fbpx
الجنوب ..بين القيادة والشعب بون شاسع

في حين تستحق الجماهير الجنوبية قبلة محبة وامتنان على ما قدمته وتقدمه من عطاء ونضال يستحق أن نقف إجلالا واحتراما أمام عظمته ونبله ورقيه فان القيادة الجنوبية على اختلاف مكوناتها وعواصم اقاماتها تستحق منا شيئا من الجلد والعتاب وتستحق قدرا غير يسير من التأنيب وعدم الرضا عن دورها، وان كان للبعض منهم دور مشهود ويحترم.
فلا مجال أبدا للمقارنة بين فعل الساحات الجنوبية ونضجه وقدرته على الصبر والمثابرة واجتراح المآثر رغم الصعاب والآلام ورغم الفاقة والحرمان وبين ما يقدمه ساسة الفنادق والمكاتب والمساكن الفارهة في أجمل العواصم ، بل انه على العكس من هذا فقد صار بعض هؤلاء الساسة يشكلون عبئا ثقيلا على الثورة السلمية الجنوبية فحين يتقدم الداخل خطوة إلى الأمام يأتي الخارج بعقده ومشاكله وأمراضه ليجره خطوتين إلى الخلف.
إن المطلوب اليوم وبعد ست سنوات من النضال الميداني ، قدم خلالها شعبنا الكثير من التضحيات والدماء وعانى الأوجاع والأنات التي طالت الآلاف ، إن يقف الساسة الجنوبيون أمام لحظة الحساب مع الذات وأمام شعبهم لتقييم تجربة الحراك النضالية خلال ست سنوات ماضية سلبا وايجابا ومن المهم في هذا الاتجاه الخروج بإجابة شافية على سؤال مفاده هل كان لهذه القيادة دور ايجابي صب في خدمة القضية أم عكس هذا كان دورها سلبيا وعامل إحباط لقوى الثورة في الداخل؟.
ربما لا يخفى على المتابعين والمهتمين بشان القضية الجنوبية انه وبعد هذه السنوات العجاف والتضحيات الجسام دون الوصول إلى الغايات المنشودة رغم ماتحقق من نجاحات ميدانية كبيرة، فقد تولدت لدى البعض قناعات بان القضية الجنوبية قضية عادلة ومضمونة لكنها أوكلت لمحام غير جيد لم يستطع الترافع عنها كما ينبغي ،ما تسبب في إطالة أمد التقاضي وربما قد يتسبب هذا المحامي إن هو استمر باستخدام ذات الأدوات البالية واللغة والنصوص غير المقنعة في الترافع في التسبب بخسارة القضية وبالتالي ذهاب تضحيات ومعاناة هذا الشعب أدراج الرياح .
من هنا يبدو من الملح بالنسبة لقادة الجنوب العمل على مراجعة أساليب وأدوات العمل المتبعة في إدارة ملف القضية وفي اللغة التي يتخاطب بها هؤلاء الساسة مع العالم بحيث بات من متطلبات السياسة الدولية الجديدة وما يحكمها من متطلبات ومصالح إن يخاطب ساسة الجنوب العالم بلغة عصرية قادرة على التأثير والإقناع كما إن من المهم إن تسهم القيادة في ضبط إيقاع الشارع وتجنبيه ارتجالية العمل وإهدار الطاقات والجهود فيما لا طائل منه ،سيما إن أدركنا ان استمرار الشارع على هذه النسق من النشاط الروتيني المنهك وبقاء القيادة مغردة في عالم آخر قد يتسبب ذلك في إصابة الناس بحالة من الملل والإحباط وتلاشي زخمها ومن ثم مغادرة الساحات مع مرور الأيام وهذا هو الرهان الابرز الذي يراهن عليه خصوم القضية للقضاء على هذه الثورة.
إن من أولويات عمل القيادات الجنوبية إن تؤسس لعمل مؤسسي ينظم علاقتها بشعبها وان تباشر الآن قبل الغد في اختيار طاقم عمل معاون مؤهل ومتخصص في مختلف المجالات المطلوب العمل عليها ،طاقم قادر على تقديم المشورة السليمة والتخلص من الأسلوب القائم على البطانات التي تحرص على تحقيق مصالحها ومغانمها الذاتية أكثر من حرصها على مصالح وطن مدمر وشعب يعاني.