fbpx
الحوار قناعة وطنية يضم نخبة من مفكري اليمن .. بقلم / خديجة الكاف
شارك الخبر
ينطلق الحوار من قناعة وطنية تقوم على الإيمان بوحدة الانتماء الوطني إلى اليمن الأرض والإنسان والتاريخ والحضارة باعتباره القاسم
المشترك بين كل أبناء اليمن وسد أي ثغرات  يمكن أن تفتح الباب لإثارة سلبيات الماضي السياسي وأمراضه المتراكمة والتجرد من الرؤى الضيقة والأحادية والاملاءآت الخارج  الإيمان بضرورة المشاركة الفعلية من جميع مكونات المجتمع اليمني والإقرار المشاركة للجميع وعدم الإقصاء أو التهميش لاي فئة  شريحة تؤمن بالحوار طريقا وحيدا لتجاوز الأزمة وتحقيق التغيير السلمي، عدى من ينتهج العنف والإرهاب وسيلة لفرض رؤيته بالقوة  الحفاظ على الهوية اليمنية الواحدة والموحدة  التي جمعت كل أبناء اليمن في إطارها ووجد كل يمني ذاته فيها بإعادة وحدته العظيمة  والتي  يجب أن نجعل من كل مواطن يمني درعا واقيا للدفاع عنها في مواجهة كل محاولات التمزيق والاختراق التي تستهدفها من الخارج أو الداخل  الالتزام بالمرجعيات التشريعية الوطنية-اتفاقية الوحدة، دستور الوحدة المستفتى عليه شعبيا،وثيقة العهد والاتفاق 1994 م،والمرجعيات المشتركة الوطنية والإقليمية والدولية  المتمثلة في المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية والقرارات الدولية التي تؤكد على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله، وهو ما يحتم علينا التمييز بين مفهوم الوحدة الوطنية كهوية وانتماء إلى اليمن الأرض والإنسان والتاريخ والحضارة , وبين مفهوم الدولة كصيغة سياسية ودستورية لنظام الحكم (دولة بسيطة او مركبة – نظام رئاسي او برلماني – حكم محلي – سلطة محلية –– أقاليم – مخاليف). – محافظات…الخ.
فمفهوم الحوار لغة: التحاور والتجاوب حوار يجري بين طرفين أو أكثر حول موضوع أو مواضيع محددة للوصول إلى هدف معين هكذا عرف فقهاء اللغة الحوار بمفهومه العام الحوار كمفهوم خاص  وفقا لمقتضيات الحكمة اليمانية فإنه يمكن تعريفه ((ساحة وطنية مفتوحة لطرح القضايا والهموم الوطنية ,يضم في إطاره نخبة من مفكري اليمن وشخصياته الاجتماعية والعلمية والوطنية ممن يحملون على كواهلهم الهم الوطني ويستشعرون واجبهم تجاه المخاطر الجسيمة التي تهدد حاضر الوطن ومستقبله، لا يسعون لجاه أو سلطة وإنما لبناء وطن .وعلى أساس المفهوم السابق.    
وبناءا على تلك المرجعيات، وعدم جواز الربط بين الوحدة الوطنية كهوية وانتماء، وبين شكل النظام الدستوري لدولة الوحدة، فإن أطراف الحوار- ايا كان مستوى او حجم المشاركين فيه – غير مفوضين بالخوض في أي حوار يمس الثوابت الوطنية الكبرى كالوحدة الوطنية  ، كما ان مبدأ الشراكة الوطنية لا يجيز لأي شريحة بمفردها أن تقرر مصير الوطن والشعب بأكمله دون أن يكون للأغلبية من الشعب حق الرأي والمشاركة لأنه لا يمس تلك الفئة أو الشريحة  وحدها وإنما يمس القيم العليا لكل أفراد الشعب وأجياله القادمة كما هو ميراث أجياله الماضية ولذلك فان الوحدة الوطنية لأي شعب تعتبر من المسلمات التي لا يملك احد إقرارها او إنكارها او التراجع عنها ولا تعد من القضايا التي تطرح للحوار او للاستفتاء العام لا على المستوى الوطني ولا الإقليمي وبالتالي فإن المطالبة بالانفصال لا يندرج تحت اي نصوص او مبادئ وطنية او دولية، كما ان اي مؤسسة سياسية او دستورية في دولة من الدول لا تملك حق اتخاذ أي قرار يمس الوحدة الوطنية لشعبها وترابها الوطني بل إن جميع النصوص الدستورية تعتبر أي تفريط أو مساس بسيادة الوطن واستقلاله أو وحدة أراضيه خيانة وطنية يعاقب عليها باشد العقوبات،وقد جعلت المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية وقرار مجلس الامن المحافظة على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله سقفا للحوار ولذلك فان معالجة القضية الجنوبية –التي يجب على الجميع الاعتراف بعدالتها – وقضية صعدة  لايمكن ان يتأتى الا من خلال رؤية وطنية شاملة، وهي الرؤية التي جسدتها الثورة الشبابية الشعبية وحققت في عامها الأول بالإرادة الوطنية الواحدة والموحدة.ما عجزت عنه (الحركات) و(الحراكات) الجهوية الانفرادية في سنوات وقد عبر عن ذلك الدكتور يسين سعيد نعمان في حواره مع صحيفة الراية القطرية 🙁 الحزب الاشتراكي حزب وحدوي نشأ تاريخياً وهو يتبني قضية اليمن والوحدة اليمنية باعتبار ان هذه القضية الوطنية تمثل شرعية وجودة ألسياسيي – سابقاً وحتي الآن ) ويقول في حوار اخر : (لتطرف الذي مارسته السلطة في الجنوب بعد حرب 94م أدى إلى تطرف بالمقابل، ونحن في الحزب الاشتراكي لنا موقف سياسي واضح ونظرنا إلى أن القضية الجنوبية في إطارها الوطني العام هو إيجاد شراكة وطنيةحقيقية.))).
    ولذلك فإن مؤتمر الحوار الوطني معني بالبحث عن المستقبل المنشود لليمن واليمنيين وليس التشبث بالماضي واجترار سلبياته وأمراضه وأن يتجه المتحاورون الى الأخذ بكل متطلبات صنع المستقبل والتخلي عن كل معوقات الماضي واحباطاته، وإن كانت معالجة تلك الأمراض واستئصالها ضرورية لسلامة الجسد الوطني وتعافيه مما أصاب  ويأتي في مقدمة المعالجات مباشرة إجراءات العدالة الانتقالية بتعويض الإضرار التي نجمت عن الأزمات الماضية وانتهاكات حقوق الإنسان بصفة مستعجلة وملموسة، بحيث يشعر كل من اصيب بمظلمة او ضرر أن حقه لم يهدر، باعتبار العدالة الانتقالية ركنا هاما لتحقيق المصالحة الوطنية بل انهما يشكلان شرطين متلازمين لا يمكن تنفيذ احدهما دون الأخر     احترام الإرادة الشعبية التي عبرت عنها الانتخابات الرئاسية المبكرة وتنفيذ الالتزامات المترتبة عليها من جميع الأطراف وفي مقدمتها الالتزامات التي تفرضها اللجنة الأمنية في وقف أعمال العنف وإعادة الأمن والاستقرار ومباشرة إجراءات هيكلة القوات المسلحة والأمن على أسس وطنية ومهنية  باعتبار المؤسسة العسكرية صمام امن الوطن ودرعه الواقي وضمانة هامة لسلامة الكيان الوطني.
استيعاب حقائق التحولات الوطنية الكبرى استيعاب الأهداف الكبرى للشعب اليمني التي خرج من اجلها بكل مكوناته السياسية والاجتماعية وعلى مستوى الساحة الوطنية وقدم في سبيلها التضحيات الجسيمة وحقق من خلالها الإجماع الوطني لأول مرة في تاريخ اليمن المعاصر بحيث التقى شباب الحراك السلمي والحركة الحوثية السلمية بكافة شرائح المجتمع اليمني وقواه السياسية ومنظمات المجتمع المدني في ملحمة وطنية كبرى أدهشت العالم وأبرزت عظمة الإنسان اليمني وأصالته الحضارية وعبر اليمنيون عن الأهداف الكبرى التي توحدوا من اجلها المتمثلة في تحقيق حلم الدولة المدنية الديمقراطية القائمة على التعددية والحريات السياسية والاجتماعية وحرية التعبير واحترام حقوق الإنسان وتداول السلطة سلميا وفصل السلطات واستقلالية القضاء وبناء الدولة على أساس دستور عصري، وتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والبطالة والفقر وتكريس مفهوم المواطنة والمجتمع المدني.
     أن الصيغ السياسية الماضية لشكل نظام الحكم –لم تعد تلبي متطلبات التغيير وأهدافه الكبرى فقد كانت وليدة توافقات سياسية لقوى معينة ولم تكن نابعة من إرادة شعبية مستقلة ولذلك فإنها تعبر عن رؤى أحاديه وتجارب سياسية فاشلة لم تعد قابلة للتكرار وأصبحت ثقافة ماضوية من وجهة نظر الثورة الشبابية الشعبية السلمية، وتلك إحدى الحقائق الكبرى أو بالأصح أهم الحقائق التي صنعتها الثورة على مستوى اليمن والوطن العربي وتفرض على جميع مكونات الحوار الوطني استيعابها حتى يكون حوارهم منتجا ومعبرا عن تطلعات المجتمع اليمني.
     إن الرؤى الأحادية لأي جماعة سياسية أو قوة اجتماعية معينة لا يمكن أن تحقق المشروع النهضوي الوطني المعبر عن الإرادة الوطنية مما يوجب الحرص على تحقيق الشراكة الوطنية من خلال تفاعل رؤى جماعية قادرة على تحديد آفاق المشروع النهضوي ومضامينه،ذلك أن حقائق التاريخ اليمني قديمه وحديثه تؤكد أن مراحل الازدهار الحضاري لليمن اقترنت بوحدته السياسية والجغرافية والاجتماعية وقيام الدولة العادلة المستمدة من إرادة الشعب والملتزمة بالشورى ومرجعية المؤسسات الممثلة للقاعدة الشعبية (قالت يا أيها الملا أفتوني في أمري ما كنت قاطعة امرآ حتى تشهدون) وان مراحل الانكسار والانهيار الحضاري ارتبطت كلها بعوامل الظلم السياسي والاجتماعي والتسلط الفردي والحكم العصبوي المفضي إلى التمزق الداخلي ومن ثم السقوط في براثن الاحتلال والهيمنة  الأجنبية.
      
 أن الأخذ بمبادئ الحكم الرشيد يقتضي عدم تكرار التشريعات السيئة التي تسوغ لاحتكار السلطة في يد حزب أو فرد وتلك التي تحمي الفساد والفاسدين وتحول دون إخضاعهم للمسألة الشعبية والقضائية والبرلمانية , او تلك التي تجيز انتهاك حقوق الإنسان، ويأتي في مقدمة أسس الحكم الرشيد توزيع سلطات الدولة المركزية للحيلولة دون احتكارها في يد واحدة وذلك من خلال توزيع سلطات الدولة على ثلاث مؤسسات رئيسة – تشريعية – تنفيذية – قضائية ثم وضع أسس دستورية لإقامة التوازن بين سلطات الدولة المركزية وبين السلطات المحلية بحيث لا تطغى السلطات المركزية على المحلية بما يحقق التنمية العادلة والمتوازنة بين المركز والأطراف، ويحقق المشاركة الشعبية الفعلية في الحكم عن طريق الاختيار الشعبي للحكام في مؤسسات الحكم المركزية وسلطات الحكم المحلي.
أن الوحدة اليمنية مع كونها مسلمة وطنية وفريضة شرعية فإنها لا يمكن ان تزدهر ولا تصان على مجرد الشعارات العاطفية أو الأمنيات الحالمة وإنما على قواعد وأسس راسخة وضمانات قوية من التشريعات المقترنة بالسلوك والتطبيق يجمعها مفهوم (دولة المواطنة) التي تعبر عن تطلعات كل مواطن يمني وتتجسد فيها أهم المبادئ والقيم المشتركة لكل أبناء اليمن ومنها:
           أن الدولة المدنية  الحديثة يجب أن تقوم على مبدأ الشرعية الدستورية وليس على شرعية الانقلاب والقوة وأن تستمد هذه الشرعية من كافة فئات المجتمع عبر الطرق الدستورية والقانونية المنظمة لها وعلى أساس مبدأ التداول السلمي للسلطة ومبدءا سيادة القانون الذي يجب أن يعبر في نفس الوقت من خلال وحدة القانون عن وحدة السيادة وعن وحدة الشعب والمواطنة المتساوية من خلال تطبيق قواعد دستورية وقانونية واحدة على كافة مواطني الدولة في جانبيه الحقوقي و الإلزامي.
      من الأسس الهامة مبدأ سيادة الشعب بمفهومها الواسع والذي يعني أن السلطة تمارس الحكم نيابة عن الشعب اليمني بكل فئاته وقطاعاته ومناطقه كوحدة سياسية وجغرافية وسيادية واحدة ويعتبر الاعتراف بان الشعب مالك السلطة وليس مجرد مصدر لها تأكيد حق الشعب كمالك للسلطة في نزعها ممن يكلفه القيام بها في أي وقت إذا ما اخل أو خالف شروط العقد بينه وبين الشعب .
        أن تستند الدولة المدنية الحديثة على الإرادة الحرة لجميع المواطنين وأن تكفل تحقيق المواطنة المتساوية وعدم التمييز أو التفرقة بين أبناء المجتمع  وان لا تمس بمقومات الوحدة الوطنية أو تضعف من الشعور بالولاء الوطني للدولة من جميع مواطنيها بما يضمن لها الحماية من أي اختراق قد يستهدف إضعافها أو تمزيقها.
إن عدم الاستقرار التشريعي في اليمن كان أحد الأسباب الرئيسة لعدم الاستقرار السياسي وتكرار الأزمات والاحتقانات السياسية وتغييب دور الدولة  (كمؤسسة) بسبب تركيز السلطة في يد رأس الدولة وعدم إخضاعه لمبداء المسئولية القانونية وغياب الممارسات الدستورية الحقيقية لمؤسسات الدولة , ولذلك فإن وضع ضمانات دستورية قوية تحمي النظام الدستوري الذي سيختاره ويقره الشعب اليمني وتحمي مؤسساته القائمة على الاختيار الشعبي وتحول دون السطو عليها أو انتهاكها او التحايل عليها ضمانة أساسية لتحقيق الاستقرار السياسي وعدم تكرار الأزمات الكبرى  إن الشريعة الإسلامية كمرجعية حاكمة للتشريع في اليمن تحدد القيم العليا والمبادئ الأساسية للتشريع (العدل والمساواة والحرية ومرجعية الأمة والحكم المدني بالشورى (الديمقراطية) كنظام متكامل للعلاقة بين الدولة والمجتمع في ظل الشريعة..الخ) ولكنها لا تلزمنا بتكرار أي من  التجارب التاريخية أو الاجتهادات التفصيلية فلكل مرحلة خصوصياتها (انتم ادرى بشئون دنياكم).
    أن شكل نظام الحكم من المصالح المرسلة التي تخضع لإرادة الأمة ومصالحها المعتبرة وأن كل فكرة لا تتصادم مع الشريعة فهي منها ولا يجوز معارضتها باعتبار أن مصلحة الأمة الإسلامية إحدى قواعد الشريعة الإسلامية بل من أهم أهداف الشريعة (حيثما تكون المصلحة فثم شرع الله).
وبعــد: فقد مثلت الثورة الشبابية الشعبية السلمية أعظم رد اعتبار للشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه ومناطقه أمام نفسه أولا وإمام العالم ثانيا الذي أدرك ان الشعب اليمني ليس تلك التجمعات العشائرية المتخلفة التي صورته الدعاية المضللة، تشده العصبية القبلية و تحرك الصراع والاقتتال بين أبنائي متطلبات الحياة البدائية وتصفه بالتطرف والعنف والإرهاب وكراهية الآخرين، فقد أبرزت الثورة الشبابية أروع ما في هذا الشعب من قيم حضارية وثقافية واجتماعية في أرقى درجات السلوك الحضاري والإنساني فقد اختفت كل مظاهر الاختلاف وسقطت كل أسباب الانقسام والصراع الاجتماعي والسياسي والطائفي والقبلي لتحل محلها صورة واحدة وموحدة تهتف بتغيير النظام وإنهاء الأوضاع الفاسدة والتحرر من سياسة القهر والإذلال وهي حقيقة ينبغي على الجميع استيعابها اذ أنها قابلة للتكرار عند الضرورة،وإذا كانت الشعوب والأمم الحية لا تنتظر من احد أن يرد لها اعتباره فإن ذلك لا يسقط حقها في الاعتذار لها ممن أساؤوا إليها تلك بعض محددات الحوار وليس كلها وهي مع ذلك وجهة نظر شخصية، قد يوافقني البعض عليها او على بعضها، وحسبي اجر من اجتهد فأخطأ، وهي دعوة مخلصة لكل من يمسكون اليوم بخيوط الأزمة  وبأيديهم مفاتيح التسوية بان يتقوا الله سبحانه في وطنهم ومستقبل أولادهم والى كل من يحملون الهم الوطني على كواهلهم ان يزدادوا إيمانا بواجبهم الوطني الذي يعتبر اليوم (فرض عين) إذا لم يقم به القادرون عليه وقع الجميع في الإثم وسقط الوطن –لا سمح الله- في نفق مظلم لا يدرك له قرار.
أخبار ذات صله