fbpx
مؤشرات وكواليس التسوية السياسة لحرب اليمن (٢)

 

كتب – العميد الركن ثابت حسين صالح.
في الحلقة الأولى تحدثنا عن الجهود التي بذلتها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وسلطنة عمان بهدف الحصول من الحوثيين على ضمانات تتعلق بالأمن السعودي بما فيها قطع العلاقات مع إيران بشكل كامل.
في هذه الحلقة -وقد حاولت أن اعتمد التسلسل التاريخي للأحداث ومن ثم الجانب التحليلي وصولا إلى استشراف تطورات المستقبل- نستعرض في هذه الحلقة الثانية الدور الأوربي في هذا السياق.
**************
اتجه الاتحاد الاوربي إلى لعب دور الوسيط بين امريكا وايران، و تشمل هذه الوساطة الموضوع اليمني. لذلك تناول المبعوث الاممي في إحاطته أمام الاتحاد الاوربي التفاهمات المتعلقة بالحديدة وأضاف اليها القضية الاهم وهي الضمانة الحوثية للسعودية، والتي صارت ضمن قضايا التباحث بين الاتحاد الاوربي وإيران .
حيث كشفت (وكالة أنباء فارس) أن إيران عقدت لغاية الآن 5 جولات من المحادثات حول اليمن مع الدول الأوروبية الأربع المذكورة وكان آخرها في العاصمة البلجيكية بروكسل في آذار/مارس الماضي بحضور المساعد السابق لوزير الخارجية في الشؤون السياسية حسين جابري أنصاري ومندوبي الدول الأربع ومساعدة منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي هيلغا شميد. ونقلا عن مصدر خاص فإن وزير الدولة للشئون الخارجية العماني الذي كان حاضر لاجتماع الاتحاد الاوربي والذي تقود بلاده مهمة توفير الضمانة قد عبر عن امنيته ان تقتنع السعودية بعد هذا كله بالضمانة الحوثية التي سيكون الاتحاد الاوربي شاهداً عليها.
 بعد استماع الاتحاد الاوربي في جلسته في بروكسل في يوليو 2018 للمبعوث الاممي مارتن غريفث قرر ارسال سفيرة الاتحاد الى صنعاء وسماع التعهد الحوثي مباشرة من السيد عبدالملك الحوثي، وفعلا في الاسبوع التالي عاد المبعوث الى صنعاء وبرفقته سفيرة الاتحاد الاوربي وذهبا معا الى صعده وبعدها عاد المبعوث وغادر في اليوم التالي فيما بقيت سفيرة الاتحاد في صنعاء لبضعة ايام، ولم يصدر عنها اي تصريح سوى عبارة نسبها اليها الإعلام الحوثي خلال لقاء مع وفد من قيادات الحوثي أنها “منبهرة” من شخصية السيد عبدالملك.
من خلال ما ذكر اعلاه وفي ضوء الخبر الذي تم نقله عن اجتماع عُقد في مقر الخارجية الإيرانية بالعاصمة طهران، السبت 17 أغسطس 2019 ، وضم وفداً من الحوثيين مع سفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، فضلاً عن المسئولين الإيرانيين.حيث قالت وكالة “أنباء فارس” الإيرانية إن المشاركين أكدوا على الإسراع بوقف الحرب والوصول الى حل سياسي للازمة، داعين للتعجيل في ارسال المساعدات الانسانية للشعب اليمني. وحسب الوكالة، “ترأّس الوفد الايراني كبير مساعدي الخارجية للشؤون السياسة الخاصة، علي أصغر خاجي، في حين ترأس الوفد الحوثي المتحدث باسم الحركة، محمد عبدالسلام، إلى جانب سفراء ومندوبي الدول الاوروبية ذات الصلة المعروفة باسم “E4″ وهي بريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا”.  وأضافت: “خلال الاجتماع طرحت الوفود المشاركة وجهات نظر بلدانها حول تطورات اليمن ومنها في المجالات السياسية والميدانية والاوضاع الانسانية، وأعربوا عن اسفهم العميق لاستمرار الاوضاع المتأزمة في هذا البلد والتي ادت لغاية الان الى مصرع واصابة عشرات الالاف من اليمنيين وتدمير بنيته التحتية”.  وتابعت: “أكدت الوفود المشاركة ضرورة التنفيذ الكامل لتوافقات ستوكهولم والالتزمات الكاملة للطرفين”، معتبرة ذلك تمهيدا للحل والتسوية السياسية النهائية لأزمة اليمن.
 مؤخرا زار طهران وفد حوثي برئاسة الناطق باسم الحركة الحوثية، محمد عبدالسلام، وسبق أن التقى بالمرشد الإيراني علي الخامنئي، الأسبوع قبل الماضي، في لقاء هو الأول من نوعه.
 ورغم الاعلان الحوثي عن تعيين سفير في طهران فهو لا يعدو ان يكون دعاية اعلامية تماثل تعيين سفير لهم في سوريا والذي لم تعترف به سوريا كما هو الحال مع طهران، فإن ذلك يندرج في اطار المحاولات التي هدفت للتغطية على الهدف الحقيقي من اجتماع طهران الثلاثي فإن موضوع توفير الضمانة الحوثية للسعودية والتعهد بقطع العلاقة بين الحركة الحوثية وإيران هو السبب الوحيد لعقد الاجتماع الذي يمثل تتويجا لهذه الضمانة التي تمثل سلطنة عمان وجهها الاقليمي والاتحاد الاوربي يمثل وجهها الدولي. وفي حال توافرت الطمأنينة السعودية لما تم تقديمه من ضمانات اقليمية ودولية من الحوثي، بالاضافة الى ما تعتقد السعودية إنه وضع امني مطمن لها في الجنوب فإن امكانيات انتهاء الحرب قبل نهاية العام تكون واضحة وممكنة بشكل كبير جداً.
في الحلقة الثالثة والأخيرة سنتناول إن شاء الله تعاظم الدور الجنوبي الذي انطلق مؤخرا بسرعة وتأثير حاسمين على مسار الحرب والسلم والذي خلط الأوراق وجعل اللاعبون الاقليميون والدوليون يعيدون النظر في شروط وعناصر اي تسوية سياسية قادمة… بعد المحاولات المستميتة التي بذلتها الحكومة اليمنية للحيلولة دون إشراك المجلس الانتقالي في مفاوضات ناهيك عن محاولات تغييب وتشويه موضوع الجنوب بشكل عام .