يافع نيوز ـ العرب اللندنية
تتواصل حملة يقودها حزب الإصلاح اليمني لإفشال اتفاق الرياض بشأن إنهاء القتال في عدن بين قوات المجلس الإنتقالي الجنوبي وميليشيات مدعومة من الإخوان في حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
وتهدف الحملة التي يقودها حزب الإصلاح من داخل الشرعية إلى إرباك التحالف العربي وإفشال اتفاق الرياض والعمل على ابتزاز السعودية بتفكيك جبهات صعدة المحاذية لحدودها.
وعزت مصادر سياسية يمنية الحملة التي يقودها حزب الإصلاح الإخواني إلى نتائج التقارب الإيراني التركي والدور القطري المتصاعد في الملف اليمني.
وانعكس التنسيق الإيراني التركي القطري على التحولات المتسارعة في المشهد اليمني على الصعيدين السياسي والعسكري، والذي يمر وفقا لمراقبين بمنعطف حاسم مع عودة الحراك الدولي الساعي لتحقيق اختراق في مسار التسوية السياسية التي عانت من جمود حاد طوال العام الماضي، في ظل إخفاق الأمم المتحدة في تنفيذ أي من بنود اتفاق السويد الموقّع بين الحكومة اليمنية والحوثيين.
وأشارت مصادر سياسية يمنية مطلعة إلى وجود عامل سياسي في الانتكاسات التي منيت بها قوات الجيش الوطني اليمني في جبهات نهم وصرواح والجوف في الآونة الأخيرة، حيث تؤكد المعطيات الأولية غياب أي مواجهة حقيقية فيما يشبّه الانسحاب من مناطق التماس مع الحوثيين وإعادة التموضع الذي وصفته قيادات بارزة في الجيش الحكومي بالانسحاب التكتيكي لدواع عسكرية.
وأكدت المصادر على أن التصعيد الحوثي في الجبهات يتزامن مع الحملة الإخوانية لابتزاز التحالف العربي وتهديد السعودية عبر تفكيك جبهات صعدة.
وتزامن الهجوم الحوثي على عدد من المناطق المحررة في الجوف وصنعاء ومأرب، مع تجدد الدعوات التي أطلقها القيادي الإخواني حمود المخلافي لانسحاب المقاتلين من الحدود وجمع المئات من عناصر الإخوان في المعسكر الممول قطريا وعمانيا في منطقة يفرس بتعز ومحاولة إظهارهم كمقاتلين يمنيين منسحبين من جبهات صعدة على الحدود مع السعودية.
واستغرب مراقبون صمت قيادة محور تعز التي يهيمن عليها حزب الإصلاح إزاء النشاط العسكري والإعلامي المعادي للتحالف العربي بقيادة السعودية والداعي إلى انسحاب المقاتلين من جبهات الحدود مع السعودية، وصولا إلى افتعال الاضطرابات داخل عدد من المعسكرات اليمنية في صعدة بإيعاز من عناصر وقيادات إخوانية.
ووصفت مصادر يمنية الدور الذي يلعبه الإخوان في اتجاه تفكيك التحالف العربي وإرباك استراتيجية مواجهة المشروع الإيراني في اليمن، بأنه نتاج مباشر للدور التركي المتصاعد في الملف اليمني والذي كشفت عنه “العرب” في تقارير سابقة.
وكانت “العرب” قد انفردت بالكشف عن وصول وفد تركي إلى محافظة مأرب، في أعقاب زيارة سرية قام بها القيادي البارز في التنظيم الدولي للإخوان والأمين العام المساعد لحزب الإصلاح اليمني شيخان الدبعي الذي يقيم في العاصمة القطرية الدوحة.
ويهدف الدور التركي إلى تقويض الأمن القومي لدول المنطقة وخصوصا السعودية، وابتزاز دول التحالف العربي من خلال نقل المعركة إلى حدودها عبر أدوات يمنية داخلية تحظى بنفوذ في الحكومة اليمنية.
وتوالت التصريحات والمواقف الصادرة عن قيادات في الشرعية اليمنية طالبت علنا بإنشاء تحالف جديد يضم تركيا وإيران وقطر كبديل عن التحالف العربي بقيادة السعودية، كما أعلن وزير النقل اليمني صالح الجبواني عن توقيع اتفاق مع الحكومة التركية لإدارة الموانئ والمطارات اليمنية، في حين طالب عضو مجلس الشورى اليمني علي البجيري بالالتفاف حول الحوثيين، واصفا التحالف العربي بأنه “عدو الشعب اليمني”.
وكشفت مصادر خاصة لـ”العرب” عن زيارة مرتقبة سيقوم بها وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري للعاصمة التركية أنقرة، في تصعيد جديد يستهدف الأمن الإقليمي لدول التحالف. وتأتي زيارة الميسري، الذي يقيم في العاصمة العمانية مسقط، بعد سلسلة من التصريحات الإعلامية المناهضة للتحالف.
وبالنظر إلى خارطة المواجهات العسكرية الأخيرة وتقدم الحوثي المفاجئ في جبهات مأرب والجوف، لا يستبعد مراقبون أن تكون تلك الإخفاقات العسكرية التي مني بها الجيش الوطني اليمني نتيجة صفقة سياسية بين تركيا وقطر من جهة وإيران من جهة أخرى، وهو الأمر الذي تعززه تصريحات القيادي الحوثي البارز محمد البخيتي الذي تحدث في قناة “الجزيرة” القطرية عن هدنة غير معلنة بين قيادات الحوثي والإخوان تم التوقيع عليها في فترة سابقة.
وظهر القيادي في حزب الإصلاح ومحافظ الجوف أمين العكيمي برفقة قيادي ميداني حوثي في أثناء المواجهات المزعومة بين الحوثيين والإخوان في محافظة الجوف على الحدود السعودية، مما يرجح فرضية وجود قنوات اتصال بين الطرفين، بحسب مراقبين.
وحصلت “العرب” في وقت سابق على معلومات من مصادر متطابقة حول تورط قيادات إخوانية في بعض المحافظات المحررة بتسهيل وصول شحنات من الأسلحة والصواريخ والطائرات دون طيار عبر تلك المحافظات إلى الحوثيين، بالتنسيق مع “خلية مسقط” الإخوانية التي تتبنى خط التقارب الإخواني – الحوثي بهدف ابتزاز السعودية وتهديد أمنها لصالح حسابات دول إقليمية.
وكان تقرير أممي صادر عن فريق الخبراء الأمميين، في الحادي والثلاثين من يناير الماضي، قد كشف عن امتلاك الميليشيات الحوثية في عام 2019 أسلحةً جديدة من بينها نوع جديد من الطائرات بلا طيّار من طراز دلتا ونموذج جديد من صواريخ كروز البرّية.
وأكمل الحوثيون سيطرتهم على أجزاء من منطقة نهم التابعة لمحافظة صنعاء لكنهم انسحبوا لاحقا من المناطق التي سيطروا عليها في الجوف ومأرب، الأمر الذي ترجح مصادر أن يكون بمثابة إعادة ترسيم لخارطة القوة والنفوذ التي تتيح للإخوان الاحتفاظ بمحافظات إقليم سبأ (الجوف ومأرب) عدا البيضاء التي يبدو أن مصيرها سيحسم في إطار صفقة أكبر لإنهاء الحرب وتمكين الحوثيين من مناطق الشمال أو ما يعرف بالهضبة الزيدية.
وترتكز حالة التقارب التركية الإيرانية القطرية في الملف اليمني على قاعدة تمكين الحوثيين شمالا، ودفع الإخوان باتجاه الجنوب وخصوصا مناطق النفط والغاز في شبوة ومأرب وشمال حضرموت، وهي الاستراتيجية التي تهدف في المقام الأول إلى خلق بؤر توتر دائمة لتهديد الأمن القومي السعودي، عبر عدوين أيديولوجيين لدودين لأنظمة الخليج مجتمعة هما الحوثيون والإخوان.
وتشير مصادر مطلعة على كواليس المشهد اليمني إلى أن رفض تيار قطر – تركيا في الحكومة اليمنية تنفيذ اتفاق الرياض يعود إلى تعارض هذا الاتفاق مع التوجهات العامة للتنظيم الدولي الذي يسعى لفتح قنوات اتصال بحرية بين أنقرة ومناطق سيطرة الإخوان في اليمن عبر سواحل شبوة الممتدة والمفتوحة على المحيط الهندي والتي كان الحوثيون يستخدمونها ممرا لتهريب السلاح والصواريخ الباليستية قبل تحرير مناطق بيحان التي قطعت خط التهريب القديم قبل استبداله بخط آخر قادم من السواحل العمانية.
وفي ظل المعطيات المتوافرة حول التقارب التركي القطري الإيراني فيما يتعلق بالملف اليمني وبالنظر إلى نتائج وانعكاسات هذا التقارب على الأرض، تتمحور خطة التحالف الثلاثي حول ثلاثة مرتكزات أساسية، الأول يقوم على زيادة التنسيق الإخواني الحوثي المباشر على الأرض، والثاني المضي قدما -عبر أدوات تركيا وقطر في الحكومة اليمنية- في إرباك أداء التحالف ومحاولة تقويضه من خلال استهداف الإمارات على وجه التحديد والتشكيك في دورها في اليمن، والسعي لإفشال اتفاق الرياض وزيادة مساحة التهديد الحوثي للسعودية عبر تفكيك جبهات الحدود وسحب المقاتلين، إضافة إلى تركيز الحملة الإعلامية على الفصائل والمكونات الأخرى غير المنخرطة في استحقاقات التنسيق الثلاثي الذي يستهدف دول التحالف، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات المقاومة الوطنية بقيادة العميد طارق صالح.