خسارة فلذة الأكباد يخلف في قلب الوالدين ألمًا لا يمكن أن يتجاوزاه بسهولة، أو ينسيا لحظة وقوعه. وفي منطقة الرياض وتحديدًا في شقراء امتحن الله قلب والدين بخسارة طفلهما الرضيع، والذي فارق الحياة في مستشفى شقراء العام.
أما تفاصيل الحادثة التي انتهت بوفاة الرضيع فبدأت بدخوله المستشفى سليمًا لا يعاني إلا من ارتفاع في الحرارة، ليستلمه الأب بعد ساعات جثة هامدة، حيث بدأت معاناة الطفل بكسر مسحة الفحص في حلقه، ثم تخديره تخديرًا كاملًا لإجراء عملية لاستخراج المسحة من حلقه، ليترك بعدها دون فحص بعد إجراء العملية ففقد الوعي بسبب انسداد مجرى التنفس في رئته، ثم لفظ أنفاسه بعد ٢٤ ساعة من دخوله المستشفى.
والد الطفل المواطن “عبدالله بن عبدالعزيز الجوفان” روى لصحيفة سبق وقائع الفاجعة قائلًا:” كان ابني عبدالعزيز يبلغ من العمر سنة وسبعة أشهر، ولا يعاني من أمراض مزمنة أو خطرة ولله الحمد، وفي مساء يوم الجمعة ١٢ ذي القعدة ١٤٤١هـ اشتكى من ارتفاع درجة حرارته، فراجعت به مستشفى شقراء بصحبة والدته، وبعد عرضه على الطبيب قرر ضرورة أخذ مسحة له عن طريق الأنف، مع أن صحته كانت جيدة ولا يعاني سوى من ارتفاع درجة حرارته، وبالفعل تم عمل مسحة للطفل عن طريق الأنف؛ إلا أن المسحة انكسرت داخل أنفه، فقرر الطبيب تنويمه وتخديره تخديرًا كاملًا لإجراء عملية لاستخراج المسحة من داخل أنفه، فرفضت تخديره وطلبت من الطبيب استخراج المسحة دون تخدير لكن الطبيب رفض ذلك وأصر على أنّ الوضع يستلزم تخدير الطفل تخديرًا كاملًا”.
وأكمل الأب:” عند ذلك تواصلت مع أحد الأقرباء ليتواصل بدوره مع أحد المسؤولين في المستشفى ليشرح له الوضع، فتفاعل المسؤول معنا مشكورًا، واتصل بالكادر الطبي، ثم اتصل بقريبي وطمأنه بأنّ إجراء الطبيب وطلبه سليم ولا خوف منه، فتوكلت على الله ووافقت على طلب الطبيب، ثم قام الكادر الطبي بتخدير الطفل تخديرًا كاملًا، وأجروا له عملية استخراج المسحة، وفي حدود الساعة الواحدة ليلًا أفادوني بأنّ العملية انتهت وأنّ الطبيب تَمَكّن من استخراج المسحة من أنف الطفل. وبعد العملية أفاق الطفل، وكانت والدته مرافقة له، وطلبت مرارًا من الكادر التمريضي أن يكشف عليه الطبيب المختص بعد إجراء العملية ويطمئن على وضعه، ويتأكد هل بقي من المسحة شيء داخل أنفه أم لا؟ وهل يوجد نزيف جراء العملية في مجرى التنفس أم لا؟ إلا أنّ الكادر أخبرها بأنّ الطبيب غير موجود، كون اليوم يوم إجازة ولا يوجد عمل، وفي حدود الساعة التاسعة صباحًا فَقَد الطفل وعيه فجأة، فقامت والدته بتبليغ الممرضات فورًا؛ فتبين توقف التنفس لديه، فتم إسعافه بالتنفس الصناعي، عندها حضرت أنا للمستشفى وطلبت حضور الطبيب المختص، وبعد وقت حضر الطبيب وتم عمل إشاعة له؛ ليتبين انسداد مجرى التنفس بإحدى الرئتين وفق إفادة طبيب الإشاعة، أما بقية أعضاء الطفل فتعمل ولا مشكلة فيها، وعند تدهور حالته طلبت تحويله لأحد المستشفيات المتخصصة بالرياض لإنقاذ حياته، وفعلًا جاءت الموافقة باكرًا في تمام الساعة 12 و18 دقيقة إلا أننا جلسنا في المستشفى ننتظر سيارة الإسعاف ولم تصل للطوارئ إلا بعد مضيّ ساعة كاملة ورغم ذلك جلسنا ننتظر نقل الطفل حتى صلاة العصر ولم يتم نقله ليعلن حينها وفاته _رحمه الله_”.
وأضاف:” في صباح يوم الأحد قمت بتسجيل بلاغين الأول: بلاغ بالتحقيق في سبب الوفاة غير المتوقع للطفل برقم ٢٣٠٦١٠٠، والثاني: عن سوء التعامل مع حالة الطفل برقم ٢٣٠٦١٧٥. وأناشد وزير الصحة أولًا: تشكيل لجنة عاجلة من خارج المستشفى للتحقيق في سبب وفاة طفلي غير المتوقعة، والتحقيق في سوء التعامل مع حالته، وكذا التحقيق في جميع الإجراءات التي اتخذها الكادر الطبي والتمريضي حيال وضعه؛ على أن يشمل التحقيق: سبب إجراء مسحة طبية لطفلي، وهل وضعه كان يستدعي إجراءها رغم أن عمره لم يتجاوز سنة وسبعة أشهر ورغم سؤال الطبيب لي ولوالدته وتأكده بأننا لم نسافر ولم نخالط أحدًا مصابًا بأي فيروس، وهل من قام بالمسحة مخول بذلك، وكذا هل من قام بإجرائها مؤهل أن يقوم بها وتنطبق عليه المواصفات التي اشترطتها الصحة لإجراء مسحات للأطفال، وهل عملية إجراء المسحة التي تم عملها لطفلي كانت سليمة؟، وأيضًا التحقيق في الأسباب التي دعت لانكسار المسحة داخل أنف طفلي؟ وهل قرار تخدير الطفل تخديرًا كاملًا لأجل استخراج المسحة قرار سليم؟ وهل عملية التخدير جرت وفق الضوابط الصحية السليمة؟“.
يذكر أنّ في وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة اتصل بالأب معزيًا، ووعده أن يتابع بنفسه قضية ابنه، ثم اتصل به مدير الشؤون الصحية في منطقة الرياض حسن الشهراني معزيًا.
يشار إلى أنه وفي صباح اليوم الاثنين حضرت لجنة لمستشفى شقراء واستمعت للكادر الطبي؛ إلا أنها لم تُجِب على استفسارات الأب أو تساؤلاته، كما لم تقم بالكشف التشريحي للطفل للتأكد من سبب انسداد الرئة وتوقف التنفس؛ فقط أفادته شفويًّا بالتنسيق مع البلدية لتحديد موعد لدفن طفله.