يافع نيوز – العرب
قطع التصعيد الإعلامي ضد مملكة البحرين باستخدام ذراعها الإعلامية قناة الجزيرة وردود المملكة على ذلك، الطريقَ على إمكانية إقرار “هدنة” ولو ظرفية بين الطرفين الشريكين نظريا في مسار المصالحة الذي أطلقته قمّة العلا الخليجية التي انعقدت في المملكة العربية السعودية في يناير الماضي.
وردّت الداخلية البحرينية مجدّدا على حملة القناة المذكورة ضدّ المملكة عبر التركيز على الجانب الحقوقي والإنساني المتّصل بأوضاع السجناء في البحرين، وذلك بعد أنّ كانت جهات رسمية بحرينية قد سلطت الضوء في مناسبتين على تلكؤ قطر في تفعيل عمل اللّجان الفنية المكلّفة بدراسة المواضيع الخلافية والمنصوص عليها في قمّة العلا.
وقالت وزارة الداخلية البحرينية في بيان “إن حملات التشويه والتضليل التي تطلقها دولة قطر عبر منبرها التحريضي قناة الجزيرة ضد مملكة البحرين وشعبها تمثل محاولات يائسة للنيل من المكتسبات الوطنية والإنجازات الحضارية التي حققتها البحرين وفي مقدمتها ما تزخر به من مؤسسات حقوقية مهنية تدركها جيدا قناة الجزيرة والدولة التي ترعاها”.
واعتبرت الوزارة الندوة التي بثتها القناة القطرية حول أوضاع السجناء في البحرين “ونظمتها إحدى المنظمات المشبوهة التي تدعي العمل في مجال حقوق الإنسان واستضافت فيها عددا من الوجوه التي يتم تمويلها من جهات خارجية” امتداد لعمل ممنهج تقوم به القناة بهدف الإساءة للبحرين، مؤكّدة أن الندوة “تضمنت الكثير من المغالطات”.
وهذه هي المرّة الثانية التي تردّ فيها الداخلية البحرينية على قطر بشأن الموضوع ذاته، حيث ردّت الوزارة آخر أفريل الماضي على تقرير أوردته القناة المذكورة عن وضع الأطفال في مركز رعاية الأحداث بالبحرين. وقالت إنّ نزلاء المركز الإصلاحي يتمتّعون برعاية حقوقية لا تتوفّر في قطر نفسها، معتبرة أنّ ما أوردته القناة مجرّد ادّعاءات ضمن “الحملة التحريضية الممنهجة للقناة ضد مملكة البحرين وشعبها”.
علاقات البحرين بقطر متوقفة عمليا عند بداية العشرية الماضية عندما كانت الدوحة تتواصل مع المعارضة في المملكة
لكنّ تعطّل المصالحة بين الدوحة والمنامة يتجاوز مجرّد التراشق الإعلامي إلى مواضيع أكثر جدّية مثل موضوع الصيد البحري وحركة الطيران المدني في المجال الجوّي للطرفين، وهما من القضايا التي يمرّ حلّها عبر عمل اللجان الفنية من الطرفين وهو استحقاق منصوص عليه في مخرجات قمّة العلا لكنّ قطر تتهرّب منه في إطار ما يبدو أنّه عدم رغبة في التصالح مع البحرين.
وقال وزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني في مؤتمر صحافي عقده الجمعة الماضية مع نظيره الروسي سيرجي لافروف في العاصمة الروسية موسكو إنّ ما تضمنه بيان العلا الذي صدر في الخامس من يناير الماضي عن زعماء مجلس التعاون الخليجي ومصر يتضمّن التزامات تتحملها كل الدول الموقّعة على الوثيقة.
وأوضح أن هذه الالتزامات تتضمن إجراء مشاورات ثنائية بين قطر وكل من البحرين والسعودية والإمارات ومصر بهدف التعامل مع الأسباب التي أدت في يونيو 2017 إلى اندلاع الأزمة الخليجية.
وتابع الزياني بالقول إن البيان ينص على عقد اجتماع على مستوى الفرق الفنية في غضون أسبوعين من توقيعه، مضيفا أن الجانب البحريني وجه إلى قطر دعوتين لإرسال فريقها وينتظر حاليا رد الدوحة.
وقالت الداخلية البحرينية في ردّها على قناة الجزيرة إنّ “ما بثته قناة التحريض التي ترعاها دولة قطر يمثل امتدادا للنهج العدائي ضد البحرين وتسييسا لكل المواد الإعلامية وحشدا لكل ما يسيء للبحرين وشعبها”.
واستدل بيان الداخلية على عدائية القناة تجاه البحرين بتقرير لمركز الإعلام الأمني يظهر أنّ “الجزيرة خلال السنوات العشر الأخيرة لم تورد عن البحرين تقريرا إيجابيا واحدا وهو ما يناقض بشكل صارخ معايير المهنية الإعلامية”، مؤكّدا أنّه “وفق تحليل المضمون لما بثته الجزيرة فقد اعتادت استهداف البحرين من خلال نشر افتراءات ومعلومات مغلوطة من أجل نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار من دون مراعاة لمبادئ حسن الجوار والروح الإيجابية التي سادت بعد بيان قمة العلا”.
Thumbnail
وتظهر هذه الملاحظات الأخيرة أنّ العلاقات البحرينية – القطرية لا تزال عمليا متوقّفة عند النقطة التي آلت إليها في بداية العشرية الماضية عندما كانت الاضطرابات التي أثارتها المعارضة الشيعية في المملكة على أشدّها، بينما كانت المنامة توجّه احتجاجاتها إلى الدوحة على الاتصالات بين كبار المسؤولين القطريين وقيادات تلك المعارضة.
وفي ردّه على نقاط تفصيلية في الندوة التي بثتها القناة وتضمّنت اتهامات للسلطات البحرينية بانتهاك حقوق السجناء ورد في البيان “من يقضون عقوبات في مركز الإصلاح والتأهيل هم محكومون في قضايا جنائية وإرهابية استنفدوا كافة مراحل التقاضي وخضعوا لمحاكمات عادلة بحضور هيئات للدفاع عنهم وممثلين عن منظمات المجتمع المدني وكذلك المؤسسات الحقوقية البحرينية التي لا يوجد لها نظير في دولة قطر”.
كما وصف البيان ما أورده المتحدثون في الندوة بأنّه “كلام مرسل خال من أي دليل مادي وبمثابة ادعاءات مكررة، ولا يعد نشره أمرا غريبا عن تلك القناة التي تحترف التدخل في شؤون الآخرين بترديد ادعاءات واهية لا صلة لها على الإطلاق بإرساء قواعد القانون وتحقيق العدالة الجنائية”.
ومنذ القمّة الخليجية التي انعقدت في منطقة العلا بالسعودية سارت عملية إعادة العلاقات إلى سالف طبيعتها بين قطر والدول الأربع بسرعات مختلفة، حيث كانت العلاقات بين الدوحة وكل من الرياض والقاهرة هي الأسرع في تطورها خلال الأشهر الستة الماضية، بينما لم يسجل تطوّر يذكر في العلاقات القطرية – البحرينية، بل على العكس من ذلك كانت الخلافات بين الطرفين تطفو إلى السطح في مؤشر على أن قطار المصالحة بين الطرفين لم يغادر محطّته الأولى.
ويقول متابعون للشأن الخليجي إنّ النتائج العامّة التي ترتّبت على قمة العلا وغياب اشتراطات واضحة لإنجاز المصالحة بين قطر والدول التي كانت تقاطعها ربّما أتاحا للدوحة ممارسة الانتقائية والمفاضلة بين الدول التي تريد التصالح معها.
وتقول مصادر خليجية إنّ الخلافات بين قطر والبحرين عقيمة وتدور حول مسائل شديدة الحيوية بالنسبة إلى الجانب البحريني، بحيث لا يمكن تجاوزها بالصيغة العامّة وغير التفصيلية التي انطلق منها مسار قمّة العلا.