fbpx
لماذا تغيب الإصلاحات السياسية عن أفكار الجمهورية الجديدة في مصر
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

رفعت وسائل الإعلام المصرية شعار “الجمهورية الجديدة” تزامناً مع مرور سبع سنوات على تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي في الثامن من يونيو 2014 سدة الحكم، وسلطت الضوء على الإنجازات التي تحققت في مجالات مختلفة كأسس جديدة للجمهورية التي لم تتضح معالمها بعد وسط تساؤلات متصاعدة حول مدى التزام الحكومة بتأسيس بناء سياسي واجتماعي جديد، أم أن الأمر يقتصر على الانتقال إلى العاصمة الإدارية المتوقع افتتاحها قبل نهاية العام الجاري.

 

عمرو هاشم ربيع: سلوك السلطتين التنفيذية والتشريعية يجب أن يتغير

وغاب النقاش حول الإصلاحات السياسية الداخلية وسط الحديث عن أركان الجمهورية الجديدة، وتركزت غالبية الرؤى حول المشروعات القومية ودورها في الانتقال إلى مرحلة جديدة، وإبراز عوائد الإصلاحات الاقتصادية والمبادرات الاجتماعية التي وصلت إلى قطاع كبير من الطبقات الفقيرة، نهاية ببروز دور الدولة المصرية إقليمياً.

 

وانعكست حالة الجمود السياسي على قدرة النخب المصرية في التجاوب بشكل فاعل مع الجمهورية الجديدة كمصطلح استخدمه الرئيس السيسي لأول مرة في إحدى الندوات التثقيفية التي تعقدها القوات المسلحة، ورغم أنه حث في أثناء حديثه المفكرين والخبراء على الاهتمام بهذا الأمر والمشاركة في توضيح معالم هذه النقلة، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لخلق نقاشات سياسية على نطاق واسع.

 

لعل ذلك ما يكشف جوهر الأزمة التي قد تعترض رغبة الدولة المصرية في الانتقال إلى مرحلة جديدة، لأنه من دون إصلاح سياسي حقيقي يؤدى إلى تمكن المواطنين من ممارسة حقوقهم المدنية والسياسية على قدم المساواة سوف تستمر سمات الجمهورية الأولى متجذرة، وقد يؤدي ذلك إلى عدم قدرة الدولة على إقناع المواطنين ثم العالم الخارجي بأن هناك تطورات ملموسة تقود لبناء الجمهورية المنشودة.

 

وترى دوائر حكومية عديدة أن ممارسة السياسة لم تعد الشغل الشاغل للمصريين، وبالتالي فإن وضع لبنة البناء الجديد على أساسات الطفرة الحاصلة في المجالات المرتبطة بالتنمية يشكل مدخلاً مهماً للتأكيد على أن هناك مرحلة جديدة تتماشى مع انتقال الأجهزة الحكومية إلى العاصمة الإدارية.

 

وتتعارض تلك الرؤية مع التفسيرات المتعددة للجمهورية الثانية، والتي تصب أغلبها في ضرورة أن يكون هناك بناء دستوري جديد وعقد اجتماعي متطور بين الحكومة والمواطنين، على أن يتضمن ذلك تغييراً في شكل العلاقة بين السلطات.

 

وحافظت مصر على نفس سمات نظام الحكم منذ إعلان النظام الجمهوري في خمسينات القرن الماضي والذي يقوم على تركيز غالبية السلطات في يد رئيس الجمهورية، ولم تكن الدساتير الموضوعة في أكثر من حقبة، آخرها دستور 2014 وتعديلاته في العام 2017، كافية لإدخال تغيير جذري على شكل نظام الحكم.

 

العلاقة بين الحاكم والمحكوم

فريدة النقاش: إلغاء المواد المقيدة للحريات يعطي الأمل للمواطنين

يعتقد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بالقاهرة عمرو هاشم ربيع أنه لا وجود لجمهورية جديدة طالما لم تتغير العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ويكون ذلك من خلال وضع دستور جديد يعطي حريات أكبر لطبقات المجتمع المختلفة للمشاركة في السلطة، وهو أمر لم يحدث في الحالة المصرية التي عدلت فقط الدستور لكنها عززت من هيمنة السلطة التنفيذية على كافة السلطات.

 

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن العامل الثاني المطلوب توافره لتحقيق المصطلح يتعلق بتغير سلوك السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث يجري تطبيق أي مواد جديدة تأتي في الدستور وإنهاء الحالة الحالية التي بمقتضاها يتمتع البرلمان بصلاحيات أوسع من ذي قبل لكنه لم يستخدمها وما زال خاضعاً للسلطة التنفيذية.

 

وأشار إلى أن الإصلاحات السياسية يجب أن يواكبها تعزيز أدوار الدولة لتوفير الضمان الاجتماعي للطبقات الفقيرة والاستفادة من التجارب الرأسمالية التي لم تتخل عن القاعدة الشعبية لديها، وتكثيف الجهود لإنهاء الفوارق بين الطبقات وتحصين الطبقة المتوسطة والارتقاء بها بعد أن تلاشت جراء الإجراءات الاقتصادية الصعبة.

 

وتؤمن دوائر سياسية عديدة بأن الجمهورية الجديدة تحتاج إلى منهج اجتماعي اقتصادي بمظلات إنسانية تضمن العدالة بين المواطنين، وأن تبدأ من حيث انتهى الآخرون في تحقيق الحريات العامة والإعلامية، وتفعيل مبدأ المشاركة السياسية بشكل يضمن عدم النكوص عنه، كما الحال في التجارب السابقة التي لم تكتمل فيها مراحل الإصلاح السياسي وظلت مجرد محاولات تؤدي إلى تنفيس محدود دون أن تتحول إلى سلوك عام.

 

وذهبت عضوة مجلس الشيوخ فريدة النقاش للتأكيد على أن خارطة الوصول إلى الجمهورية المنشودة لا بد أن تضمن انتشاراً وتطبيقَا لمفهوم الديمقراطية على مستوى مؤسسات الدولة والمواطنين بما يسمح للمصريين بالمشاركة في بناء الجمهورية.

 

وأكدت في تصريح لـ”العرب” أن مفهوم الديمقراطية يشمل إلغاء كثير من المواد المقيدة للحريات في مصر ما يعطي الأمل للمواطنين للتطلع إلى مستقبل واعد، ومن المستحيل أن يتحقق ذلك في ظل وجود قيود على حرية التنظيم والتعبير والاعتقاد، لأنه في هذا المناخ تلعب المؤسسات الرجعية أدواراً سلبية، مع تزايد لجوء المواطنين إلى من يسمون أنفسهم رجال دين وهؤلاء ينشرون أفكارا معادية للتقدم.

 

الجمهورية الجديدة تحتاج إلى منهج اجتماعي واقتصادي بمظلات إنسانية تضمن العدالة بين المواطنين، وأن تبدأ من حيث انتهى الآخرون في تحقيق الحريات العامة والإعلامية

 

ورأت النقاش أن الذهاب باتجاه الجمهورية الجديدة لا يمكن أن يجري في ظل وجود نسبة فقر تقارب 30 في المئة من المواطنين، ولن يكون من العدل ولا احترام النفس أن تترك هذه القوى المهمشة والضعيفة دون الاستفادة من قدراتها الإنتاجية وتحسين مستوياتها للمشاركة بشكل فاعل في البناء الجديد للدولة.

 

ومن وجهة نظر قطاعات قريبة من الحكومة المصرية ومحسوبة على اليسار فإن تحديد عقد اجتماعي بين الحكومة والمواطنين يتطلب قدرا كبيرا من الحريات التي تتيح مناقشة فاعلة للعلاقة بين الطرفين، وهؤلاء يعولون على أن تقوم الحكومة باعتبارها تمتلك عناصر القوة في هذه العلاقة بالتوجه نحو إتاحة الديمقراطية التي تبدأ وتنتهي منها كل محاولة جادة للتطور.

وسوم