على دور لجنة الحوار الجنوبي الجنوبي التي شكلها رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والمكونة من شخصيات وطنية واكاديمية. وبتشكيل هذه اللجنة وتحديد مهامها، فإن الكرة اصبحت اليوم في ميدان القوى السياسية الجنوبية الاخرى التي تدعوا الى وحدة الصف واللحمة الجنوبية.
من ناحية اخرى فإن لموقف دول الإقليم ان وجد لديها حرص ورغبة في إنجاح العملية السياسية ووقف النزاع الجنوبي مع الشرعية اليمنية، دور هام للانتقال من حالة تثبيت وقف إطلاق النار في ابين شقرة وانهاء النزاع المسلح بين الطرفين، والإنتقال الى بحث الملفات الحيوية الأخرى، المتمثلة في ملف الخدمات ( الكهرباء والماء والمرتبات) وإعادة بناء ما دمرته حرب الغزاة عام 2015م. وفي مقدمة تلك الملفات الملف الاهم والأكبر وهو المتعلق بمستقبل شعب الجنوب وحقه في تقرير مصيره. كل هذه الملفات تعتبر قضية الساعة بالنسبة لكل مواطن جنوبي.. بل نخشئ ان يكون للشقيقة الكبرى راي آخر يختلف عن تطلعات الجنوبيين ، لاسيما ما جاء في مضمون بيان الخارجية السعودية الذي يلقي باللوم على الانتقالي بما ادعاه البيان من التصعيد وإصدار قرارات تخالف ما اتفق عليه في اتفاق الرياض. نأمل ان لا يعتبر هذا التصريح انحيازا مقصود لأحد أطراف النزاع، بما يؤدي إلى التصعيد من وتيرة الخلافات ولا يخدم خطوات تنفيذ اتفاق الرياض، وفي الوقت نفسه يفقد الوسيط السعودي حياديته.
ان مهمة الوسيط هو التوفيق بين أطراف النزاع وجمع القواسم المشتركة وتحويلها إلى مشاريع قابلة للتنفيذ على الأرض ، إلا أن الايعاز إلى ” أمريكا وفرنسا وبريطانيا بإرسال رسائل سياسية مماثلة للبيان السعودي،لاتخدم التسوية السياسية ولا تصنع السلام.
هناك جملة من المعايير السياسية على الوسيط مراعاتها:
اولاً: تسهيل اجراء الحوار والمساعدة على التوصل لرأي متفق عليه، ثم التقاط القواسم المشتركة وتحويلها إلى مشاريع قابلة للتنفيذ.
ثانياً: حث أطراف النزاع على ضرورة تسوية القضايا العالقة بما ينعكس ايجابا على الوضع السياسي المتأزم في البلاد.
ثالثاً : ان يسعى الوسيط إلى المحافظة على العلاقات المشتركة التي تجمع بين طرفي النزاع ، لا أن يكون جزء من المشكلة.
وبالقدر الذي ندعو فيه الى إستمرار التشاور والتنسيق مع دول الجوار حول أهم القضايا في إطار الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤوننا الداخلية.فإننا ندعوا ابناء الجنوب إلى التكاتف وتوحيد الصف والوقوف وقفة المصير الى جانب قواتنا الجنوبية الباسلة في كل الجبهات ورفدها بالرجال والمال والسلاح.
والخلاصة.. على ابناء الجنوب اليوم النظر إلى حقائق الاحداث من حولنا والتوقف عن المشاركة في فتح جبهات اخرى ليس لنا فيها ناقة ولاجمل، وعلى القوى السياسية الجنوبية الترفع عن الأحقاد والمصالح الشخصية والضغائن الذاتية والتوقف عن التشكيك والتخوين وإطلاق الاتهامات، فالخطر يحاصر بلادنا من كل الاتجاهات والهدف الجنوب وثرواته وممراته الاستراتيجية.