مقالات للكاتب
صلاح السقلدي
منذ قبل وبعد حرب 94م الظالمة اتخذتْ سلطة ذلك العهد من الخلافات الجنوبية القديمة ونبشها بين الحين والآخر وخصوصا عند كل استحقاق وعند كل مناسبة وسيلة مناسبة لها، ولكنها أي تلك السلطة لم تكن بنفسها تضطلع بالمهمة بشخوصها الشماليين – إذا ما استثنينا الرئيس صالح-، الذي كان يذهب الى محافظة أبين ليذكّــِرها بالشهيد الرئيس سالمين، ثم يتبعها بزيارة الى محافظة لحج ليذكّـِـرها بالشهيد علي عنتر- بل كانت تعهد بمهمة النبش وإذكاء نيران الفتنة بدرجة أساسية لشخصيات جنوبية محسوبة على كل أطراف الصراع الجنوبي، والغرض كان اشعال تلك الحرائق، وهو ذات الغرض الذي تقوم به اليوم هذه السلطة التي هي أساسا امتدادا لسلطة 94م المقيتة.وإقحام اليوم موضوع التسامح بكل صغيرة وكبيرة في غمرة حروبهم لتمرير عبره مشاريعهم وأطماعهم بالجنوب لإضفاء شيء من التشويش والتثبيط على مفهوم التسامح ولتصوير الخلاف السياسي مع هذه السلطات بانه صراع جنوبي جنوبي وليس خلاف سياسي معها، ولا هو صراعا بين غطرسة الباطل وكفاح الحق.
في يناير 2006م وهو العام الذي جرت فيه الانتخابات الرئاسية التي وبرغم هزليتها إلّا أن تلك السلطات شعرت بخطر يتهددها ويقوض من سطوتها وفسادها وبالذات في الجنوب.وعلى إثر ذلك الشعور المضطرب فقد كشرت السلطة أنيابها ومخالبها الدامية بقوة من خلال تكثيف جرعة الفتنة بالوسط الجنوبي، الفتنة التي وصلت الى حد نبش مقابر الأموات ورفاتهم في عدن فقد تداعت عدد من الشخصيات الجنوبية بالداخل وبتنسيق ومباركة من القيادات بالخارج منهم الرئيس علي ناصر محمد للقاء في جمعية ردفان بالمنصورة بعدن، ليشكّــل ذلك اللقاء مرحلة فارقة بتاريخ الجنوب وتضميد جراحه ومجابهة شياطين الأنس المهووسون بإثارة الضغائن وبعثها من مرقدها بحسب توجيهات قصر التسعين لحاجة خبيثة هي في نفسها، ولمعرفة تلك السلطة أنها لن تظل تستأثر بالجنوب وبطاقاته إلّا بذات القدر الذي تنال من نسيجه الوطني والاجتماعي وتجهز على وحدته الداخلية من خلال بث روح الفرقة وإفشال كل مسعٍ لرأب الصدع الجنوبي. والعكس صحيح فلكما أندمل الجرح الجنوبي ولملم شتاته كلما ارتختْ قبضة اللصوص وأعوانهم.
ومن حينها أي منذ لقاء جمعية ردفان في يناير 2006م الذي سيظل عالقاً بالأذهان زاد سُــعار تلك السلطات واصيبت هي وأعوانها بحالة هلع شديدة وتفاقمت حالتها الجنونية، وتخبطتها عفارين السماء والأرض تحت فوق، فالتسامح في نظر هذه السلطة يمثّــل جريمة لأنه يطبق على شرها ويهدّد مصالحها ويفضح أطماعها.. فما تزال اليوم وعبر شخصيات وأصوات جنوبية وليس فقط شمالية تمارس ذات الشيطنة وتطلق ذات النباح وبذات الأسلوب الشرير، ومع ذلك مضت وتمضي قافلة ثقافة التسامح الجنوبي بدربها، كثقافة وليدة راقية تتكرّس يوما بعد يوم على أرض الواقع برغم ما يحيق بها من دسائس ومكائد بإيادٍ جنوبية وغ وغير جنوبية، و برغم ما يُـنفقُ لإجهاضها من أموال طائلة،ومن شراء ذمم وكسب ولاءات بائسة.