يافع نيوز – العرب
بدأت الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) الثلاثاء النظر في مشروع قانون جديد حول الاستخبارات ومكافحة الإرهاب يعوّل على إجراءات إضافية لمواجهة التهديد الذي يشكّله الخارجون من السجن، المحكومون بتهم إرهاب أو الذين سلكوا طريق التشدد، فيما تقود الحكومة اليمينية الفرنسية جهودا حثيثة لمواجهة التطرف الإسلامي وحواضنه الفكرية والأيديولوجية.
وبعد عام تقريبا على معارضة المجلس الدستوري اقتراح قانون عرضه حزب الجمهورية إلى الأمام (الغالبية) يفرض إجراءات أمن، تتولى الحكومة زمام مشروع القانون هذا.
ويبث مشروع القانون الجديد روحا جديدة في نصين أقرّا في 2015 و2017، حيث يتضمن شقا جديدا يهدف إلى النهوض بهذا التحدي الأمني الكبير الذي يشكل في الوقت نفسه تحديا في مجال الحرّيات العامة.
وعلى خلفية قلق كل أطراف مكافحة الإرهاب من التهديدات المحيطة بالإفراج عن هؤلاء المعتقلين، اقترحت الحكومة والغالبية إجراءين لمنع “خروجهم دون إمكانية تتبع”.
وسيكون بالإمكان تمديد تدابير المراقبة الفردية (الإقامة الجبرية سابقا) “إلى حد سنتين” بعد الخروج من السجن بالمقارنة مع سنة واحدة حاليا التي أرساها قانون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب “سيلت” في العام 2017.
وينص الاقتراح كذلك على استحداث “إجراء قضائي لإعادة الإدماج الاجتماعي لمكافحة الإرهاب”.
وكان مجلس الدولة، أعلى محكمة إدارية فرنسية، قد أبدى امتعاضا من النسخة الجديدة من مشروع القانون.
وفيما يفرض الأمن نفسه على النقاش السياسي في فرنسا، قد يلقي الاعتداء الجمعة على شرطية بلدية قرب نانت في غرب فرنسا من قبل معتقل سابق متطرف يعاني من اضطراب نفسي، بثقله على النقاشات لاسيما من جانب اليمين الذي يرغب في تشديد رد الدولة وصولا إلى الخروج عن دولة القانون أحيانا.
إيمانويل ماكرون: في المعركة ضد الإرهاب الإسلامي لن نتنازل عن أي شيء
وكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تغريدة تعليقا على اعتداء بالسكين سقطت ضحيته شرطية ونفّذه إسلامي تونسي “في المعركة ضدّ الإرهاب الإسلامي، لن نتنازل عن شيء”.
وأضاف “كانت شرطية. ستيفاني قُتلت في دائرة شرطة رامبوييه، على أراضي إيفلين التي سبق أن شهدت أحداثا أليمة”، في إشارة إلى قطع رأس المدرّس صمويل باتي عام 2020 وقتل شرطيَين في يونيو 2016 في الإقليم نفسه من المنطقة الباريسية.
وأثار غيوم بيلتييه المسؤول الثاني في حزب الجمهوريين (يمين) ضجة كبيرة في معسكره عندما طالب في مجال مكافحة الإرهاب بإعادة العمل بـ”محكمة أمن” يمكن “على أساس كل حالة على حدة أن تضع أشخاصا قيد احتجاز أمني” دون إمكانية الاستئناف.
ويقول أحد المقررين رافايل غوفان “نحن على خط فاصل” بين النظام العام والحريات الفردية. وأقر وزير الداخلية جيرالد دارمانان “نحن أمام مجازفة، على الصعيد الدستوري”.
ويريد نواب اليمين عبر طلبهم جعل وضع سوار إلكتروني إلزامي أو فرض إجراءات أمنية، تشديد النص فيما يضعون نصب أعينهم مطلبا آخر هو تغيير الدستور. وفي المقابل يدق اليسار ناقوس الخطر بشأن الحريات.
وقدم 443 طلب تعديل على مشروع القانون لكن من غير المتوقع أن يتغير كثيرا خلال الجلسة.
وأوضح وزير العدل إريك دوبون موريتي أن “هذا يتعلق بما يقل عن مئة معتقل تمت إدانتهم، سيخرجون (من السجن) وسيتعين متابعتهم ومتابعتهم عن كثب”.
ومشروع القانون هذا الذي أعلن عنه بعد اعتداء على موظفة في الشرطة في رامبوييه (ضواحي باريس) في أبريل، كان مقررا منذ فترة طويلة لمراجعة قانون سيلت وقانون الاستخبارات الذي يعود إلى العام 2015.
وعلى صعيد أحكام سيلت، يكمن الهدف في إضفاء طابع دائم على أربعة إجراءات للشرطة الإدارية أدخلت إلى القانون العام أدوات تستخدم في حالة الطوارئ بعد اعتداءات 2015 من طوق أمني وإغلاق إداري لأماكن عبادة والمراقبة الفردية و”زيارات المنازل”.
Thumbnail
ويتضمن مشروع القانون شقا آخر يتعلق بالاستخبارات تستخلص فيه الحكومة النتائج من التطورات التكنولوجية والقضائية المسجلة في السنوات الخمس الماضية.
ومن غير المتوقع حصول تغيرات كبرى على هذا الشق في وقت “تعد القوانين حول الاستخبارات خارج الحدود المعتادة” بين الأحزاب على ما يقول لويك كيرفران وهو مقرر آخر.
وسيكون للأجهزة نظام خاص للاحتفاظ بالمعلومات الاستخباراتية لتحسين أدوات الذكاء الاصطناعي وستكون قادرة على اعتراض اتصالات عبر الأقمار الاصطناعية. وسيوسع نطاق استخدام تقنية الخوارزميات التي تتيح معالجة بيانات الاتصال بشكل آلي لرصد أي مخاطر، لتشمل عناوين الإنترنت.
وفي المقابل، تقود الحكومة اليمينية في فرنسا جهودا حثيثة لمحاصرة التطرف الإسلامي وحواضنه الأيديولوجية والفكرية التي تعتبرها أهم أسباب الفعل الإرهابي.
وتسابق فرنسا الوقت لتعديل ترسانة قوانينها في محاربة الأصولية الدينية بعد أن اكتوت مؤخرا بهجمات إرهابية عجّلت بإعلان الرئيس الفرنسي الحرب ضد الانفصالية الإسلامية التي باتت تهدد علمانية الدولة ومبادئ الجمهورية.
وكان مجلس الشيوخ الفرنسي قد كشف في تقرير له صدر في يوليو 2020، عن أن “مؤيدي الإسلام السياسي يسعون إلى السيطرة على الإسلام في فرنسا” من أجل “إنشاء الخلافة”، ويغذون في بعض المدن “نزعة انفصالية” خطيرة.
وتحاول باريس التأسيس لإسلام معتدل من خلال منع سيطرة جماعات متطرفة على الخطاب الديني حيث شملت الإجراءات التي أقرتها السلطات الفرنسية في هذا السياق الإشراف على المؤسسات التعليمية الدينية، وإغلاق المؤسسات والجمعيات المتطرفة، وطرد الأئمة الأجانب الذين يحرّضون على العنف والمواطنين مزدوجي الجنسية المتورطين في أنشطة إرهابية وتشديد المراقبة على الشبكات الاجتماعية.
ومنذ سنوات، تبحث الحكومات الفرنسية المُتعاقبة عن آليات لتأهيل مُتخصصين في الإسلام المُعتدل بفرنسا، مع ضمان تلبيتهم لمُتطلبات الاندماج في المُجتمع الفرنسي، مثل إتقان اللغة الفرنسية، والحرص على التنوع الثقافي، واحترام تراث وتاريخ وقانون البلاد، والحفاظ على مبادئ العلمانية.