fbpx
حوار بين – ( الأسد والذئب والثعلب والكلب والأرنب )..!!

فضل محسن المحلائي

يقال العهدة على الراوي إن حواراً قصيراً ولكنه شيقاً وماتعاً ومعمقاً فيه من المكاشفة والمجازفة والطرح الجاد والحاد  قد جرى على طاولة مستديرة بين كل من الأسد والذئب والثعلب والكلب والأرنب.

 

وكان يومها الذئب أول المتحدثين يخاطب الكلب معاتباً  إياه فقال له : يا أبن العم كيف وجدت بني البشر ؟! – أجابه الكلب والله أني أسمعهم عندما يحتقرون أية إنسان فهم يضربون به أمثال السوء وينعتونه ويصفونه بأقذع الأوصاف والأمثال الهابطة  المهينة والمشينة يقولون له : ( ذيل الكلب من قحسوسه – ذيل الكلب عمره ما يعتدل ) – وأحياناً أخرى يقولون له : ( يا كلب يا أبن الكلب ) – الذئب هل أكلت أحد من أبنائهم أو نسائهم أو رجالهم أو أنعامهم ؟!- الكلب لا والله يا أبن العم ما أكلت أحداً منهم ولا من أغنامهم , هل غدرت بهم ؟!-

الكلب لك يمين القسم ما غدرت بأحدِ منهم , الذئب هل حرستهم من هجمات الأعداء واللصوص والسباع والضباع ؟!- الكلب نعم حرستهم في صحوهم والمنام وتحملت زمهرير الشتاء وطقسه البارد وتجشمت عناء حرارة الصيف وسموم رياحها إكراماً لخاطر عيونهم السود .

 

الذئب يسأل الكلب وماذا يطلق الناس على الشجاع والصنديد الفطن منهم ؟!- والله يا سيدي يطلقون عليه – ( الذئب ) – الذئب ألم أنصحك يا أبن العم منذ البداية بأن تبقى معنا ذئباً ولكنك تمنعت ورفضت نصيحتي فأنا كما تعرف قد فتكت بأطفالهم ونسائهم ورجالهم ومواشيهم وغدرت بهم مراراً وتكراراً وهم يصفون أبطالهم وأشاوسهم تيمناً بي أنا الذئب أبن الذئب وعليك أن تعلم أيها الكلب أن بني البشر يعبدون جلاوزتهم وجلاديهم ويهينون من يكون أميناً , وفياً لهم .

 

ثم إن قال الذئب للكلب وماذا تقول الناس عن الأسد؟!- أحمرت عينا الأسد وتطايرت ناراً وشراراً هر الكلب هريراً وأرتعدت فرائصه وقال وماذا عساهم أن يقولون على أبا – ( الحرث ) – إلا خيراً فكما تعرف أنهم يطلقون عليك ملك الغابة وصاحب اليد الطولى والأنياب والمخالب والنفس الوثابة ويضربون بك الامثال والأقوال فعندما يصفون أحد منهم بالشجاعة والإقدام والجود والكرم يقولون : ( ذاك الشبل من ذاك الأسد – وهذا الأسد هو أبن الأسد ) – أصيب الأسد بحالة من الغرور والخيلاء وجادت قريحته فتداخل في الحديث بين الذئب والكلب فقال واصفاً نفسه أنا الشديد القسورة أنا من جعل الحُمر الوحشية دوماً مني مستنفرة , أنا من يطلقون عليّ الناس الحمزة والحيدر والغضنفر والهزبر والفرافص وهذه كلها من أسمائي وصفاتي.

 

ثم قال الأسد مخاطباً الثعلب وأنت يا أبا – ( ثعالة ) – ماذا يقولون عنك الناس ؟!- قال الثعلب يا أبا الحرث وأنتم أعلم مني في هذه الغابة أنني آكل صغار خرفانهم وجديانهم وأسطو على دجاجهم وأنتف ريش ديكانهم والتهم لحومها وكما تعرف يطلقون عليّ أسماء عديدة منها ثعالة والثعلب والحصين والدرين والشفس والثعلي .

 

أنهم يتفاخرون ويتباهون بي فعندما ينادون أحداً منهم يتسم بالمكر والخديعة والذكاء والدها ء مثلي أو لديه صفه من صفاتي ينادونه ويطلقون عليه – ( ثعالة والثعلب ) – وهذا من باب التكريم والتشريف والتعظيم والتبجيل لذاتي .

 

فهم يصفوني دوماً بالثعلب المكار وهذا دلالة على ذكائي ودهائي تارةً أخرى الثعلب يخاطب الكلب أيها الكلب ألم تقرأ أو تسمع إن ( ميكافلي ) – في كتابه ( الأمير ) – قد قال كن ثعلباً للتقي الشراك وكن ذئباً لتخيف الثعالب وكن أسداً لتفترس الذئاب ولا تكن كلباً حارساً وتابعاً لسيده يحتقرك ويحتقرونك الآخرين ويرجمك ويرجمونك الآخرين وحذاري أن تكون أرنباً وديعة يضعوك في قفص الزينة أو يذبحوك ويطهوك لحماً مشوياً ويقدمونك على مائدة الطعام الكلب هههههههه.

 

الثعلب هل سمعت أيها الكلب بهذا الكتاب وكاتبه ؟!- وهل قرأت أو سمعت بكتاب ( برتكولات حكماء بني صهيون ) – لكاتبه الفرنسي ( ريه جارودي ) ؟!- الكلب لا والله يا سيدي ما سمعت بهاذان الكتابان ولا بكاتبيهما , ثعالة يا كلب يا ابن الكلب الم تقراء او تسمع بكتاب الهالك عفاش (خطوة إلى الامام وسبعة وعشرون خطوة إلى الوراء ) ــ والله نعم يا سيدي سمعت به ولكني لم اقراءة ،  ثعالة أنصحك أيها الكلب بأن تقرأهما مرات – ومرات لكي تتعلم فنون السياسة ومعنى الخساسة ومهنة النجاسة لتتحرر من ربق العبودية وتنفك من عروة ورباط أسيادك .

 

نهاية الحوار والخوار قالوا جميعاً الأسد والذئب والثعلب والكلب وأنتي يا أرنب ماذا يقول عليك الناس ؟!- قالت بيقولون عني أنني – ( أرنوبة الحبوبة ) – المسكينة التي لا حول لها ولا قوة , التي لا تهش ولا تنش وأن كل ما جاء أحد إلى جحري بي لطش وكمان عادهم يضربون بي أمثال التصغير من باب الشماته فكل جبان منهم ورعديد يقولون له : ( ما لك وما له هذا أرنب ) – من باب التحقير , قالوا لها ونحن الأربعة الحررة البررة القاعدين معك الآن تحت هذه الشجرة ماذا تقولين على كل واحد منا ؟!- قالت الداخل بينكم بكلام الحق خاسر ولكن كلكم تاج على رأسي وذخري وكل باسي , أنتم نظر عيوني وأهداب ورموش جفوني بس بصراحة – بصراحة – بصراحة والصراحة فيها راحة أني من تزوج منكم أمي با – أدعيه يا عمي وأجهشت بالبكاء ..!!.

الهامش :

  • هر : يقال هر الكلب والهرير هو صوت الكلب دون النباح يضرط ويسلح من فرط الخوف من الأسد .
  • أبا الحرث : كنية من كنيات الأسد .

 

فضل محسن المحلائي