fbpx
الجنوب ليس أرضاً بلا شعب

كتب – د. عيدروس نصر النقيب.
قالها لي زميل مثقف وشخصية إعلامية معروفة: “من غير المعقول أن هذه المسافات الشاسعة والسواحل الطويلة والثروات الطائلة أن تكون لاثنين مليون جنوبي، بينما عشرين مليون شمالي محشورين في المنطقة الجبلية الفقيرة” وكان الحديث يدور في العام 2012م في ذروة ثورة الحراك السلمية الجنوبية بعد أن يأس شباب الثورة الجنوبية من الرهان على ثورة الشباب السلمية حيث تحولت إلى صفقة سياسية بين الحكام والمعارضين في صنعاء وحصد كل من الطرفين حصته من الكعكة موضوع الخلاف.
منذ ذلك اليوم طرأت أحداث وتغيرت عناوين واستحدثت مواقف  ونشأت تحالفات وتفككت أخرى، لكن المعطى الرئيسي لم يتغير وهو أن أرض الجنوب الواسعة ذات الثروات الوافرة والسكان القليلين يجب أن تمنح لسكان الشمال كثيري العدد الذين يقيمون على أرض ضيقة قليلة الثروات.
لكن المسألة ليست بهدا التبسيط ولا بهذه السطحية لأن أرض الجنوب ومركزها التاريخي والحضاري عدن ظلت مفتوحة لكل من يفد إليها، منذ أن قطنها أول إنسان وأقام عليها ما استطاع من المعالم الحضارية بمعايير العصور المختلفة، ولم تكن قد أرضا طاردة لكل من يأتي إليها باحثا عن الأمان راغبا في العيش والتعايش، لكن هذا شيء وما نحن بصدده شيء آخر، فمن يتصنعون دور الشريك لا يكتفون بمشاركة أبناء الجنوبي  في الحقوق والمعيشه والاستمتاع بالثروة، بل إنهم فوق هذا يصرون على أن يتحكموا في مصائر أبناء البلد الأصليين ويحددون لهم خياراتهم نيابة عنهم ويحولونهم إلى مجرد أتباع باعتبارهم أبناء الفرع الذي عاد إلى الأصل، وبتعبير أخر فإن المطلوب هو ليس الشراكة بمنطق الندية والمساواة، بل منح الأرض التي شعبها قليل العدد للشعب كثير العدد الذي أرضه أضيق من أن تتسع له، بيد إن هذا هو ما يقوله بعض الإعلاميين والمثقفين الناعمين، أما أساطين النهب والسطو والاستحواذ فهم لا يهمهم الشعب الشمالي ، لا بعشرات  الملايين ولا بالمساحة الضيقة وشحة الموارد، لأن في الشمال من الموارد ما يكفي شعب الشمال ومغه شعوب أخرى،.  .  .، ما يهم هؤلاء هو استمرار نهب الجنوب بعد أن اأكملوا نهب الشمال وترك شعبه يغيض على أقل من الكفاف.