ضابط لكل قرية: الجيش حزب السيسي الفعلي في مواجهة الأزمات الداخلية
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

يتعامل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع الجيش كما لو أنه “حزبه السياسي” الذي تردد في تشكيله، باعتباره الوحيد القادر على مساندته في مواجهة الأزمات الداخلية.

 

ويحتاج السيسي إلى ظهير صاحب نفوذ يساند خطواته السريعة في اتجاهات مختلفة دون أن يدخل في تفاصيل الحسابات السياسية الطاغية على تحركات الأحزاب.

 

وتخلى الرئيس المصري عن الجماليات السياسية، وعمد إلى تعيين ضابط من الجيش في كل قرية للمساهمة في مشروع “حياة كريمة” الذي يستهدف تنمية 4500 قرية وتطويرها، في خطة اعتبرتها مصادر سياسية مصرية بمثابة “حكم عسكري”.

 

جورج إسحاق: معالجة فشل الحكومات لا تتم عبر إشراف ضابط على المشاريع

ويبدو أن الاهتمام بعملية التدريب والتثقيف لفئات مختلفة لم تأت بثمارها أو تحقق المرجوّ منها بعد أن جرى التوسع في تعيين أعضاء ما يسمون بـ”تنسيقية شباب الأحزاب” كنواب للمحافظين وغيرها من المناصب الإدارية القيادية.

 

ووجد السيسي في الجيش مؤسسة وحيدة قادرة على تلبية متطلبات عملية التنمية التي يسير فيها منذ توليه السلطة، باعتبارها تتسم بانضباط إداري ولديها كوادر مدربة تمكنها من المراقبة بعيداً عن بيروقراطية الجهات المحلية، وتستمد قوتها من انتماء الرئيس نفسه لها.

 

وردد الرئيس المصري بأنه لا يجيد خطابات السياسيين ولغة العمل هي الوحيدة التي يُتقنها، وهو ما يتوافر في كوادر الجيش التي تنأى بنفسها عن أيّ توجهات أيديولوجية وتنحاز إليه.

 

وعبرت مصادر سياسية مصرية عن خشيتها من أن تدخل التجربة الجديدة بعد تطبيقها في مأزق يتعلق بقدرة الضباط على التعامل مع المشكلات المتراكمة في القرى المصرية على مدار سنين طويلة، لأن تعيين قيادات محلية من الجيش يواجه بانتقادات، وربما تتحول إلى سلطة فوق السلطة المدنية التي تقوم بالجزء الأكبر من تطوير القرى، بما يؤدي إلى فشل الطرفين.

 

وقال عضو المجلس المصري لحقوق الإنسان (حكومي) جورج إسحاق إنّ “تخوفات الدولة من عقد انتخابات المحليات المؤجلة وإهمال تصعيد كوادر إدارية يؤديان مباشرة إلى الاستعانة بعسكريين لضبط حركة الشارع في الأماكن النائية”.

 

وأضاف إسحاق في تصريح لـ”العرب” أن معالجة فشل الحكومات في إعداد مؤسسات مدنية قوية تنجز مشروعات التنمية “لن تتم عبر اختيار ضباط للإشراف على تنفيذها، لأن الأزمة سوف تظل مستمرة وما يقبل به المواطن حاليا قد يرفضه مستقبلاً”.

 

ويتجاوز السيسي بتعييناته هذه أقصى حدّ بلغه الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر عندما وضع أعدادا كبيرة من ضباط الجيش في مناصب رفيعة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي.

 

ويعتقد متابعون أن الأدوار الناجحة للقوات المسلحة تكمن في حماية البلاد من التهديدات الخارجية، وتعني مشاركتها بفاعلية في عملية التنمية ودفعها نحو الانخراط في تفاصيل العمل الميداني المحلي الذي يحمل تفاصيل كثيرة يمكن أن ترهق الضباط.

 

ويؤدي التمادي في هذا الاتجاه إلى مشكلات كبيرة وشد وجذب بين الضباط وأهالي القرية الذين قد يعترضون على طريقة التطوير والتنمية ممّا يقود إلى صدام مع المشرف العسكري ويؤثر سلبا على الصورة الذهنية للجيش في الوجدان العام.

 

Thumbnail

وأشار الرئيس المصري خلال تفقده لمعدات تطوير قرى الريف إلى أنه تقدم بمقترح إلى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي وهيئة المجتمعات العمرانية المشرفة على عملية التطوير وقيادة الجيش بـ”أن يكون في كل قرية ضابط مسؤول عنها لمتابعة التطورات والإنجازات ضمن مبادرة حياة كريمة”.

 

وفتح كلامه جدلاً واسعاً في أوساط سياسية وحقوقية اعتبرت القرار يحمل أبعادا أمنية مرتبطة باستمرار نفوذ تنظيمات الإسلام السياسي داخل القرى والنجوع التي ظلت لسنوات طويلة بيئة رخوة وبعيدة عن سيطرة الأجهزة الحكومية.

 

وأكد قائد الهيئة الهندسية في الجيش المصري اللواء إيهاب الفار أن هناك أكثر من 350 ضابطاً في المناطق التي يجري فيها تنفيذ مبادرة “حياة كريمة”، وأن الجيش أنجز 20 في المئة من إجمالي المشروع.

 

وذكر أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية حسن سلامة لـ”العرب” أن توجه السيسي “يرمي إلى ضبط الأمور في القرى والمراكز من القاعدة حتى تصل إلى القمة ويصبح التطوير منتظما وليس عشوائيا”.

 

وأثار القرار تخوفات قوى ترى أنه سوف يرخي بظلال قاتمة على مهام الجيش الرئيسية، ومن الضروري إفساح المجال للكوادر المدنية أولا بدلا من إهمالها لحساب فئة أخرى، لأن تعيين ضابط في كل قرية يثبت فكرة “عسكرة المجتمع المصري”.

 

وتعكس جملة من القرارات التي اتخذها السيسي رغبته في متابعة تطورات عمل الأجهزة المحلية في القرى، وتبرهن على تخوفه من أن تكون المخصصات المالية لمشاريع التطوير والتي تبلغ 38 مليار دولار عرضة للسرقة والنهب، بما يعزز عدم ثقته في المدنيين.

وسوم