fbpx
لقاءات الرياض بين الترغيب والترهيب. والانحياز المكشوف

 

كتب/ علي عبد الله البجيري

ماذا يدور في أروقة المملكة حول مجريات الأحداث في الجنوب؟ وكيف يفكر سياسيوها تجاهها؟ وهل البيان الصادر عن وزارة خارجية المملكة مؤخرا يعكس موقفها المبطن تجاه المجلس الانتقالي الجنوبي، حين اعرب البيان عن الامتعاض من القرارات التي اتخذها الرئيس عيدروس الزبيدي، معتبرها لا تنسجم مع ما تم الاتفاق عليه بين طرفي اتفاق الرياض.. مع الأسف موقف غير محايد ان لم يكن منحاز كليا إلى جانب شرعية الاخوان اليمنية.
ها نحن نلمس التعامل المزدوج للمملكة السعودية حيال طرفي اتفاق الرياض، فهي من ناحية تغض طرفها عن انتهاكات الشرعية الاخوانية المتعلقة بالقرارات الانفرادية التي اصدرتها بشان تعيين محافظ للمهرة، وتعيين نائب عام وتعيينات اخرى ، وتخليها عن واجباتها تجاه الخدمات وعرقلة اعمال المؤسسات، وهروب الحكومة من عدن خوفا من الاحتياجات الشعبية المطالبة بأبسط الحقوق الانسانية، المرتبات والماء والكهرباء” علاوة على ما تقوم به من حشود عسكرية في مدينة شقرة تهدد الامن وتزعزع الاستقرار. ومن ناحية اخرى فالمملكة ترى في تلك الإجراءات او القرارات التي يصدرها المجلس الانتقالي لترتيب بنيته الداخلية، بانها أفعال لا تنسجم مع ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين ، والسؤال وماذا عن تصرفات الشرعية الاخوانية، فمن شروط الوساطة عدم الكيل بمكيالين لمن يدعي انه وسيط ..صحيح ان الانتقالي يرفع أعلامه الجنوبية ويصدر قراراته الداخلية، ولكن شرعية الاخوان تزحف على الأرض وتستولي على الثروات وتشن حرب الخدمات فأين الانصاف وحكمة ونزاهة الوسيط المؤتمن ؟!.
كنا نتمنى على المملكة السعودية أن تلعب دور حيادي صادق وان تكون أكثر وضوحاً وحسماً في ما يتعلق بوجود المليشيات الإخوانية التي تتشكل وتتوسع وتنشئ المعسكرات في المحافظات الجنوبية، واخر أعمالها اقتحام مديرية “لودر الجنوبية المحررة” في محافظة ابين.. لا أن تكتفي بالدعوة إلى عقد اجتماعات تلو الاجتماعات في الرياض، في مضيعة للوقت واللعب على التناقضات لأهداف باتت معروفة لكل ذي بصر وبصيرة.
ما نراه هو “ممارسة الضغوط” على الانتقالي بهدف تجاوز موقفه دون تنفيذ الشق الآخر من اتفاق الرياض والمحدد في خروج القوات الشمالية من على الاراضي الجنوبية وتوجيهها إلى جبهات القتال لمواجهة المليشيات الحوثية باتجاه تحرير عاصمة اليمن صنعاء.
لم تكن لقاءات الرياض بمستوى التحديات التي نراها على الأرض، فالحكومة الشرعية الإخوانية والحكومة الحوثية وجهان لعملة واحدة، وهما من يتبادلا المصالح والمنافع من ثروات واتاوات تفرص على شعب مختطف من المليشيات والشرعية معا.
أن أبناء الجنوب يرون أن بلادهم اصبحت رهينة لتدخلات إقليمية تقف حجر عثرة أمام إعادة بناء دولتهم بحدودها من المهرة حتى باب المندب، وأن كل الجهود المبذولة لتنفيذ اتفاق الرياض لا قيمة لها من دون وقف توغل القوات الاخوانية على الأرض الجنوبية، فتطبيق اتفاق الرياض مرهون بموقف الوسيط السعودي وممارسة نفوذه لدى الشرعية الإخوانية، وتوجيه قواتها ومليشياتها صوب أهداف عاصمة الحزم” إن كانت لاتزال العاصفة على قيد الحياة” فلا يمكن أن يقبل ابناء الجنوب المساس بقواتهم ” وتكرار سيناريو ما حدث للقوات للجنوبية في 1990م
ولنا فى هذا السياق عدد من الملاحظات:
اولا”: اذا كان لايزال من عرق ينبض ” لعاصفة الحزم” فالعدو ومواقعه وقواعده لاتحتاج إلى أشعة ليزر او أقمار اصطناعية للكشف عنها.
ثانياً: من الواضح أن لقاءات الرياض لم تتمكن من حسم المعضلات الحقيقية والاعتراف بالأمر الواقع وبالقوى الفاعلة على الأرض. فسياسة الترقيع والتهديد والوعيد ولى عهدها.
ثالثاً : لا يمكن القول إن لقاءات الرياض قد شكّّلت تحولاً إيجابياً، يعزز المسار السياسي، ويؤدي إلى تفعيل دور حكومة معين عبد الملك المتوغلة في اتون الفساد؛ واي مراهنة على دور لحكومة فاسدة ، مجرد سراب من التمنيات والاوهام .
رابعاً: نعلم بان هناك مصالح إقليمية، علاوة على الرغبة في تعزيز التواجد والنفوذ على الأراضي الجنوبية، ولهذا فان المملكة تراهن على وجود قوى يمنية تأتمر بامرها ويتم توجيهها بالريمونت كنترول بعد تكبيلها بالمصالح المادية والوجستية.
خامساً: ما نراه اليوم هو إن الجنوب قد تحول إلى ساحة للصراع منقسما على نفسه بين محافظات شرقية واخرى غربية متنافرة، وعلى أراضيها جيوش متناحرة تتسابق على مواقعه الاستراتيجية وثرواته الطبيعية.
سادساً: ان ما نحتاج إليه اليوم هو قيام دولة جنوبية مستقرة أمنيا واقتصاديا واجتماعيا كنموذج يضرب به المثل، وتؤثر إيجابا على المناطق التي تحكمها المليشيات الحوثية شمالاً.
الخلاصة.. عندما يفقد الوسيط حياديته، فإنه يتحول الى طرف في النزاع، ولم يعد أمامه الا ان يجاهر بذلك، وهذا للاسف هو وضع المملكة السعودية الحالي وموقفها إزاء طرفي اتفاق الرياض.
مقابل ذلك لم يعد امام الجنوبيين الا ان يتمسكوا بمواقفهم ويوحدوا صفوفهم، ويحذروا من اية مؤامرات تستهدف مصيرهم واراضيهم