fbpx
قصة قصيرة – القائد أبو – ( براطم ) ..!!

فضل محسن المحلائي

كان في ُمقتبل عمره شاباً يافعاً يدرس –  ( الفقه ) – يتتلمذ على أيادي ثلة من مشائخ العلم الأفاضل والله أعلم بعلمهم وهو فوق كل ذي علم عليم , أثناء تلقيه الدروس في الفقه والوعظ كان يجلس في زاوية ركن المسجد على البساط مواجه لشيوخه الأباجل كحال زملائه وأقرانه طلاب العلم في حالة من السكون والركون والخضوع إجلالاً وإعزازا واحتراما لهم , قبل ابتداء الدرس كان يبخر لحاهم وعند انتهاء الدرس يزود غذاهم , أثناء دراسته العلوم الشرعية كان يقيم في ملحق ذلك المسجد ويتغذى في رباطه على نفقة فاعلي الخير كحال زملائه

حين يخرج لقضاء حاجاته أو التنزه في شوارع المدينة الحالمة , الحاضرة والحاضنة – ( عدن ) – كان يترجل على الأقدام وأحيانا أخرى يمتطي سيارات وباصات الأجرة وأحياناً مُتعبر على الماشي – ( بلؤشي ) – مع المارين بسياراتهم من فاعلي الخير وجزأك الله خيراً ياصاح , كان أقصى أحلامه بعد تخرجه أن يضحي فقيه , واعظ, إمام وخطيب مسجد فإذا به فجاةً يتحول من الفقه وعلومه إلى عالم السياسية وعلوم الكياسة ومعها وبها أضحى هذا الشاب  قائد سياسي يطلقون عليه القائد أبو- ( براطم ) – ومع مرور الوقت أضحى أبو براطم سياسي وقائد من الطراز البديع والعيار الرفيع , سياسي بارع ولمُيع يشار إليه بالبنان  فقد وصل إلى الهرم السياسي بسرعة الصاروخ – ( كروز) – بعد ما كان حلمه متواضعاً ويعيش أطوار حياة –

 

( الكفاف  ) – واطواراً  أخرى حياة – ( الجفاف ) – لقد كان شبه مُعدم هندامه قميصاً رثاً وفوطة صارونج هندية بالية ومترعبلة ويعتمر بعمامة ماركة أبو حمامة  صناعة  تايوانية , بعد دخوله  المعترك السياسي أضحى يلفت الأنظار ويخطف الأبصار أضحى مهندماً يضع على معصمه  الساعة السويسرية الفاخرة ماركة – ( لوركس ) – ويلبس المعاوز الشبوانية الفاخرة وتارةً أخرى يلبس المعاوز السعيدونية اللحجية الباهرة وقمصان من ماركة – ( إيف سان لوران … وكرستيان دور ) – الفرنسيتان العريقتان ويطرح على رأسه شال شماغ من عجلان الأصلي لأن عجلان دوماً الأصلي ويضع عليه طاقية العقال وتارةً أخرى يلبس البدلة السفاري الأنيقة ماركة – ( أرماني  ) – واخرى البدلة الدبلوماسية الممتازة ماركة – ( زارو ) – مع كرفات رباط العنق الحريرية الناعمة ماركة – ( أندر-  آر – مور ) – ورابعة يلبس بدلة المرشالات العسكرية الصحراوية المُرقطة ومرات أخرى تراه يُقلد في ملبسه العم –  ( هو ) – وماوتسي تونج وجياب وجيفارا في لباسهم , رجل مغرم بالبخور ويتبخر بالصندل من أنتاج غابات أندونسيا المطيرة ويتضمخ بالعطورات الباريسية الفاخرة من – ( شانيل ) – اليوم وبعد ما لمعت أضوائه وصار سياسياً ناكعاً وقائداً بارزاً تراه يحضر مجالس كبار القوم من ملوك ورؤساء وأمراء وزعماء ومشائخ يجلس أمام كل منهم في حالة من الخضوع والخشوع والركوع من باب الطاعة فلكل مقام مقال كما يقال فينفذ ما يطلب منه عن قناعة لأن الولاء والطاعة لأولياء الأمور واجبة شرعاً وقانوناً وأن جلدوا ظهرك  وهتكوا عرضك وسرقوا حقك , اليوم – ( برطوم ) – أضحى رجل مشهور ومغمور بعد ما  كان لسنوات خلت  رجل مطمور , اليوم  تنظر إليه الاحداق وتشرئب نحوه الأعناق ويتحدث عنه الأخوة والرفاق وكل أهل الرياء والنفاق والمواقع الاكترونية والصحافة الورقية وقنوات التلفزة  وشبكات التواصل الاجتماعي , قال وخطب أبو – ( البراطم ) – صرح ونفى أبو – ( برطوم ) – غادر وعاد – ( المبرطم ) – طلع ونزل – ( البرطمي ) – أثناء دراسته العلوم الشرعية وما قبلها وأثنائها وما بعدها كان مدافعاً شرساً عن الشرعية – ( الشوارعية ) – ويقف في صفها , كان وحدوياً من الطراز الرفيع وكان دوماً ما يرفع شعارات الوحدة خط أحمر , الوحدة عُمدت بالدم , الوحدة أو الموت , الوحدة مطلب قومي وعربي وإسلامي , الزعيم الرمز هو قائد المسيرة وربانها وكان دائماً يتغنى بأغنية – ( علي سماء في علاه ….. ) – ويردد مقولة – ( القمر يستمد نوره من الشمس ونحن نستمد نورنا منك أيها القائد ) – وحين وقعت – ( الانتحابات ) – الوحيدة واليتيمة في بلاد – ( الدحابيش والحرافيش والحراكيش والفناكيش ) – رفع شعار – ( لا تفكر ولا تحتار أبو بس هو المختار ) – وفاز في هذه الانتحابات – ( البس الوووووووحلوووووووي المختار ) – بنسبة 97,7 % من أصوات الناخبين والناحبين الأحياء والأموات,

 

حينها تم إجازته للأفتاء رغم صغر سنة وقلة خبرته فكان يقوم بعملية – ( الأفساء ) – لــ ( صانع  الوحلة وباني النهضة ) – وكان دوماً يلح إلحاحاً ويصر إصراراً على وجوب طاعة – ( الزعيم الرمز والقائد الضرورة ) – وإن الخروج عن طاعته تُعد من كبائر الذنوب ومعصية تجلب الفتنة والحوب والفتنة نائمة ولعن الله من أيقظها, بعد فشل ثورة – ( الزرانيق واللغاليق والبغابيق ) – ثم ما تبعها من دخول – ( العقاعيق ) – إلى عدن واحتلالهم لها للمرة الثانية توطدت دعائمه في الحقل السياسي فأضحت القضية – ( الجيوبية ) – ..!! ضرورة –                ( وجوبية) –  ومهمة تتصدر اهتماماته الوطنية فلقد أضحت الوطنية تتصبب منه – ( ورقاً ومرقاً وعرقاً ) ..!! خلالها رفع شعارات – ( لا يضيع حق ورائه مطالب ) – عودة الحقوق واجبة , القضية – ( الطنطنية ) ..!! – اولاً , قضية – ( الجيوب ) – أولاً ومعها وبها أضحى كثير السفر والترحال بأسم القضية – ( الوطنييية ) – بين مختلف عواصم القرار الدولية والإقليمية ,

 

فحين يكون في عواصم الرجعيين يكون رجعياً مع الرجعيين وإلى أبعد الحدود وحين يكون في القاهرة يضحي قومياً عروبياً مع القوميين العروبيون وناصرياً حتى النخاع وحين يكون في عواصم الغرب الإمبريالي يكون امبريالياً مع الامبرياليين حد العفونة وحين يكون في عقر دار ما تبقى من عروق الاشتراكية ينقلب اشتراكياً مع الاشتراكيون واممياً بروليتارياً يرفع شعار – ( ياعمال العالم اتحدوا )- رجل زلق ونزق , شمسي وقمري متقلب المزاج  تحكمه الأهواء والأنواء , في أحياناً كثيرة ينقلب ملكي أكثر من الملوك , الرجل يسترزق يطلب الله يبيع – ( مواقف ) – عند كل – ( المواكف ) – عندما يعتلي منصت الخطابة تنظر إليه الأحداق بكل لهفة واشتياق , الجماهير الحاضرة من الأشياع والإتباع تهتف بحياته وتردد بصوت جماعي وتحت وقع التصفيق الحار والهتافات الحماسية يعيش القائد برطوم ومن شدة الفرحة والإعجاب بنفسه وتحت وقع هتافات الجماهير الثائرة وأصواتها الهادرة وحركتها الزاخرة وتحت وطأة  أطنابه في الخطاب يخرج من فاه اللعاب فتراه يزمجر ويرعد ويزبد ومع حركة الجماهير في الساحة يُعكر – ( العُجاج ) – ويكثر – ( الخُجاج ) – فتراه مرةً أخرى يخرج من شدق أبو براطم – ( اللجاج ) – إلى فوق صدره وقميصه وإلى فوق وجوه الجماهير المحتشدة القريبة منه ومن منصة الخطابة وحين يخرج لتفقد الرعية يتحرك في موكب طويل هجاج , رجاج من السيارات الفارهة نوافذها معتمه وتحرسة من الأمام والخلف الاطقم العسكرية المحملة بالجند والمدججة بمختلف صنوف الأسلحة من رشاشات ومضادات وقواذف ,

 

يسير الموكب بسرعة جنونية وحين يخترق موكبه الشوارع هناك من المارة الأنصار يهتفون له عاش قائدنا أبو – ( برطم ) – والبعض الآخر من الخصوم ينظرون إلى الموكب بغضب شديد ويهتفون بكلام نابي ويكيلون له الهباب والسباب أرحل أيها – ( المذحلي ) .. !! ,

أرحل لا فتح الله عليك , أرحل الله يورينا فيك عجائب قدرته , أرحل ياكذاب , يا نصاب , ياقصاب وحين يكون أبو – ( برطوم ) – مقيماً في الحاظرة والحاضنة العاصمة عدن تراه يخزن القات الباهظ الأثمان من أصناف – ( الشامي والمريسي ) – ويتغدى على المندي والمشوي والمظبي والممرق والمحشي وحين يكون خارج حدود الوطن وفي عواصم العرب والعجم بهدف شرح القضية – ( المطية ) – يقطن في أرقى الفنادق –           ( 5 ستار , 7 ستار ) ..!! – فنادق – ( هيلتون – كونكور – فرانتيل ) – ويتغذى في أفخر المطاعم العربية والعالمية من سلسلة مطاعم – ( نورا- تيراتوغ – فخر الدين – ماسا – أسكتش – دومنيز- كنتاكي – ماكدونالز ) – وحين يتنهي من متابعة أمور وهموم الرعية والقضية وبعد العناء والتعب والنصب والوصب يذهب للسياحة والراحة يزور عاصمة الأنوار باريس ويطلع – ( تور- إيفل ) – ويعرج على ساحة – ( التراكاديرو ) – وشارع –             ( الشانزليزيه ) – ويدخل متحف – ( اللوفر )- ويختم زيارته لعاصمة النور باريس في التجوال في الحي اللاتيني الشهير – ( ساميشيل ) – وزيارة كنيسة – ( نوتردام ) – بعدها يركب على متن الخطوط الجوية الفرنسية – ( إيرفرنس ) –  في درجة رجال المال والأعمال إلى عاصمة الضباب لندن ويقوم بزيارة حديقتها الشهيرة – ( الهيد بارك ) – وساعتها الأشهر – ( البيج بن ) – بعدها يواصل رحلته تجاه العاصمة الاسبانية مدريد ويتسوح هناك أمام قصر الحمراء ويزور المعالم العربية في بلاد الاندلس , يواصل السفر والترحال تجاه العاصمة الإيطالية روما ويطلع على معالمها الأثرية برج – ( بيزا ) – الشهير والمائل ثم يعرج على مدينة البندقية ويختم رحلته في بلاد – ( الروس ) – فلقد انتهت العداوة والقطيعة بسقوط الاتحاد السوفيتي بفعل سياسة – ( البروسترويكا والجلاسنوست ) – ( الجورباتشوفية ) – فينزل في عاصمتها العريقة موسكو ويزور ساحتها الشهيرة – ( كراسني بلوشيته ) –                  ( الساحة الحمراء )- و متحف  – ( تفاريش ) – ( فلاديمير إيلتش اليانوف لينين ) – ويدلف إلى ضريحه المشهور بأسم – ( مفزلة لينين ) – حيث يسجى جثمانه لأن زيارة القبور والأضرحة واجبة وخصوصاً زيارة قبور وأضرحة أوليا الله الصالحين , منذ دخول هذا الرجل – ( الأرتجالي )- الحقل السياسي متأخراً ومن خلفية الأبواب لأن السياسة في وطن الشقلبة والتقلاب والسراب والعذاب والخراب وكالة من دون بواب , ومعها أضحت تصريحاته وأحاديثه وتغريداته في أحيان كثيرة عجيبة وغريبة بل معيبة يتجاوز فيها الحدود والثوابت الدينية والإخلاقية والوطنية والقومية والإسلامية ,

 

أحاديثه مدوية كثيرة الجدل وتجلب لمستمعيها الأسقام والامراض والعلل , تصريحات مقززة , منرفزة ومستفزة لمشاعر كل حر شريف , هذه التصريحات القبيحة لا يقولها بإرادته وعن قناعة ولكن تنفيذاً لرغبة – ( الكفيل والوكيل ) ..!! – من باب السمع والطاعة , هذا – ( البرغلي ) – ( الضراط , القراط , العراط , الخراط ) – يعترف بالكيان الصهيوني الغاصب وجودياً على تراب فلسطين التاريخية والعربية , هذا القائد والسياسي – ( الغوغائي ) – الجديد أبو – ( براطم ) – لا يمسك بيرك ولاعنده حتى همبريك ..!! .