يافع نيوز ـ متابعات
قطع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل لافت مع حكومة الوفاق الوطني في ليبيا ورئيسها فايز السراج، والتقى بقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر في تغير في الموقف الفرنسي الذي جاء ردا على التدخل التركي في ليبيا وتصعيد أنقرة ضغوطها على أوروبا بحجة اللاجئين السوريين.
وأكد حفتر التزام الجيش الليبي بالهدنة، وأنه لن يتجاوزها إلا في حال أقدمت الميليشيات المسلحة التي تدعم حكومة الوفاق على خرقها، فيما تشير التطورات إلى أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة تصعيد عسكري لا مجال فيها للمناورة، خصوصا بالنسبة إلى حكومة السراج المدعومة تركيّا وبإعداد من المرتزقة السوريين استقدمتهم أنقرة للدفاع عن طرابلس.
وقال مصدر بالرئاسة الفرنسية إن قائد الجيش الليبي أبلغ الرئيس الفرنسي بأنه سيوقع على اتفاق لوقف إطلاق النار وسيلتزم به إذا احترمته الجماعات المسلحة التي تدعمها حكومة الوفاق المعترف بها دوليا.
وقال المصدر بعد أن اجتمع حفتر مع ماكرون في باريس “أكد لنا القائد العسكري حفتر بأنه ملتزم بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار لكنه سيتخلى عن هذا الالتزام إذا لم تحترمه الميليشيات”. كما اجتمع حفتر مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، على هامش زيارته الرسمية إلى باريس.
وكان مؤتمر برلين بشأن ليبيا قد أصدر في اختتام أعماله في التاسع عشر من يناير إعلانا أعرب فيه المشاركون عن التزامهم بقرار الأمم المتحدة الخاص بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا ووقف تقديم الدعم العسكري لأطراف الصراع وبذل جهود دولية لتعزيز مراقبة حظر تصدير السلاح، وبتسريح ونزع سلاح الميليشيات وفرض عقوبات على الجهة التي تخرق الهدنة.
وبدأ في الثاني عشر من يناير سريان وقف لإطلاق النار برعاية تركية روسية في القتال الدائر منذ أبريل الماضي، بين ميليشيات حكومة الوفاق، وقوات الجيش الوطني الليبي التي تحاول دخول العاصمة طرابلس، لكن الميليشيات التي تحاول تحقيق انتصار عسكري يساعد حكومة الوفاق في المفاوضات استمرت في القتال لكنها لم تنجح في إحراز أي تقدم.
ولا يعتزم ماكرون حاليا مقابلة فايز السراج أو التحدث معه حسب مصادر الرئاسة الفرنسية، في خطوة تكشف استياء فرنسيا ينفي ما راج من أنباء بشأن عزم باريس استئناف جهود الوساطة بين الفرقاء الليبيين.
وذكر مكتب الإعلام التابع للقيادة العامة للجيش الليبي، أن الرئيس الفرنسي أشاد بالدور المحوري الذي يلعبه الجيش الليبي في دعم عمليات مكافحة الإرهاب، مؤكدا “دعمه التام لتلك الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في كامل المنطقة”.
وكانت فرنسا من أولى الدول التي كسرت الصمت الدولي على العبث التركي بليبيا بعدما نشرت وكالة الصحافة الفرنسية في يناير أنباء مفادها أن حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول رصدت قبالة السواحل الليبية فرقاطة تركية تواكب سفينة تقل آليات نقل مدرعة في اتجاه طرابلس.
ونقلت عن مصدر لم تذكره، أن سفينة الشحن بانا التي ترفع العلم اللبناني رست في ميناء طرابلس، فيما أفاد موقع “مارين ترافيك” بأن السفينة كانت تبحر بعد ظهر الخميس قبالة صقلية.
وقبل ذلك اتهم الرئيس الفرنسي نظيره التركي رجب طيب أردوغان “بعدم الالتزام بكلمته ” من خلال قيامه بإرسال سفن تركية تحمل مرتزقة سوريين إلى ليبيا.
واستطرد “لقد رأينا في الأيام الأخيرة سفنا تركية تقل مرتزقة سوريين تصل إلى الأراضي الليبية” وهذا انتهاك صريح لما وعد به الرئيس أردوغان في مؤتمر برلين.
ويعد الموقف الفرنسي ضربة شديدة لحكومة الوفاق في الوقت الذي تعاني فيه من انشغال تركيا في سوريا، ومشاكل في تمويل القوات الموالية لها والميليشيات المحسوبة عليها، بالإضافة إلى قوات المرتزقة، بسبب تراجع الواردات بشكل كبير بعد حصار مشترك فرضته قوات الجيش وقبائل مناهضة لها على الموانئ وحقول النفط.
وقال مصرف ليبيا المركزي في طرابلس في بيان بصفحته على فيسبوك الاثنين إن إيرادات النفط والغاز بلغت 380 مليون دينار ليبي (275 مليون دولار) في يناير وفبراير.
وتأثرت صادرات الطاقة الليبية سلبا هذا العام بإغلاق تفرضه قوات ورجال قبائل متحالفون مع قائد قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) خليفة حفتر، الذي يقاتل لانتزاع السيطرة على العاصمة طرابلس من حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.
وكان البنك المركزي قال الشهر الماضي إن إيرادات النفط هبطت إلى الصفر في يناير. وأضاف البنك أنه لم يدفع أي رواتب في يناير ولا في فبراير، لكنه قال إن المؤسسة الوطنية للنفط دفعت 519 مليون دينار لتغطية دعم الوقود ونفقات تجارية.
وقال إن إيرادات الرسوم المفروضة على العملة الصعبة في الفترة ذاتها بلغت 6.1 مليار دينار. وذكر مصدر سياسي ليبي في تصريح لـ”العرب” أن زيارة حفتر إلى باريس تأتي في مستهل جولة له تشمل العاصمة الروسية موسكو والعاصمة الأردنية عمان.
وتأتي هذه الزيارة في وقت تحشد فيه ميليشيات حكومة الوفاق لتنفيذ هجوم من المتوقع أن يستهدف منطقة قصر بن غشير جنوب العاصمة طرابلس التي نجح الجيش في السيطرة عليها.
وكان الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري أكد الخميس أن “الساعات القادمة ستكون ساخنة جدًا في جميع قطاعات العمليات في المنطقة العسكرية الغربية” لافتًا إلى أن تلك المنطقة تشهد “تحشيدًا” من قبل ميليشيات حكومة الوفاق لـ”القيام بعمل كبير”.