fbpx
مصر تراهن على الورقة الخليجية للضغط على إثيوبيا
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

يقطع الاتجاه نحو تفعيل الورقة الخليجية في الضغط الاقتصادي على إثيوبيا، لتليين موقفها في مفاوضات سد النهضة، الطريق على تقديرات ذهبت إلى أن أديس أبابا تستقوي ببعض القوى العربية في مواجهة كل من مصر والسودان.

 

وأعادت القاهرة أخيرا تصحيح الأوضاع مع قطر والسعودية بشكل خاص، بما يفتح المجال لاستخدام نفوذهما الاقتصادي والاستثماري في الضغط على إثيوبيا.

 

وكشف اللقاء الذي عقده الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مدينة شرم الشيخ الجمعة عن تفاهم كبير بين القاهرة والرياض في عدد من القضايا الإقليمية.

 

هبة البشبيشي: الدول العربية لن تقامر بأمن واستقرار دولة بحجم مصر

 

وقالت مصادر سياسية لـ”العرب” إن أحد ملامح التفاهم انصب على حصول القاهرة على دعم الرياض للموقف المصري في أزمة سد النهضة، والتحول من الحياد إلى الانخراط فيها لإيجاد تسوية مناسبة لا تعتدي على حقوق مصر في مياه النيل، من خلال توظيف الاستثمارات السعودية الكبيرة في إثيوبيا لصالح القاهرة.

 

والتقى وزير الدولة السعودي للشؤون الأفريقية أحمد قطان السبت رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد في أديس أبابا، وجرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين ومناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، من بينها موضوع سد النهضة.

 

وأضافت المصادر السياسية أن التحسن في العلاقات بين القاهرة والدوحة يمثل نقلة مهمة في سياق الاستفادة من الثقل الاقتصادي القطري في إثيوبيا لحثها على إظهار مرونة تسمح بالتفاهم والتوصل إلى اتفاق قانوني مع مصر والسودان.

 

وظهر تحسن ملحوظ في العلاقات بين الدوحة والخرطوم، انعكس في شكل وعود استثمارية سخية قدمتها قطر للسودان، توحي باستعدادها لتعويضه عن أي خسائر تلحق به في إثيوبيا.

 

وأعلنت الجامعة العربية السبت عن عقد اجتماع طارئ – تشاوري لوزراء الخارجية في الدوحة الثلاثاء وسيعقد على هامشه اجتماع لبحث أزمة سد النهضة، بطلب من مصر والسودان.

 

وعقد مندوبو الدول العربية الأحد في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة اجتماعا لمناقشة ملف سد النهضة، ولتأكيد الدعم العربي لموقف دولتي المصب ووضع صيغة مقبولة للبيان الختامي الذي سيصدر عن لقاء الدوحة.

 

وجاءت التحركات السعودية والقطرية لمساعدة مصر عقب جولة قام بها المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، شملت كلا من قطر والسعودية والإمارات وكينيا، وهدفها استخدام النفوذ الخليجي والكيني لحث إثيوبيا على المرونة الكافية.

 

سامح شكري: القاهرة والخرطوم ستواجهان سياسيا وبكل حسم أي إجراء أحادي إثيوبي حول سد النهضة

 

واعتبرت دوائر مصرية إعلان إثيوبيا إخفاقها الفني في إتمام الملء الثاني بالسعة الكاملة المقررة (13.5 مليار متر مكعب) نتيجة لضغوط دولية وإقليمية عليها، حيث ألمحت إلى أن الملء الثاني لن يتجاوز الأول (4 مليارات متر مكعب)، وهو ما تعتبره القاهرة والخرطوم يحقق غرضها النهائي في الملء المنفرد.

 

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري السبت إن القاهرة والخرطوم ستواجهان سياسيا وبكل حسم أي إجراء أحادي إثيوبي حول سد النهضة، وأن دولتي المصب “لن تتهاونا أو تتنازلا عن حقهما في حالة وقوع ضرر جسيم عند الملء”.

 

وتعتزم أديس أبابا القيام بإجراءات أحادية منفردة في الملء الثاني خلال الأيام المقبلة، بعد إصرارها على عدم التوصل إلى اتفاق مُلزم مع مصر والسودان، محملة البلدين مسؤولية “عرقلة المفاوضات”، ونافية إضرارها بهما.

 

وأوضح السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، في بيان السبت أن الخطاب الذي تم تعميمه كمستند رسمي يكشف للمجتمع الدولي المواقف الإثيوبية المتعنتة التي أفشلت المساعي المبذولة للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن ومُلزم، في إشارة تعبر عن اعتماد القاهرة على سياسة الخطوط المتوازية.

 

وقدمت الخارجية المصرية خطابا جديدا لمجلس الأمن الجمعة شمل اعتراضها على اعتزام إثيوبيا الملء الثاني، انطلاقاً من مسؤوليته عن حفظ الأمن والسلم الدوليين، والرفض التام لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب من خلال إجراءات أحادية.

 

وتجري اللجنة العربية المشكلة من الأردن والسعودية والمغرب والعراق في الجامعة العربية اتصالات في نيويورك لدعم موقف مصر والسودان في ملف سد النهضة.

 

وقالت خبيرة الشؤون الأفريقية أماني الطويل إن مصر والخرطوم تختبران المواقف العربية لهما في أزمة سد النهضة من خلال اجتماع الدوحة، وستعبر نتائج اللقاء عن مدى قدرة الأطراف العربية، والخليجية تحديدا، على الضغط على أديس أبابا اقتصادياً. وأضافت لـ”العرب” أن التقارب المصري مع كل من السعودية وقطر قد تكون له انعكاسات مباشرة وإيجابية على حلحلة مواقف إثيوبيا المتعنتة في أزمة سد النهضة.

 

وكشفت أن الدور الخليجي في الأزمة يستهدف توصيل رسالة تؤكد على أنه “لا دعم استثماريّا لأديس أبابا غير مشروط، وهو أمر تدعمه الولايات المتحدة التي تسعى لممارسة

ضغوط غير مباشرة على إثيوبيا في هذا الملف”.

 

ويتمثل السلاح الأقوى في وجه أديس أبابا حتى الآن في العقوبات الأميركية المباشرة بسبب الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة الإثيوبية في إقليم تيغراي، ومحاولة الإيحاء للقاهرة بأنها لا تخلو من رسالة لتعنتها في أزمة السد.

 

أماني الطويل: تقارب مصر مع السعودية وقطر له انعكاسات إيجابية على

 

وما يعرقل الإعلان صراحة عن أن العقوبات لها علاقة غير مباشرة بالسد هو مخاوف الإدارة الأميركية من انفجار الأوضاع في إثيوبيا، ولذلك أكدت رفضها لأي خيار عسكري للتعامل مع سد النهضة، في علامة واضحة تدعم الحل الرضائي.

 

ولعل ذلك يفسر إعلان الولايات المتحدة عقوبات على أديس أبابا بشأن تيغراي في حين أنها قصدت الملفين معا دون الإفصاح بشكل علني، وهو ما يشي أيضاً بموقف واشنطن من البيئة الانتخابية الإثيوبية التي أبدت ملاحظات عليها بما لا يقود إلى تعطيلها.

 

وأشارت خبيرة الشؤون الأفريقية هبة البشبيشي إلى أن القاهرة والخرطوم حصلتا على دعم عربي مقبول حتى الآن، والتعويل حاليا على المواقف المستقبلية التي ستشرع في التصاعد كلما أُغلقت منافذ الحل السياسي، لأن الدول العربية لن تقامر بأمن واستقرار دولة بحجم مصر، ولن تخاطر بتعرض استثماراتها لأزمات.

 

وأكدت أن الضغوط الاقتصادية الخليجية يمكن أن تصبح وسيلة فعّالة في حض أديس أبابا على تغيير رؤيتها حاليا تزامناً مع الأزمات المحيطة بها داخلياً وقد يكون ذلك عاملا مساعدا على تغيير موقفها في الوصول إلى اتفاق مُلزم.

 

ويشير متابعون إلى أن المشكلة تكمن في أن الاجتماعات التي تكون على مستوى وزراء الخارجية العرب غالبا لا تخرج بموقف فاعل على المستوى العربي، وقد ينتهي الأمر ببيانات إدانة متكررة، وفي تلك الحالة سيكون التعويل على التحركات الفردية للدول التي لديها استثمارات في إثيوبيا أكثر واقعية.

وسوم