fbpx
يعيشك ربي برشاء

 

كتب/ علي عبد الله البجيري
تونس الخضراء بلد عربي اصيل، و شعب شهم أبيّ مضياف، شعب قاوم الإستعمار ببسالة وقدم التضحيات من أجل نيل استقلاله الوطني.عام 1956 انطلق نحو المستقبل،لبناء دولة حديثة نظامها جمهوري برئاسة الحبيب بورقيبة، دافعاً بتونس إلى مرحلة الدولة العصرية،تحت حماية ومضلت دستور جديدة ضمن لكل مواطن حق التعليم والعمل والعلاج ومنح المرأة التونسية كامل حقوقها وهوا مآ عارضته بعض القوى السياسية وخاصة الإخوان المسلمين ..مما دفع بالرئيس بورقيبة إلى القول :
سأفرض حرية المرأة وحقوقها بقوة القانون لن أنتظر ديمقراطية شعب من المنخدعين بالثقافة الذكورية بإسم الدين.
إن القضايا التي طرحها بورقيبة منذ قرابة نصف قرن كانت اجتماعية او سياسية، ما زالت حتى اليوم محل نقاش،لقد نصح الزعماء العرب بضرورة قبول قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين وانشاء دولتين فلسطينية ويهودية، ولكن العقلية السياسية لزعماء تلك المرحلة من ستينيات القرن الماضي كانت فاقدة للبصيرة وبعد النظر واتهم بالخيانة، واليوم ضاعت فلسطين ومعها اجزاء كبيرة من حدود الدول العربية الجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية، وغور الأردن والسيادة المنقوصة على سيناء المصرية، لقد سبق بورقيبة عصره وطرح العديد من الأفكار النيرة مما جعله هدف للتشويه والاتهام بالكفر والإلحاد من قبل الاخوان ، ولم يتردد في الرد على تلك الحملة بالقول:
هم يناضلون لقطع الأيادي والرؤوس، ونحن نناضل لتظل الرؤوس شامخة والأيادي مرفوعة.
إن نزعة الحداثية التي قامت عليها “الخصوصية التونسيّة”، ارتبطت بشخصية بورقيبة الكاريزماتية.وهي ناجمة بالدرجة الأولى من احتكاكه بالثقافة والحداثة الأوروبية، وترتكز في الوقت ذاته على فلسفة وطنيّة وتاريخية وحضارية.
ولعلنا نطرح بعض الملاحظات بمستقبل تونس التي تعصف من حولها رياح سياسية عاتية واطماع اقتصادية متضاربة، ونوجز ذلك فيما يلي:
اولا: إن تونس اليوم تواجه مشاريع سياسية مختلفة، في محاولة للإبحار بها إلى ما سمي” بالربيع العربي” وهو في الحقيقة الخراب العربي ، الذي قالت عنه ” هاليري كلنتون في مذكراتها انه تم بالاتفاق مع الاخوان المسلمين” بصفقة “لنا احتكار الثروة ولهم الحكم والسلطة.”
ثانيا: إن التحديات التي تواجها تونس غير عادية منها داخلية مرتبطة بالدور التخريبي لحركة النهضة الاخوانية، وخارجية بإنعكاسات الوضع الليبي المتفجر والمشتعل على بعد امتار من الحدود التونسية، أما التحدي الأكبر والأخطر فيكمن في معالجة الازمةالاقتصادية، ووضع آلية علمية لإنقاذ البلاد والعباد قبل فوات الأوان .
ثالثا: رئيس الوزراء التونسي المكلّف السيد هشام المشيشي يصر على الخروج عن نمط ونهج المحاصصة الحزبية
التي جاءت نتاجاً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، وأفرزت خريطة سياسية مختلفة.
رابعا: المراقبون للمشهد السياسي يتوقعون مضي المشيشي في نهج غير معتاد للحياة السياسية التونسية ان سمحت له الظروف، يتمثل في تشكيل حكومة كفاءات، خاصة أن الرجل غير منتمٍ إلى أي توجهات حزبية أو متحالف مع جهات من شأنها أن تعرقل حريته في اتخاذ قرارات تعيد التوازن إلى الحياة السياسية.
خامسا: لا شك أن المشيشي يواجه تحديات كبيرة لإنجاح حكومة.بعيداً عن الحسابات الحزبية الضيقة، تبقى الإصلاحات الاقتصادية وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة المختلفة الهم الأكبر للمواطن التونسي، الذي خسر الكثير من جراء التقلبات في السياسات الاقتصادية للدولة. وعودة تونس إلى المسار الصحيح والفاعل في محيطها الإقليمي والعربي والدولي.
سادسا: ما احوج تونس اليوم إلى عقلية جديدة تدير الحكومة المقبلة بكفاءة عالية بعيدة عن الخلافات السياسية، التي لم تولد سوى أزمات داخلية.
اختتم مقالي بما قاله شاعر تونس ابو القاسم الشابي رحمة الله عليه” وهو ينظر إلى الطموح المشروع ” أبارك في الناس أهل الطموح ومن يستلذٌ ركوب الخطر.
وأعلن في الكون أن الطموح لهيب الحياة.وروح الظفر
إذا ما طمحت إلى غاية لبستُ المُنى وخَلعتُ الحذَر.