إن التَّكبير هو التَّعظيم، والمراد به في تكبيرات الحجتعظيم الله عز وجل على وجه العموم، وإثبات الأعظمية لله في كلمة «الله أكبر» كناية عن وحدانيته بالإلهية، ولذلك شُرع التكبير في الصلاة لإبطال السجود لغير الله، وشُرع التكبير عند نحر البُدْن في الحج لإبطال ما كانوا يتقربون به إلى أصنامهم، وكذلك شرع التكبير عند انتهاء الصيام؛ إشارةً إلى أن الله يُعبد بالصوم وأنه متنزهٌ عن ضراعة الأصنام بالآية السابقة.
يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إنّ التكبير للحَجّ يكون بقَوْل: «الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد»، وقالوا بجواز الزيادة على الصيغة السابقة بقَوْل: «الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله وبحمده بُكرةً وأصيلاً، لا إله إلّا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلّا الله، ولا نعبد إلّا إيّاه، مُخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهمّ صلِّ على سيدنا محمّدٍ، وعلى آل سيدنا محمّدٍ، وعلى أصحاب سيدنا محمّدٍ، وعلى أزواج سيدنا محمّدٍ، وعلى ذُريّة سيدنا محمّدٍ، وسلِّم تسليماً كثيراً»، ووقت التكبيرات في الحجّ: يكون التكبير في أيّام العشر من ذي الحِجّة، وأيّام التشريق في عيد الأضحى؛ استدلالاً بقَوْل الله -تعالى-: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)، يبدأ وقت التكبير من بعد صلاة الفجر من يوم عرفة، إلى ما بعد عصر آخر يومٍ من أيّام التشريق.
والتكبير يوم النَّحر حين الانتقال من مزدلفة إلى مِنى؛ لرَمْي جمرة العقبة؛ فقد ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: «لقد خَرجتُ معَ رسولِ اللَّهِ، صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ، فما ترَكَ التَّلبيةَ حتَّى رمَى جَمرةَ العقَبةِ إلَّا أن يخلِطَها بتَكبيرٍ أو تَهليلٍ»، والتكبير حين رَمْي الجمرات، إذ يُستحَبّ التكبير عند رَمْي الجمرات بقَوْل: «الله أكبر» مع كلّ حصاةٍ؛ استدلالاً بما أورده الإمام البخاريّ عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه: «كانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ علَى إثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ.. ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ الوُسْطَى كَذلكَ.. ويقولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفْعَلُ»، والتكبير حين ذَبْح الهَدْي الواجب على الحاجّ المُتمتِّع، أو القارن؛ إذ تُشرع عند الذَّبْح التسمية، والتكبير؛ بقَوْل: «بسم الله، والله أكبر»، ويُسَنّ كذلك للحاجّ التكبير في مُزدلفة عند المَشعر الحرام؛ فيقف عنده بعد الانتهاء من صلاة الفجر، ويستقبل القِبلة، ويُكبّر الله، ويتوجّه إليه بالدُّعاء، وقد اتّفق أهل العلم على مشروعيّة التكبير في صلاة العيد، كما يُشرَع التكبير حين رجوع الحاجّ، وحين المرور بمكان مرتفعٍ أثناء المسير؛ إذ أخرج الإمام البخاريّ عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: «أنَّ رَسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، كانَ إذَا قَفَلَ مِن غَزْوٍ أوْ حَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ، يُكَبِّرُ علَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الأحْزَابَ وحْدَهُ»، ويُشرَع التكبير حين استلام رُكن الحجر الأسود أثناء الطواف بالكعبة، أو المرور بمُحاذاته، كما بيّن العلماء مشروعيّة الرقيّ على الصفا والمروة، واستقبال القِبلة، وتكبير الله -عزّ وجلّ- وتهليله، والتوجُّه إليه بالدعاء، كما يُشرَع التكبير للحاجّ حين يتّجه من مِنى إلى عرفة؛ فيَشرع بذِكْر الله -تعالى- والتكبير والتلبية؛ إذ أنّ يوم عرفة من أفضل الأيّام، ويُستحَبّ فيه الدُّعاء والذِّكْر، كما أنّه من الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء، وتُغفَر فيه الذنوب.