fbpx
رجال دين جنوبــيون .. وعن قضيتهم مُغيَّبــِـون

دار حديث قصير بين أحد أصدقائي  القدامى وبيني ، حول شبابنا الذين ذهبوا إلى العراق بعد الغزو الأمريكي .. فقد وجدت لدى ذلك الصديق تعاطفاً معي في هذا الأمر بعد  مرور أكثر من ثمان سنوات على قضية تآمر عصابات صنعاء على صفوة شبابنا عندما قاموا باختيار أفضلهم لإعدادهم وإرسالهم إلى محرقة العراق التي كانت واحدة من طرق التخلص من الشباب الجنوبي الذين توقعـَـت منهم تلك العصابات الوقوف  يوماً  ما  أمام ظلمها للجنوب .

 

وها هي سلطة عصابات صنعاء تجد أمامها شباب وأطفال وشيوخ ونساء الجنوب في مواجهة ثورية عارمة لم تكن يوماً تتوقعها .. فلم تجدي أساليبها على مدى نحو عقدين من الزمن في محاولة جعل ما يزيد على مليون جنوبي يضطرون إلى هجرة أرضهم بسبب الظلم وانتهاك حقوقهم في العمل والتعليم والسكن وغيره .. وبالمثل ، لم تؤثر على قوة مقاومة الشعب الجنوبي محاولة صرف أنظار الشباب الجنوبيين عن قضيتهم الوطنية من خلال محاولة فتح المزيد من المعاهد الدينية لجذبهم إليها بعيداً عن التفكير أو المشاركة في رفض الاحتلال .

 

كنت قد عرفت هذا الرجل “الصديق القديم” في الأيام التي تلت غزو الجنوب بشكل كامل في عام 1994م ، حين  كان له رأيا واضحا بأن الجنوب وقع تحت الاحتلال ويجب عدم السكوت عن ذلك .. وفي الأسبوع الماضي ألتقيته مرة أخرى ؛ وتحرّجت من السؤال ليذكرني باسمه .. لكنني عرفت منه بأنه التحق في السنتين الأخيرة  مع الشباب الذين يتبعون شيخ تــقي اتـخذ من مدينة الفــيوش في محافظة لحج مكان ليلقي عليهم “تعاليم” دينية حيث لا يتطلب الالتحاق أي شروط عدى الاقتناع برجل الدين القائم على المشروع وبعلمه .

 

سألت الرجل : ” وهل كنت قبل عامين تجهل ما يكفيك للعبادة ؟ ” .. قال : ” أردت الالتحاق من أجل المزيد ” .. فسألته : ” كم عددكم من يافع ” .. قال : ” العدد من منطقة يافع وحدها يفوق الألف بكثير ” .. قلت : ” هل شاركتم في المهرجانات المليونية الجنوبية ؟ ” .. قال : ” المشاركة في مثل هذه النشاطات ممنوعة  ، لكن البعض يخرجون لها خلسة ! ” .. قلت له : ” البعض من الشباب قد  يفهمون بعض أمور الدين خطأ ، وربما يميلون إلى ما يسمى (الجهاد) كهدف ” .. قال : ” لا لا لا .. الشيخ ما له علاقة بالقاعدة ! ” .. قلت :

 

” أعرف ذلك ، وأيضاً لم أتحدث هنا عن القاعدة .. ولكن المطلوب تعريف للجهاد لا يقبل الجدل ؟! ” .. قال : ” الجهاد حسب تعريف الشيخ هو مقاومة الغزو على أرض المسلمين ” .. قلت له : ” بصرف النظر عن المقاومة ، هل مفهومكم لـ” الغزو” ينطبق على ما حصل للجنوب ؟ ” .

 

عندئذٍ ، كان الرجل يبدو في عجل من أمره ، فأستأذن للذهاب ، وقال : ” سوف أسأل الشيخ عن ذلك  وأرد عليك لاحقاً ” .. قلت له : ” لا ترد ! ؛ فالسؤال هو لجميع رجال الدين الجنوبيين الذين عليهم أن يتـّـقون الله بالاجتهاد في بيان الحق حقاً والباطل باطلاً ! ، وليس بمجرد “تلقين” قول الله وقول الرسول اللذان يشكلان منهجاً متكاملاً لحياة المسلمين ؛ وبالتالي فإن تطبيقهما على الواقع وقول كلمة الحق هو المحك لرجال الدين في تقوى الله جل جلاله “..

وهذه هي القضية !!.

 

د. عبيد البري