fbpx
السياح الروس يعودون إلى مصر بعد غياب ست سنوات
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

لم أكن أتخيّل حجم الإقبال الروسي على مدينة شرم الشيخ، إلا عندما قضيت نحو أسبوع عام 2014 هناك، فغالبية الفنادق تعج بالسائحين القادمين من مختلف المدن الروسية، ويكاد هؤلاء لا يفارقون الشواطئ نهارا أو ليلا، ولا أعلم سرّ ارتباطهم الكبير بها، فلم يكن الغوص وحده الذي يجذبهم. فقد سألت أحد العاملين في القطاع بشرم الشيخ عن هذا الارتباط، فعجز عن تقديم تفسير محدد، لكنه قال “السائح الروسي يجد ألفة كبيرة هنا، لدرجة أن عددا منهم يتخلفون عن مواعيد عودتهم، ويصرّون على قضاء أيام مضاعفة”.

 

وأضاف، أن توقف السياحة الروسية أضرّ بهذه المدينة، ولم تفلح الأفواج المتقطعة التي كانت تأتي من دول أوروبا الشرقية في تعويض الروس، فلهم طقوس يمارسونها لم نجدها عند غيرهم.

 

وتراهن مصر على عودة الروس لإنقاذ العديد من مقاصدها السياحية خلال فصل الصيف الحالي بعد إعلان موسكو رسميا عودة خطوط الطيران المباشر مجددا إلى المدن الشاطئية، وأبرزها شرم الشيخ والغردقة على البحر الأحمر، باعتبارهما الأكثر جذبا للسياحة الروسية.

 

ويفضل السائح الروسي الاستمتاع بالشواطئ على ساحل البحر الأحمر لدرجة تصل في بعض الأحيان إلى إشغال كامل لمنتجعات شرم الشيخ والغردقة، كمنطقتين جاذبتين للروس لما يتوافر بهما من إمكانيات لممارسة هواية الغطس.

 

وتكمن أهمية السياحة الروسية لمصر في أنها تعتمد على عروض التخفيضات السخية وبرامج الإقامة الكاملة، وتعد الأطول وقتا في المنتجعات، وهذه ميزة نوعية، حيث تمثل المدة الطويلة مصدر دخل مضمون.

 

ويحمل استئناف السياحة الروسية رسالة مهمة إلى باقي المقاصد المصدرة للسياحة إلى مصر، وتؤكد أن البلاد تتمتع بدرجة عالية من الأمان، ما يشجع على تحفيز وكلاء السياحة الدوليين للتركيز على مصر.

 

يجذبهم البحر والشمس

ويضمن برنامج السائح الروسي في معظم الأحوال نحو ثلاث وجبات يوميا بسعر أقل من 100 دولار، وهو رقم زهيد جدا، لكن ضخامة الأعداد وفق نظام المجموعات السياحية يعوّض الفرق في الخصومات، فكثافة السياح الروس دائما ما تكون مرتفعة للغاية وتقصد منتجعات بعينها.

 

وبعد ثلاثة أعوام من حادث سقوط الطائرة الروسية بدأ المقصد المصري يدخل مرحلة التعافي نسبيا ويتجاوز الانخفاض الحاد في السياحة الروسية، وقبل الوصول إلى مرحلة الانطلاق التي لاحت مؤشراتها عام 2019 جاءت جائحة كورونا وأصابت القطاع في مقتل.

 

ويعوّل وكلاء السياحة في مصر على روسيا باعتبارها قادرة على بث الحياة في مدينتي شرم الشيخ والغرقة، وتسيطر وحدها على نحو ثلث السياحة في مصر، بسبب جاذبية المدينتين للقادمين من روسيا.

 

في محاولة منها لاقتناص الفرصة الثمينة كثفت الحكومة المصرية تحركاتها لتحقيق استفادة كبيرة من الانتعاشة الروسية المنتظرة، إذ قامت هيئة الرقابة على المنشآت الفندقية والمحال والأنشطة السياحية بفحص المنشآت السياحية للتأكد من مستوى جودة الخدمات ومدى التزامها بتطبيق الإجراءات الاحترازية وضوابط السلامة الصحية وتطعيم العاملين فيها.

 

السياح القادمون من روسيا يستحوذون وحدهم على نصف معدلات الإشغال في الفنادق والقرى السياحية على البحر الأحمر

ويعكس حرص مصر على تطعيم جميع العاملين في قطاع السياحة وقاطني مدينتي شرم الشيخ والغردقة بلقاحات كورونا، يقينها في عودة السياحة الروسية، حيث تمت زيارات مكثفة من جانب خبراء الأمن الروس للاطمئنان على سلامة الإجراءات الأمنية في الأشهر الماضية، وبعدها تم اشتراط منح اللقاح للعاملين بقطاع السياحة.

 

ومن المتوقع أن تسحب عودة السياحة الروسية شريحة كبيرة من الزائرين إلى تركيا، حيث استحوذت أنقرة خلال سنوات المقاطعة الروسية للمقصد المصري على نحو ثلاثة ملايين سائح كانوا يحرصون على زيارة مصر سنويا.

 

وعزز هذه الرؤية بنك “غولدمان ساكس” الذي توقع عودة نحو ثلاثة ملايين سائح روسي إلى المقصد السياحي المصري، الأمر الذي يحقق جملة من العوائد الاقتصادية، قد تصل إلى حوالي ثلاثة مليارات دولار بعد استئنافها.

 

وقال إيهاب عبدالعال، عضو الجمعية العمومية لشركات السياحة، إن السياحة الروسية تلعب دورا مهما في تنشيط السياحة المصرية، فالروس يستحوذون وحدهم على نصف معدلات الإشغال في الفنادق والقرى السياحية بمنتجعات البحر الأحمر بالكامل ما يُنعش القطاع ويعيد الحياة ويحرك دفة السياحة المتعثرة.

 

وأوضح لـ”العرب” أن السياحة الروسية تعيد تشكيل خارطة السياحة من جديد، فعودتها تبعث الأمل في أحد القطاعات الرئيسية في الدولة، في ظل انخفاض معدلات الجذب السياحي مقارنة بمعدلات الإشغال قبل توقف السياحة الروسية.

 

 

 

 

ولم يتدفق لمصر سوى مليون سائح خلال الثمانية عشر شهرا الماضية، وتراجعت عائدات السياحة إلى نحو 1.7 مليار دولار خلال النصف الثاني من العام الماضي، وفقدت نحو 5.5 مليار دولار، مقارنة بنفس الفترة من عام 2019.

 

وتعكس هذه الخسائر الحالة الصعبة التي تشهدها السياحة المصرية نتيجة المقاطعة الروسية الرسمية خلال السنوات الماضية، وتُبيّن إلى أيّ درجة يمكن أن تحدث انتعاشة حال تمت العودة إلى العمل بكامل طاقتها.

 

وتوقع وزير السياحة المصري خالد العناني تعافي المقصد المصري خلال العام المقبل بشرط فاعلية لقاحات كورونا ودورها في انحسار تفشي الوباء، الأمر الذي يعيد السياحة إلى الطاقة القصوى قريبا.

 

وأكد الخبير السياحي معتز السيد أن الفترة المقبلة سوف تشهد منافسة قوية بين المسوّقين السياحيين، علاوة على تقديم برامج سياحية بأسعار تنافسية بين السوقين المصري والتركي، خاصة بعد عودة السياحة الروسية إلى مصر بطاقتها الكبيرة.

 

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن فوز المقصد السياحي المصري في هذه المنافسة قويّ بسبب ارتباط السائحين الروس بمصر، والتطورات التي أدت إلى دمج السياحة الشاطئية بنظيرتها الثقافية لزيادة فرص الترويج، بعد أن كشفت دراسات تمت على سلوك السائحين الروس في السنوات الماضية عن تغير نسبي في رغباتهم، وأنهم باتوا يبدون اهتماما بالسياحة الثقافية إلى جانب السياحة الشاطئية.

 

وما يزيد من فرص المنافسة لصالح المقصد المصري توسيع برامج الدعم التي رصدتها الحكومة لإنقاذ القطاع السياحي، والتي لا تزال مستمرة، وتصل إلى حد تحمل الدولة لجزء كبير من أجور العاملين، ومضاعفة حزم التمويل الميسّرة لتطوير المنشآت السياحية، ما يعزز منح خصومات تنافسية للوكلاء السياحيين.

 

ويتواكب هذا الأمر مع حرص مصر على إنقاذ القطاع الذي يوفر فرصة عمل واحدة من كل سبع وظائف في الاقتصاد المصري، ولذلك فالعودة الروسية تمثل قيمة مضاعفة في الكثير من المجالات، والأهم أنه تضفي ثقة في إجراءات الأمن المتبعة.

وسوم