fbpx
وماذا لو كان الحراك الجنوبي مسلحاً ؟!

اعتاد الرئيس عبد ربه منصور هادي في معظم خطاباته خلال السنة الأخيرة على اتهام الحراك الجنوبي بأنه مسلحاً وتدعمه دولة أجنبية . ولم يكن أخرها في حفل اختتام المؤتمر الـ21 لقادة وزارة الداخلية في 21 فبراير الحالي في صنعاء الذي وجه فيه الرئيس اتهاما وتهديدا مباشرا للحراك الجنوبي قائلا : ” نقول للذين لم يستوعبوا المتغيرات ولا الواقع الجديد اليوم أن دعواتهم للكفاح المسلح بتحريض من الدولة التي تدعمهم بالمال والإعلام والسلاح لن تـنفـعهم بل إنها ستؤدي إلى ضياع قضيتهم العادلة التي ستكون أهم محور في جدول أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتحظى بالدعم الإقليمي والدولي ” .

 

وكما هو واضح بأن أي تهمة  توجه للحراك الجنوبي إنما  توجه  للشعب ، لأن الحراك هو ثورة كل الشعب الجنوبي صاحب  “القضية” التي يعترف بها الرئيس هادي بأنها عادلة وتحظى بالدعم الإقليمي والدولي ، أي أنها  “قضية الجنوب” الوطن والشعب .. وهي قضية احتلال الجمهورية اليمنية لأرض دولة الجنوب بالقوة في حرب عام 1994م لتنهب وتستولي على كل مقدرات شعبها ، ولتحكمها بطريقة أقل ما توصف بالاستعمار – وفقاً  لما صرّح به اللواء علي محسن الأحمر في مؤتمر صحفي له عام 2011م – فالفرق كبير  بين  الاستعمار الأوروبي المعمِّر  وبين الاحتلال اليمني المدمِّـر !.

 

لم يكن الرئيس هادي غريباً على الوضع الأمني في اليمن في فترة  ما بعد احتلال الجنوب الذي أصبح جزءً من فوضى السلاح في اليمن الذي توجد فيه أكثر من 60 مليون قطعة سلاح بيد المواطنين المدنيين ، ولكن كان غريباً على الشعب الجنوبي أن تُـفتح الأسواق في الجنوب لبيع مختلف أنواع الأسلحة الفردية والذخائر بما فيها القنابل ومضاد الدبابات .. أسلحة  وُضعت في السوق الجنوبي لتشجيع المواطنين الجنوبيين على اغتنائها  واستخدامها ضد بعضهم البعض  في الثارات القبلية الدفينة التي سعت السلطة إلى إثارتها بينهم مع مختلف أنواع الفتن التي عفا عليها الزمن بعد أن نال الجنوب استقلاله الوطني عن بريطانيا عام 1967م .

 

ولم يكن صعباً على السلطة – خلال فترة حكم الرئيس هادي – أن تعرف أن إطلاق مئات الأعيرة النارية في الجو في مدن الجنوب ، أمام مرأى ومسمع سلطات الدولة المدنية والعسكرية  أثناء حفلات الزفاف ، دليل على حيازة الأسلحة الرشاشة من قبل سكان المدن بصورة علنية ، ودليل واضح بأن السلطة تريد نشر الفوضى في المدن ، لأن السلطة تعرف أنها لا تستطيع مواجهة المواطن الجنوبي مسلحاً .. ولكن عندما يخرج المواطن إلى ساحات النضال الثوري تاركاً سلاحه في منزله استجابة لمبدأ سلمية الثورة الجنوبية وأخلاقياتها ،  تجد السلطة فرصتها لتـفـتـك به وهو أعزل أمام العالم !.

 

ألم يكن باستطاعة الشعب الذي أندفع إلى عدن – للتظاهر بالملايين كقوة بشرية ليعبر عن نفسه سلمياً – قادماً إليها من الأرياف الجنوبية التي لم يخلو منها بيتاً من السلاح – وربما أكثر من نوع  – على الدخول إلى عدن بالأسلحة الشخصية ، لتصبح في الساحات ملايين الأسلحة  في يوم واحد  ، بمعدل سلاح واحد لكل مشارك ؟! .. وهل كان الرئيس سيتهم تلك الملايين الثائرة بأنها قدمت إلى عدن من إيران ؟! .. كلا ، فهو يعرف أن الثقافة السائدة في اليمن هي أن الشعب الجنوبي مسلحاً مثلما الشعب الشمالي مسلحاً أيضاً !.

 

وأخيراً ، إذا كان الرئيس يعرف بأن للشعب الجنوبي قضية عادلة ، فلا شك أنه يعرف بأن الحراك الذي يسعون إلى عزله عن الشعب الجنوبي ليس حزباً ولا فرقة منقسمة إلى جناح مسلح وجناح يفـتــقر إلى السلاح ، بل أن الحراك هو  الشعب الجنوبي الذي اختار الطريقة السلمية للثورة ؛ وبالتالي فالحراك السلمي هو كل هذا “الشعب المسلح” الذي تعمد أن يترك السلاح جانباً أمام من يعتبرهم إخوانه من الشمال وإن كانوا هم الظالمون !  والشعب الشمالي بريء مما يطمع به الطامعون ! ، ولأن الأمر كذلك ، فالشعب الجنوبي لا يريد الحرب ولا حتى التعامل بسلاحه الفردي الذي استخدمه ضد بريطانيا ، واستطاع به  فقط  دحر المستعمرين من عدن .