fbpx
قناة دينية تركية للأطفال: أردوغان يوسّع استراتيجيته لأسلمة المجتمع
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

تُعدّ تركيا العدة لإطلاق قناة دينية مخصصة للأطفال ضمن مسار أسلمة المجتمع التي يتبناها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر سلسلة قرارات سابقة لاختراق التعليم العلماني، والتركيز على وضع المجتمع تحت تأثير خطاب متشدد حول المرأة والإجهاض، والإكثار من بناء المساجد، بهدف خلق أرضية ثقافية ملائمة للعثمانية الجديدة التي يسعى لها الرئيس رجب طيب أردوغان.

 

وأعلن رئيس الشؤون الدينية التركي علي أرباش عن أن الهدف من وراء هذا المشروع هو “دعم الأطفال بالمعرفة الدينية الصحيحة، وتنشئتهم عبر إنتاج برامج معرفية تتماشى مع القرآن الكريم والسنة النبوية”، معبّرا عن أسفه لأن حكومة بلاده لم تتمكن من “تقديم القيم الإسلامية للأطفال خلال السنوات الماضية”.

 

علي أرباش: القناة ستقوم بتنشئة الأطفال بما يتماشى مع القرآن والسنة

وتابع “كنّا نقدم لهم الرسوم الكرتونية المتحركة التي صممتها شركات أجنبية، بيد أنه كان من المفترض تغذية أطفالنا بقيمنا الوطنية، لذا يجب التخلي عن تلك البرامج”.

 

وقال متابعون للشأن التركي إن تصريحات أرباش تكشف عن الهدف الحقيقي من وراء هذه الفضائية وهو التوجه إلى الناشئة لشحنها بمفاهيم أيديولوجية تحت مظلة رسمية، محذرين من أن الخطر الحقيقي هو جعل الأجيال الجديدة تتعلق بالماضي بدلا من المستقبل من خلال زرع مفاهيم الجهاد والفتح والإمبراطورية الواسعة، ما يجعل البلاد مقبلة على خلق جيل يستنسخ شخصية أردوغان وأفكاره.

 

ويعتقد هؤلاء المراقبون أن انتقاد برامج الأطفال المستوردة بزعم اختلافها مع هوية الشعب التركي ليس سوى ذريعة لتبرير المساعي الرسمية الهادفة إلى إعداد برامج متشددة موجهة للصغار تخلق مناخا ملائما في المستقبل لظهور مجموعات متشددة تحرّض على كراهية الآخر والانتقام منه وتبرّر الإرهاب.

 

ويبذل أردوغان كل ما في وسعه لتغيير القيم التي تحصلت عليها الأجيال الجديدة في تركيا من ثقافة الاعتدال والهوية الوطنية التي يرسمها النموذج العلماني إلى نموذج ثقافة عابرة للدول تقوم على الغزو والحروب والمؤامرات.

 

ويضع الرئيس التركي أولوية في استراتيجيته السياسية تروّج للتاريخ العثماني وخلق أجيال تتغنى بفتوحات العثمانيين وبالتمدد العثماني، وتتبنى أفكارا متشددة تعادي المرأة، وترفض الحريات الشخصية بزعم تعارضها مع الإسلام.

 

ويركز أردوغان على اختراق الثقافة المدنية الحديثة التي اكتسبتها البلاد منذ مصطفى كمال أتاتورك وهدمها من بوابة التركيز على الأطفال وتغيير التعليم.

 

وقال الرئيس التركي في تصريحات سابقة إن حكومته بدأت بتغيير المناهج الدراسية في البلاد في مسعى لردم الهوة بين الشعب من جهة وتاريخه وثقافته من جهة أخرى. وأضاف “مازال هناك نقص في طرق إعداد الأجيال للمستقبل وهو مطلب شعبي وحاجة وطنية”.

 

Thumbnail

ولم يخف عدم رضاه عن مناهج التاريخ التي يتلقاها الطلاب في المدارس بالقول “من المؤسف أننا أعددنا تاريخنا الرسمي لسنوات بالشكل الذي أراده البريطانيون.. مناهج كتب التاريخ في تركيا ناقصة، فالذين يشرحون التاريخ التركي القديم وينتقلون مباشرة إلى تاريخ الجمهورية، متجنبين ذكر تاريخ حقبة زمنية استمرت 600 عام (الدولة العثمانية)، هم أعداء لنا”.

 

والمثير للمخاوف أن أسلمة الإعلام الخاص بالأطفال و”تصحيح” المناهج الدراسية لا تقف المهمة فيهما عند إعادة كتابة التاريخ بما يزين الفترة الإمبراطورية، وإنما يستهدف ضرب القيم النقدية، من ذلك أن وزارة التعليم التركية حذفت في العام الماضي إشارات إلى نظرية التطور من تقويمها التعليمي الذي توزعه على الطلبة في المدارس، بزعم أنها تتعارض مع الدين.

 

وكانت الوزارة قد أقدمت منذ عام 2014 على إدخال العديد من التغييرات على طرق التعليم ومن بينها إجبار الطلاب في جميع المراحل التعليمية على حضور الدروس الدينية القائمة على تحفيظ القرآن وتدريس السيرة النبوية مهما كان دينهم وطائفتهم، وهو ما رأى فيه المعارضون من الأقليات الدينية ضربا للتعددية في المجتمع التركي.

وسوم