fbpx
استدارة أميركية نحو الواقعية بعد الخطاب المثالي بشأن قضية مقتل خاشقجي
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

بدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من خلال خطابها السياسي والإعلامي تجاه السعودية بعد نشر التقرير المخابراتي بشأن جريمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده سنة 2018، أقرب إلى البحث عن سلّم للنزول من السقف العالي الذي صعدت إليه عندما أوحت بأنّها ستطبّق معايير أخلاقية وحقوقية صارمة في تحديد العلاقة المستقبلية مع المملكة وقيادتها.

 

لكنّ واشنطن سرعان ما تداركت الأمر وبادرت إلى قطع الطريق على أي تأويل يذهب إلى أنّ الإجراءات التي توعّدت إدارة بايدن باتخاذها ردّا على الجريمة المذكورة يمكن أن تصل حدّ المساس بجوهر التحالف الاستراتيجي السعودي الأميركي وما ينطوي عليه من مصالح حيوية للطرفين.

 

ووضعت الإدارة الأميركية من خلال المتحدثين باسم الخارجية والبيت الأبيض خطّين أحمرين على الأقل لا يمكن لتلك الإجراءات أن تتخطّاهما، وهما قطع العلاقات مع السعودية وتسليط أي نوع من العقوبات على قيادتها.

 

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إنّ بلاده لا تطرح إمكانية قطع العلاقات مع السعودية وإنما إعادة تقييمها، وإنّها ستحافظ على تحالفها التاريخي مع المملكة.

 

أمّا المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، فأشارت بوضوح إلى أنّ الولايات المتحدة لا تفرض عادة عقوبات على قادة البلدان، رغم الإجراءات المتكررة التي تتّخذها ضد كبار المسؤولين في دول معادية.

 

جين ساكي: لا نفرض عقوبات على قادة دول تجمعنا بها علاقات دبلوماسية

وبمثل هذا الخطاب الأكثر هدوءا ورصانة تجاه السعودية تكون إدارة بايدن قد سجّلت استدارة واضحة نحو ما هو مألوف في السياسة الأميركية من واقعية وبراغماتية.

 

واعتبر مراقبون أنّ الخطاب القويّ والمتوهّج الذي استخدمته الإدارة الأميركية الجديدة بادئ الأمر في مقاربتها لقضية مقتل خاشقجي كان امتدادا للخطاب الأخلاقي الأقرب إلى المثالية الذي استخدمه بايدن في حملته الانتخابية وسعى من خلاله إلى التمايز عن خطاب خصمه ومنافسه دونالد ترامب المبحر في النفعية الفجّة والبراغماتية المبالغ فيها، مؤكّدين أنّ العودة إلى الواقعية والتخلّي التدريجي عن ذلك الخطاب المثالي كانا أمرين متوقّعين يحتّمهما الانتقال من الشعارات الانتخابية إلى الاحتكاك بالواقع ومعالجة القضايا الحيوية من الاقتصاد إلى الأمن إلى إدارة الصراعات عبر العالم، وغير ذلك من القضايا المعقّدة.

 

وبات من المسلّمات في نظر المتابعين للشأنين السعودي والأميركي أنّ العلاقة مع المملكة مهمّة وحيوية للولايات المتّحدة في مجال الاقتصاد كما في مجال الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

 

وبحسب دبلوماسي خليجي سبق له العمل في الولايات المتحدة، فإنّ اتخاذ الولايات المتحدة أي إجراءات ضدّ السعودية من شأنها أن تؤدي إلى إضعافها أو تقييد حركتها في المنطقة، سيعني ببساطة اختلال التوازن لمصلحة إيران وتشجيعها على المزيد من التغوّل وتهديد جيرانها، وبالنتيجة تهديد المصالح الأميركية.

 

أما السيناريو الثاني المطروح في حال تمادت واشنطن في ضغوطها على الرياض، يوضح الدبلوماسي نفسه، فهو أن تبحث السعودية عن بديل لحليفها الأميركي لدى كلّ من الصين وروسيا، وهو أمر يدرك السياسيون الأميركيون مدى الأضرار التي يمكن أن تنجم عنه.

 

وفي ضوء مختلف تلك المعطيات جاءت الإجراءات والردود الأميركية على تقرير المخابرات بشأن مقتل خاشقجي اعتيادية إلى أبعد حدّ وتراوحت بين تسليط عقوبات على عدد من المسؤولين السعوديين المتهمين بأنّ لهم صلة ما بقتل الصحافي و“مراقبة السلوك المستقبلي للمملكة” وحثّها على تحسين الوضع الحقوقي لديها وإصلاحه، بل حتى شكرها على ما قامت به من إجراءات في هذا المجال وتشجيعها على التمادي فيه.

 

وقال برايس “نركز بشدة على السلوك المستقبلي للسعودية وذلك من أسباب عدم طرحنا لذلك على أنه قطع للعلاقات وإنما إعادة تقييم لها”. وأضاف “نحاول الوصول إلى القضايا المنهجية الكامنة وراء قتل جمال خاشقجي”.

 

كما عبّر عن ترحيب الولايات المتحدة بإفراج السعودية في الآونة الأخيرة عن اثنين من نشطاء حقوق الإنسان، لكنه طالب الرياض بفعل المزيد برفعها حظر السفر عنهما.

 

وأضاف “نحثّ السعودية على اتخاذ خطوات إضافية.. وأن تخفّف الأحكام القضائية وأن تحل قضايا مثل تلك المتعلّقة بناشطات حقوق الإنسان وآخرين”.

 

وحرصت ساكي المتحدثة باسم البيت الأبيض من جهتها على قطع الطريق على إمكانية فرض عقوبات على ولي العهد السعودي قائلة “تاريخيا وفي التاريخ المعاصر، الإدارات الأميركية سواء الديمقراطية أو الجمهورية، لم تفرض عقوبات على قادة حكومات أجنبية تجمعنا بها علاقات دبلوماسية وحتى تلك التي لا تجمعنا بها علاقات دبلوماسية”.

أخبار ذات صله