fbpx
اليمن: مخاوف سياسية من إعادة هادي لسيناريو ‘الحكم العائلي’
شارك الخبر
اليمن: مخاوف سياسية من إعادة هادي لسيناريو ‘الحكم العائلي’

صنعاء – خالد الحمادي

خالد الحمادي: كشفت العديد من المصادر السياسية انزعاجها من السياسة الجديدة التي ينتهجها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في تعيين القادة العسكريين في قوات الجيش والأمن، والتي حصرها في منطقته القبلية بمحافظة أبين منذ توليه السلطة مطلع العام الماضي، وهي ذات الأسباب الذي أطاح بسلفه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي ثار اليمنيون ضده بتهمة توريث السلطة وتحويل السلطة إلى ملكية عائلية.
وعبّرت لـ(القدس العربي) عن ارتياحها من تمكن هادي إزاحة صالح من المشهد السياسي اليمني تدريجيا، وتحديدا التخلص من افراد عائلته الذين كانوا يتربعون مواقع قيادية في المؤسسات العسكرية والأمنية، آخرهم الاطاحة بنجله الأكبر العميد أحمد علي صالح، ونجل شقيقه يحيى محمد صالح، غير أن هذه الأوساط السياسية أبدت امتعاضها الشديد من الأسلوب الجديد الذي اتبعه هادي بتعيين كافة القادة العسكريين الجدد من أقاربه ومن منطقته القبلية ومحافظته الجنوبية أبين فقط.
وذكرت أن السياسة المتبعة من قبل هادي في تعيين القادة العسكريين، تعطي انطباعا قويا بعودة (حكم العائلة) لليمن، وإن اختلفت شخوصها، والتي كانت السبب الرئيس وراء اندلاع ثورة اليمنيين مطلع العام 2011 ضد حكم عائلة صالح ويخشى اليمنيون أن يكونوا أن يكونوا استبدلوا حكم عائلة بعائلة أخرى، وانتقلوا من حكم ديكتاتوري إلى ديكتاتوري آخر.
طبعا المبررات كانت منطقية في بداية الأمر عندما عيّن هادي العديد من أفراد عائلته والمقربين منه في قيادة قوات الحماية الرئاسية المكلفة بحمايته، بحكم عدم ثقته بغيرهم من القادة الذين قد يدين البعض منهم بالولاء لصالح، لكن مع استمرار مسلسل التعيينات للمقربين من هادي ولأبناء منطقته القبلية ولأبناء محافظته في مختلف المواقع العسكرية الهامة وكذا في السلطة القضائية، أثار الشكوك وحفّز المخاوف لدى العديد من السياسيين وشباب الثورة وحتى في أوساط الجنوبيين أنفسهم، الذين يشعرون أن البلاد تتجه نحو ذات السيناريو السابق الذي ثار اليمنيون من أجله وإن بشكل مختلف.
وعلمت (القدس العربي) من مصدر عسكري أن هادي عيّن من أقاربه ومن منطقته القبلية خلال 10 اشهر فقط نحو 182 قائدا عسكريا في مختلف المستويات القيادية، بينهم أكثر من 25 قائدا عسكريا من المستويات القيادية العليا في الجيش، بشكل تجاوز فيه سياسة صالح في ذلك، حيث كان صالح عيّن خلال فترة حكمه الذي يمتد لثلاثة وثلاثين عاما نحو 250 قائدا عسكريا فقط من أقاربه ومن منطقته القبلية.
وأكدت أن أبناء الرئيس هادي يمارسون سلطات سيادية، بدون أي سلطة قانونية سوى أنهم أبناء الرئيس هادي، حيث أن منصور هادي وهو أحد أبناء الرئيس هادي يعتبر المسئول الأول عن قوات الحماية الرئاسية، رغم وجود قائد صوري لها، ويعتبر المسئول الأول عن جميع المنافذ البرية والجوية والبحرية في البلاد، عبر العديد من الدوائر الخاصة التي يشرف عليها في جهاز الأمن القومي (الاستخبارات).
وذكرت أن جلال هادي، وهو النجل الآخر للرئيس هادي، تجاوز كافة الأعراف السياسية، لدرجة أنه أصبح يمارس صلاحيات والده الرئاسية في اطار الجهاز الحكومي، حيث يستدعي الوزراء ويلتقيهم في منزله باسم والده ويوجّه لهم الأوامر والتوجيهات من قبله، وكأنه الرئيس التنفيذي للبلاد، دون أي مصوّغ قانوني، وأنه نتيجة لذلك قدم 11 وزيرا في حكومة الوفاق الوطني شكاوى لوالده وبعضهم وصل به الأمر إلى تقديم استقالته بسبب تدخلات جلال هادي في صلاحياته الحكومية.
وأصبح نفوذ أبناء هادي السياسي والعسكري يوازي النفوذ الذي كان يتمتع به أبناء صالح خلال فترة حكمه، والذي يدفع بشكل مستمر نحو تصعيد المخاوف السياسية من احتمالية إعادة البلاد إلى حكم (عائلي جديد)، عبر ترشيح هادي نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، المقرر إجراءها بعد 13 شهرا، بحجة أن البلاد بحاجة إلى استمراره في السلطة لدورة رئاسية جديدة، رغم أنه حاليا رئيس انتقالي لمدة سنتين فقط، غير قابلة للتجديد، وفقا للمبادرة الخليجية بشأن نقل السلطة في اليمن.
ويخشى البعض من اتباع هادي لسياسة سلفه، بتخويفه للشارع بأنه إذا لم يستمر في السلطة فإن البديل سيكون صالح أو نجله أحمد، وهي ذات السياسة التي اتبعها صالح في نهاية حكمه، عندما كان بأنه إذا سقط حكمه فإن البديل سيكون تنظيم القاعدة.
وبطبيعة الحال تبدوا الطريق تمهّدت بشكل سلس أمام رئاسة هادي، الذي جاء من الظل إلى الرئاسة بدعم محلي وإقليمي ودولي بشكل غير مسبوق، وهو ما استفاد منها في الاطاحة بالرؤوس الكبيرة من أفراد عائلة صالح، واحد بعد الآخر، رغم المقاومة الشديدة من قبل صالح وافراد عائلته والمقربين منه.
وعلى الرغم من صموده في المشهد السياسي، وإدارته للأمور من وراء الكواليس لعدة شهور بعد تنحيه عن السلطة، اضطر صالح في الأخير إلى الاستسلام للأمر الواقع، وسلّم ‘الجمل بما حمل’، ليضع الثورة الشعبية في المحك، أمام صراع جديد مع سلطة الرئيس هادي الذي جاءت به الثورة لإنقاذ البلاد من (حكم العائلة)، ولكن على ما يبدو قد يكون نسخة جديدة من سلفه ومن (كبيره الذي علّمه السحر).

* القدس العربي

أخبار ذات صله