مَــن يقرأ مسودة المبادرة الأممية المعروفة باسم (البيان المشترك) سيجد أنها قد خلتْ تماما من أي ذِكر أو اشارة للقضية الجنوبية لا من قريب ولا من بعيد، لا بالتصريح ولا بالتلميح ،بل أنها حصرتْ الخلاف بين طرفين فقط هما: السلطة المسماة بالشرعية التي يهيمن عليها حزب الإصلاح، والدائرة الجنوبية النفعية بالرئيس هادي من جهة، وحركة أنصار الله الحوثيين وشريكهم المؤتمر الشعبي العام في صنعاء من جهة أخرى.
فباستثناء بند وقف الحرب الذي ورد في هذه المبادرة هو الجيد في هذه المبادرة، فأن كل ما ورد فيها هذه المبادرة التي تسلّــم الطرفان نسخة منها هو مكر وخداع وتآمر على الطرف الجنوبي.. مبادرة تم صياغتها بأقلام سعودية إصلاحية حوثية ، بل قُـل بقلم واحد هو كل القوى في الشمال على اختلافاتها وتبايناتها السياسية، وبتغييبٍ فــــج للطرف الجنوبي بكل تفرعاته بما فيه بالطبع المجلس الانتقالي الجنوبي وكل القوى الجنوبية التي تتبنى الانتصار للقضية الجنوبية تبنياً حقيقاً و كان لها الجهد الأعظم بالحسم العسكري بهذه الحرب وانتشلت هذا التحالف والحكومة الموالية له من السقوط المدوي في وحل الهزيمة والعار، ليكون الجزاء للجنوب هو التجاهل بل قل كان الجزاء جزاء سنمار برمي المقاومة الجنوبية وقضيتها الجنوبية من علوٍ شاهق ودحرجت رأسها الى اسفل سافلين، أو هكذا يخطط ويتمنى المتآمرون من خلف الحجب.
يبدو واضحا أن جميع الأطراف قد حكمتْ على القضية الجنوبية بالإعدام السياسي في كل مراحل والتوافق ابتداءً مِــن مرحلة وقف إطلاق النار وصولا الى التسوية السياسية النهائية وأصرت على مرجعيات حلول قد عفى عليها الزمن تلبية لرغبة قوى محلية أذاقت الجنوب ويل الاحتلال والحرمان وبغطاء خليجي واضح لترسيخ وجوده العسكري والسياسي بالجنوب من المهرة شرقا الى باب المندب بتنسيق مع ما يسمى بالشرعية( حزب الإصلاح) .وهو الأمر ذي يطرح تساؤلا عن موقف المجلس الانتقالي وصمته حيال ما يجري، و أين محصلة نشاطه السياسي على الساحة الدولية والإقليمية بالذات؟ .أما باقي القوى والشخصيات الجنوبية التي تظهر موسميا كلما طُــلبَ منها ذلك بأوامر سلطوية ولمصالح نفعية فلن نجهد أنفسنا بمخاطبتها. فلله في خلقه شؤون.
هذا التغييب وهذا التجاهل للقضية الجنوبية والمكر الداخل اليمني، والتآمر الخليجي خطيران للغالية ليس على القضية الجنوبية فقط بل على الأزمة اليمنية ، فإغفال هذه القضية وأغفال الاتفاقات السابقة بما فيها اتفاق الرياض والتحضير بالكواليس لاتفاقيات اقتسام ثروات الجنوب وجغرافيته بين القوى اليمينة والخليجية ،والمضي باتجاه فرض حلولاً محلية وإقليمية ودولية تعسفية جائرة سيعني الخياط على جرح ملتهب، و حماقة دفن لغم في رمال متحركة قابلٌ للانفجار بأية لحظة من الزمن بوجه الجميع وأولهم من دفنه.
فأسالب النعامة والاستخفاف بالآخر ومحاولة ابتلاعه أثبتت فشلها تماما. فالقضايا الوطنية العادلة و أن دُفنت لبعض الوقت إلّا أنها لا تموت. والتجارب شهودٌ عدول، كما تقول العرب.!