fbpx
حوادث القطارات تمهد لخصخصة السكك الحديدية المصرية
شارك الخبر

 

يافع نيوز – متابعات

أكد وزير النقل المصري كامل الوزير في بيان له أمام البرلمان الاثنين أن الإهمال ونسيان عمليات تطوير هذا المرفق الحيوي لعقود طويلة أديا إلى سوء حالته، بالنسبة إلى الوحدات المتحركة والبنية الأساسية والعنصر البشري.

 

وكشفت بيانات وزارة النقل أن نحو ثلاثة آلاف عربة ركاب مر على تصنيع أكثر من 50 في المئة منها 40 عاما، ما يظهر مدى ترهل المرفق الذي ينقل نحو 500 مليون راكب سنويا، بمعدل يومي يصل إلى نحو 1.4 مليون راكب، إلى جانب نقل نحو 6 ملايين طن من البضائع سنويا.

 

وأعلنت وزارة النقل عن خطة لإسناد أعمال التشغيل والإدارة لعدد من القطارات الجديدة إلى شركات عالمية متخصصة في الإدارة والتشغيل، في خطوة توحي بالرغبة الحثيثة للتفكير خارج الصندوق.

 

وجاءت الخطوة بعد وقوع حوادث عديدة الأسابيع الماضية، كانت حصيلتها العشرات من الضحايا، وبسبب سوء الإدارة والتشغيل، وعدم الدراية الكافية بالتعامل مع الوسائل الحديثة التي أدخلتها وزارة النقل مؤخرا من دون تأهيل كاف للعاملين.

 

وقد حققت حوادث القطارات المستمرة بمصر نبوءة الملياردير المصري نجيب ساويرس حول خصخصة إدارة السكك الحديدية والتي كشف عنها في تسعينات القرن الماضي، لوضع حد لتكرارها.

 

إبراهيم مبروك: 12 شركة تعمل في إدارة السكك في اليابان مقابل واحدة حكومية

وخلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك تقدم ساويرس بطلب للحكومة لشراء حق انتفاع ببعض خطوط السكك الحديدية، في بادرة لخصخصة القطاع، وطلب البدء بخطوط قطارات النوم من القاهرة إلى أسوان في جنوب البلاد ثم الاتجاه بعد ذلك إلى باقي الخطوط وتعميم التجربة.

 

رفضت الحكومة الطلب لأسباب لم يتم الإفصاح عنها، وبعدها دخلت عائلة ساويرس في مجال نقل الركاب بريا من خلال تأسيس شركة “جو باص” للنقل البري التي حققت نجاحا كبيرا، وباتت واحدة من الشركات الكبيرة في هذا المجال.

 

وتعد السكك الحديدية المصرية ثاني أقدم مرفق في العالم، ودشنت عام 1834، ويصل إجمالي طول شبكتها نحو 9570 كيلومترا، وتعتبر العمود الفقري للنقل الجماعي في البلاد.

 

ورغم حالة الترهل المتوازية مع خطط التطوير وضخ استثمارات حكومية لإنقاذ المرفق، إلا أنها تعد فرصة استثمارية جاذبة للمستثمرين، فالأزمة دائما تولد فرصة.

 

وتم إسناد تشغيل عربات النوم الجديدة بخطوط السكك الحديدية، بواقع 200 عربة نوم، لإحدى الشركات العالمية المتخصصة في إدارة هذا النوع من العربات، وسيتم تسمية المشغل الجديد خلال أسابيع.

 

وتضم الأجندة الاستثمارية لوزارة النقل تنفيذ 257 مشروعا لتطوير هذا المرفق بتكلفة استثمارية تصل لنحو 14.4 مليار دولار بحلول 2024، وانتهت من تنفيذ 177 مشروعا باستثمارات تناهز 2.9 مليار دولار.

 

ويجري حاليا تنفيذ 53 مشروعا بتكلفة ثلاثة مليارات دولار، وبدءا من يوليو المقبل سوف تشرع في تنفيذ 27 مشروعا بتكلفة تقديرية تصل لنحو 8.4 مليار دولار.

 

وتفتح هذه الفورة شهية القطاع الخاص للمخاطرة وضخ استثمارات في قطاع النقل عبر السكك الحديدية بمحاذاة الاستثمارات الحكومية التي تركز على إعادة إصلاح البنية التحتية للمرفق.

 

Thumbnail

وتحاول السكك الحديدية استنساخ تجربة إدارة مترو الأنفاق عبر الاستعانة بالخبرات الأجنبية في التشغيل والصيانة والاهتمام بالعنصر البشري، حيث تعاقدت وزارة النقل مع شركة “آر.أيه.تي.بي” الفرنسية لإدارة وتشغيل الخط الثالث لمترو الأنفاق، والتعاقد مع نفس الشركة لإدارة وتشغيل القطار الكهربائي الجديد، خط السلام- العاصمة الإدارية الجديدة- العاشر من رمضان، وتتفاوض مع عدد من الشركات العالمية لإدارة وتشغيل خطي مونوريل العاصمة الإدارية والسادس من أكتوبر، وتمتد هذه الخطوط لمسافات طويلة لتسهيل تنقل الركاب، وإضفاء حيوية وسهولة مرورية للوصول إلى العاصمة الإدارية.

 

قال حسن مهدي أستاذ النقل بكلية الهندسة جامعة عين شمس، إن مصر تأخرت في إسناد إدارة مرفق السكك الحديدية للقطاع الخاص خلال العقود الماضية نتيجة غياب التشريعات التي تنظم هذه العلاقة.

 

ووافق البرلمان المصري في دورته السابقة للقطاع الخاص بالدخول في مشاركات مع هيئة السكك الحديدية لإدارة المرفق دون المساس بالأصول.

 

وأضاف مهدى لـ”العرب” أن الحكومات الماضية على مدى خمسة عقود لم تضع رؤية تضمن تطوير المرفق وفق القدرات التمويلية من القطاع الخاص، رغم أن هناك تجارب دولية ناجحة في هذا المجال، وهو ما كبد هذا المرفق خسائر فادحة.

 

حسن مهدي: القاهرة تأخرت في إسناد إدارة السكك الحديدية للقطاع الخاص

وتجاوزت ديون السكك الحديدية للبنك المركزي المصري وبنك الاستثمار القومي والهيئة العامة للبترول أكثر من 5.6 مليار دولار.

 

وتعطلت أكثر من 50 في المئة من الجرارات نتيجة غياب التحديث وسوء عمليات الصيانة الدورية، الأمر الذي أدى إلى توقف نشاط نقل البضائع تماما.

 

ويبلغ إجمالي حركة البضائع في مصر نحو 750 مليون طن سنويا، ولا يتعدى نصيب السكك الحديدية منها 2.5 مليون طن، ما يفقد الدولة موردا مهما في سلاسل الإمداد عبر مرفق حيوي.

 

ويتم حاليا تحويل قطاع نقل البضائع بهيئة السكك الحديدية إلى شركة مساهمة بالتعاون مع القطاع الخاص، وتحويل بعض الورش المتخصصة في إصلاح الجرارات والعربات إلى شركات لزيادة الإنتاجية ورفع مستويات الجودة.

 

وأكد إبراهيم مبروك أستاذ هندسة السكك الحديدية بجامعة الأزهر، لـ”العرب” أن القضاء على مشكلات والحوادث يقتضي مشاركة عاجلة لإدارتها مع القطاع الخاص، فاليابان تعمل بها 12 شركة خاصة في هذا القطاع وشركة حكومية واحدة.

 

ودشنت مصر مؤخرا مشروعا ضخما بالمنطقة الصناعية في شرق بورسعيد على البحر المتوسط لتصنيع الوحدات المتحركة للسكك الحديدية، يعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط بطاقة إنتاجية تبلغ 300 عربة سنويا.

 

ويستهدف المشروع توطين صناعة السكك الحديدية والتصدير إلى أسواق المنطقة العربية والدول الأفريقية باستثمارات مبدئية تصل لنحو 240 مليون دولار.

 

ويسهم هذا التحرك في تشجيع القطاع الخاص على دخول مجال الاستثمار في قطاع السكك الحديدية، ما يعزز من إصلاح المرفق الذي أتى عليه الإهمال وأصبح يشكل صداعا لرأس الحكومات المتعاقبة، وينال تكرار حوادثه من جهود التنمية.

أخبار ذات صله