fbpx
الحوثيون يعيدون إحياء الإمامة الزيدية في اليمن بمواصفات إيرانية
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

كثّف الحوثيون حملتهم ضد الحريات التعليمية والمدنية في اليمن خلال الأشهر الأخيرة، بما في ذلك تغيير المناهج الدراسية لتمجيد الإمام الهادي يحيى، والد الإمامة في البلاد التي حكمت شمال اليمن من عام 897 حتى عام 1962. ويأتي ذلك ضمن أهداف أوسع للحوثيين لفرض تفسيرهم الصارم للزيدية، وهي فرع من الإسلام الشيعي، من أجل إحياء الإمامة الزيدية التاريخية في اليمن.

وتأتي التغييرات في المناهج التعليمية في العاصمة صنعاء ومدن أخرى خاضعة لسلطة الحوثيين، في أعقاب إجراءات صارمة أخرى فرضت على المدنيين اليمنيين، حيث أصدر الحوثيون في يونيو الماضي قانون ضرائب يقسّم اليمنيين بطريقة عنصرية، يمنح 20 في المئة من دخل وعائدات اليمنيين لعشيرة بني هاشم، التي ينتمي إليها قادة الجماعة الحوثية.

وسعى الحوثيون منذ سنوات إلى تغيير المجتمع اليمني بتحويله إلى المذهب الزيدي الذي تتبناه هذه الجماعة.

وأنشأ الحوثيون سجنا مفتوحا لمنتقدي نظامهم. ونفذوا أساليب تعذيب وحشية ضد المعارضين في حين أن أجزاء من أراضيهم تشبه المجمّعات العسكرية في حربهم ضد الحكومة الشرعية المتواجدة في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن والمعترف بها دوليا.

وانتقدت منظمات دولية تجنيد الحوثيين للأطفال في حرب اليمن المستمرة منذ خمس سنوات، واتهمتهم بالتستر على أعداد كبيرة من حالات الإصابة بفايروس كورونا لضمان استمرار قدراتهم على التجنيد.

ويرى الباحث جوناثان فينتون-هارفي أن التركيز على الانتهاكات التي يقترفها الحوثيون جعل العالم يتغاضى عن تلاعبهم بالأيديولوجية الزيدية للسيطرة على المجتمع على الرغم من أنه يؤدي إلى المزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان.

وكتب هارفي في تقرير بموقع “إنسايد أرابيا”، “هذا جزء أساسي من رغباتهم في تشكيل نظام صارم يتمتع من خلاله قادة الحوثي بالسلطة المطلقة”.

وانبثق الفصيل من صعدة كحركة إحياء صغيرة في عام 1992، ثم عُرفت باسم حركة “الشباب المؤمن” وزعمت الحركة أنها تحمي الزيدية الأصيلة من نمو السلفية، بينما تدعم أولئك الذين تم تهميشهم اقتصاديا وسياسيا بعد سقوط الإمامة.

وبحسب أحد المقيمين في العاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها الجماعة، فإن الحوثيين أسسوا مدارس ومؤسسات جديدة في صعدة لنشر أيديولوجيتهم بين الطلاب الشباب والمجتمع بشكل عام طوال فترة توسعهم، مع تعزيز الفكر الأيديولوجي الإيراني.

تفكيك النظام الجمهوري وتأسيس جمهورية إسلامية مرشدها الحوثي

وفي معقل الحوثيين في صعدة، أدخلت الجماعة في فبراير الماضي على المدارس مقاطع فيديو يومية لمحاضرات يلقيها يحيى الحوثي شقيق الزعيم عبدالملك الحوثي. وبحسب بعض أولياء أمور الطلاب، فإن الحوثيين استخدموا هذه المحاضرات “كمحاولة لتحويل الأطفال إلى أتباع، وجذبهم إلى معاركهم وفقا لتوجيهات الزعيم الحوثي لإشباع رغباته من خلال السيطرة على اليمنيين وحكمهم”.

ويعود استخدام المدارس كمحاور للتجنيد إلى حروب صعدة، حيث أرسل الحوثيون عشرات الآلاف من الشباب إلى المعسكرات الصيفية والبرامج الاجتماعية أو التعليمية لتلقينهم عقيدة الانخراط في المعارك. وفي الآونة الأخيرة قاموا بتمجيد حلفائهم في هذه البرامج، وخاصة إيران، مما يشير إلى تحول الحوثيين نحو طهران.

وقال أحد سكان صنعاء إن الحوثيين يريدون أيضا جعل الجيل القادم جاهلا وغير متعلم لتسهل السيطرة عليه. وأضاف أن الجماعة فرضت ضرائب باهظة على المدارس الخاصة، مما صعّب المهمة على أولياء الأمور للوصول إلى تعليم ذي قيمة.

وتعمل الجماعة على ضرب التقاليد الثقافية اليمنية المتآكلة أصلا، لاسيما تلك التي تتعارض مع قيم الفصيل.

ويعمد الحوثيون إلى غلق المحلات التجارية التي تبيع الملابس والفساتين المخالفة لمعتقداتهم أو يحرقون بضائعهم. كما اعتقلوا الشباب الذين يتميزون بقصات شعر تنتهك تعاليمهم. وشنوا “حملة أخلاقية” في مارس الماضي، لإغلاق مقاه مختلفة في صنعاء. واقتحمت ميليشياتهم مقهى خاصا بالنساء وطالبت بإغلاقه.

وذكرت صاحبة المقهى، شيماء محمد، في منشور على فيسبوك أعلنت فيه إغلاق المقهى، أن “رجالا مسلحين ملأوا الشارع ووجهوا الشتائم إلى النساء أثناء مغادرتهن. وأنه يجب أن تكون النساء في بيوتهن. لماذا يخرجن للأماكن العامة؟”.

وعلى الرغم من أن اليمن قد احترم في السابق الحريات الفردية وكذلك الأنشطة الترفيهية والثقافية الأخرى، إلا أن الحوثيين يحاولون تقويض قيم المجتمع اليمني، كما سعوا إلى محو التراث الثقافي التاريخي لليمن خلال توسعهم.

وأفرغ الفصيل الطائفي المتشدد المتاحف من قرون مختلفة أو حتى قطع أثرية عمرها الآلاف من السنين. كما يتّهم السكان المحليون الفصيل بقصف متحف في تعز متخصص في التراث اليمني.

ودفعت أنماط الحياة المترفة هذه بالعديد من اليمنيين والمراقبين إلى الاعتقاد بأن الحوثيين يستخدمون عقيدتهم فقط كوسيلة للسيطرة على المجتمع ووقف المعارضة لقادة الجماعة

وطالب الباحث جوناثان فينتون-هارفي المجتمع الدولي بأن يُدرك طبيعة الحوثيين الحقيقية، بدلا من رؤية الحرب فقط من خلال عدسة سياسية، لتحقيق نظام عادل لليمنيين.

وسوم