fbpx
هل سد النهضة بداية العد التنازلي للتضامن العربي المشترك؟

كتب/علي عبد الله البجيري
تمر الأمة العربية اليوم في منعطف تاريخي خطير، لا يشكل تهديدا لاستقرار وسلامة الأنظمة السياسية القائمة فحسب، بل ويهدد أمن الانسان العربي وأرضه وثرواته. اليوم تستهدف مصر العروبة سياسيا وأمنيا، بمشروع يهدد أمنها المائي وبالتالي أمنها الاستراتيجي. ذلك المشروع هو سد النهضة في اثيوبيا، المشكوك في أهدافه وتوقيته وفي تحمس الآخرين في المشاركة في تمويله، بالإضافة إلى ذلك فإن الغزو التركي لجارتها ليبيا على حدودها الغربية هو الاخر يهدد الامن القومي لمصر العروبة والتاريخ

ما يثير الحزن والأسى، هي تلك الاستحقاقات التي ندفع ثمنها غالياً من سيادة بلداننا، بينما  الموقف العربي الرسمي لم يخرج عن إطاره المعروف في إصدار بيانات التنديد دون اتخاذ مواقف عملية رادعة. فبدلا من الدعوة إلى قمة عربية طارئة لبحث مياه النيل وما تتعرض له بلدين عربيين، هما مصر والسودان، اكتفت الجامعة العربية بعقد اجتماع وزاري، ودعا الوزراء العرب إلى ضرورة امتناع كافة الأطراف عن اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب

السفير المصري المخضرم د مصطفى الفقي كتب متألما من الموقف العربي مستفسرا ب:  ” هل هان على العرب أمرهم حتى يشهدوا عبث الأتراك ولهو الأحباش ومخططات الفرس؟! ” مستغربا من ” ألا تستحق مصر موقفًا عربيًا موحدًا يواجه استفزاز إثيوبيا ويضعها فى حجمها الطبيعى بحكم إمكاناتنا الاقتصادية وثرواتنا الطبيعية وامتداداتنا الإقليمية” . انتهى الاقتباس.

هنا نقول بان أمام العرب خيارات كثيرة،  سياسية واقتصادية يمكن للعرب اللجؤ اليها. فلماذا لا يتم اتخاذها ضد اثيوبيا بالتدريج؟ بداء بإرسال وفد عربي مشترك رفيع المستوى الى العاصمة ألاثيوبية حفاظا على العلاقات التاريخية مع اثيوبيا، في محاولة لإقناع أديس أبابا باحترام مصالح مصر وفقاً للإتفاقيات السابقة، وفي حالة عدم الاستجابة، يمكن ان يتم التلويح بعقوبات اقتصادية وتجارية ووقف الإستثمارات العربية وصولاً إلى خفض   مستوى التمثيل الدبلوماسي.

بهذا الموقف العربي المشترك فاننا لا نعادي الشعب الأثيوبي الصديق ولا نعارض حقه في قيام مشاريع تنموية في بلاده، ولكننا ندعوا الحكومة الإثيوبية إلى سياسة حسن الجوار واحترام مصالح وحقوق مصر والسودان المائية.

إن ما يؤلم كل عربي هو مشاركة اموال عربية وتحديدً خليجية بتمويل سد النهضة الاثيوبي. أليس في ذلك قهرا ان نرى في تاريخنا المعاصر دول خليجية وهي تغرد خارج سرب العروبة وتشارك في تعطيش الشعب المصري ، لقد جاء اليوم الحزين والمؤلم الذى نرى فيه المال العربي يساهم في تدمير مقومات الأمة العربية بدلا من  نهضتها.

وعلى المستوى الدولي نرى ان جميع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وغيرها من الدول النافذة إقليميا ودوليا، لديها شركات تعمل في سد النهضة، بما يعني أن هذه الدول سوف تكون – في أفضل الأحوال- مترددة في اتخاذ أي موقف ضد إثيوبيا بشأن سد النهضة، وهذا ما حدث في اجتماع مجلس الامن الاخير، وبما يؤكد ان المواقف السياسية مرتبطة بالمصالح الاقتصادية والعكس كذلك.

وفي هذا السياق استأذن القارئ الكريم  لأضع أمامه حقائق تاريخية، والتذكير بمواقف مصر العروبة:
اولا عبر تاريخ امتنا العربية كانت مصر وستظل السد المنيع ضد كل المخططات التي تستهدف الأمة العربية وأمنها واستقرارها.
ثانيا مصر هي من وقفت في وجه مطامع شاه إيران في الخليج، وأعلنت ان الخليج هو خليج عربي وليس فارسي.
ثالثا  مصر هي من ساندت ثورة اليمن، ووقف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر خلال زيارته إلى اليمن عام‮ ‬1964م‮ ‬وقف متحديا الإستعمار  ‬قائلاٍ‮ ‬مقولته الشهيرة‮ ‬”على بريطانيا أن تأخذ عصاها وترحل من الجنوب “.
رابعا مصر  العروبة هي من وقفت مع ثورة الجزائر، وهي من تحملت دعم حركات التحرر العربية والافريقية.
خامسا مصر العروبة هي من واجهت احتلال العراق للكويت والرئيس مبارك رحمه الله هو من قال ان الكويت دولة عربية حرة مستقلة ولن نقبل بمصادرتها.
سادسا مصر هي من واجهت ولازالت تواجه المخططات الصهيونية. وهي من خاضت ثلاثة حروب، آخرها حرب اكتوبر الذي توصف بانها حرب التحدي واستعادة الكرامة وهزيمة إسرائيل إنابة عن العرب.” كما وصفها الزعيم انور السادات” رحمه الله.

اختتم مقالي بما قاله الشيخ الجليل  محمد متولي الشعراوي رحمه الله : انظروا إلى التاريخ من الذي رد همجية التتار عنه..انها مصر ..من الذي رد هجمات الصليبيين عن الإسلام  والمسلمين.. إنها  مصر.. وستظل دائما مصر رغم أنف كل حاقد ، أو مستغل او مستغل..إنها مصر…وستظل دائما مصر.