يافع نيوز ـ متابعات
يقود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس، قمة لدول جنوب الاتحاد الأوروبي في جزيرة كورسيكا الفرنسية ينتظر أن تنتهي بضبط استراتيجية موحدة لتجنب تفاقم الأزمة بين تركيا واليونان في شرق المتوسط، تحضيرا لقمة الاتحاد الأوروبي التي ستنعقد في سبتمبر الجاري والتي تضع ضمن خياراتها فرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على أنقرة.
ورغم أن الاتحاد الأوروبي يميل إلى حل الخلاف بين تركيا واليونان بشأن أحقية التنقيب عن الغاز في المناطق المتنازع عليها شرق المتوسط بالطرق السلمية، إلا أن إشارات التصعيد التركي المتتالية تقلل من تلك الفرص وتعزز حظوظ التوجه إلى فرض العقوبات.
وخيّر التكتل الأوروبي في وقت سابق تركيا بين وقف استفزازاتها أو مواجهة العقوبات، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد الثلاثاء “عزم” بلاده على المضي قدما في أنشطة التنقيب، قائلا “لن نتراجع عن حقوقنا”.
وسيناقش الرئيس الفرنسي الملتزم جدا بهذا الملف الوضع مع رؤساء وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي وإسبانيا بيدرو سانشيز واليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس والبرتغال أنطونيو كوستا ومالطا روبرت أبيلا والرئيس القبرصي نيكوس انستاسياديس .
وقال قصر الإليزيه إن الهدف هو “التقدم على طريق التوافق حول علاقة الاتحاد الاوروبي بتركيا، تحضيرا خصوصا للقمة الأوروبية في 24 و25 سبتمبر التي ستكرس” لهذا الغرض في بروكسل.
ويرى مراقبون أن باريس، التي تجمعها علاقات متوترة مع تركيا في عدة ملفات على غرار سوريا وليبيا، تسعى من خلال قمة كورسيكا إلى استنهاض جبهة أوروبية موحدة ضد التحفظ الألماني على فرض عقوبات أوروبية على تركيا.
ويستوجب التصديق على فرض عقوبات اقتصادية موافقة جميع الدول الأعضاء الـ27 وهو ما ليس متوفرا حتى الآن قبل قمة سبتمبر، لكن الإجماع الأوروبي بشأن هذا التوجه سيضع برلين أمام تحد حقيقي بشأن جدوى التضامن الأوروبي زمن الأزمات، ما قد يدفعها إلى مراجعة خياراتها.
وحذر نائب وزير الهجرة اليوناني جيورجوس كوموتساكوس من أن أنقرة قد تستخدم المهاجرين ورقة للضغط على الاتحاد الأوروبي، لعدم فرض عقوبات عليها.
وتحاول ألمانيا التي تجمعها علاقات اقتصادية كبيرة مع أنقرة وتخشى موجة جديدة من المهاجرين لتفادي هذا السيناريو الذي قد يعمق الانقسام الأوروبي بشأن أكثر الملفات حساسية على الإطلاق.
وتنظر ألمانيا بجدية بالغة إلى هذا التهديد، فالمستشارة أنجيلا ميركل عازمة على تفادي أزمة مهاجرين جديدة خلال توليها رئاسة الاتحاد الأوروبي لنصف السنة الجاري.
وأدى إعلان تركيا في مطلع العام فتح حدودها مع اليونان إلى تدفق عشرات الآلاف من المهاجرين، بعدما رفض الاتحاد الأوروبي دعم سياسات أنقرة في سوريا وهدد بفرض عقوبات عليها.
وعبر مئات الألوف الحدود إلى أوروبا من تركيا عبر اليونان في 2015 و2016 قبل إبرام اتفاق توسط فيه الاتحاد الأوروبي للحد من تدفقهم، لكن أعداد الوافدين الجدد ارتفعت منذ سبتمبر 2019.
وبحسب أرقام المفوضية العليا للمهاجرين، وصل أكثر من 46 ألف مهاجر إلى اليونان عام 2019، ما يزيد عن عدد الوافدين إلى إسبانيا وإيطاليا ومالطا وقبرص معا.
وحتى إن كان هذا الرقم لا يقارن بمليون لاجئ وصلوا إلى أراضيها عام 2015، فإن تزايد الأعداد يعيد طرح مسألة استقبال اللاجئين في اليونان، ولاسيما مع اكتظاظ المخيمات التي أقيمت لاستقبالهم في جزر بحر إيجه، ما يجعلها عاجزة عن استقبال موجة جديدة من المهاجرين قد تتأتى عن الوضع المتأزم في شرق المتوسط.
وتجد اليونان وقبرص نفسيهما في خط المواجهة الأول مع تركيا التي تطالب بحق استغلال النفط والغاز في منطقة بحرية تؤكد أثينا أنها خاضعة لسيادتها.
وفي الأسابيع الأخيرة، قامت هذه الدول بعرض عضلات مع تصريحات قوية اللهجة ومناورات عسكرية وإرسال سفن إلى المنطقة.
وأبدت فرنسا بوضوح دعمها لليونان بنشرها سفنا حربية وطائرات مقاتلة في المنطقة في مبادرة شجبها بقوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المغتاظ أساسا من فرنسا.
وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي في تغريدة إن “المتوسط يجب ألا يكون ملعبا لطموحات البعض: إنه ملكية مشتركة”، حيث “احترام القانون الدولي يجب أن يكون القاعدة وليس الاستثناء”.
وتؤجج جزيرة كاستيلوريزو القريبة جدا من المياه الإقليمية التركية غضب أنقرة لأن السيادة اليونانية عليها تحرم تركيا من مساحات بحرية غنية بالغاز تمتدّ مئات الآلاف من الكيلومترات.