fbpx
اليمن ومجلس التعاون الملكي: شر البلية ما يضحك! / عبدالعزيز الكبسي
شارك الخبر

إن هاجس الخوف ربما قد طغى على العقلية الخليجية حتى من مجرد كلمات تقال هنا أو هناك، إن ما نشاهده اليوم من أحداث تجري في البلدان العربية من دعوات لإسقاط بعض الأنظمة قد أرعب كثيراً دول مجلس التعاون الخليجي التي خافت من انتقال هذه العدوى – إن جاز التعبير- إليها، لذلك سارعت هذه الدول إلى محاولة ضم ما تبقى من أنظمة عائلية عربية إلى جانبها من أجل إضفاء شرعية وهمية عليها وتشكيل قوة ضد كل من تسول له نفسه المساس بهذه الأنظمة ولو حتى كان هذا المساس كلامياً.
إن من العجيب والغريب أن تجد دولاً مجاورة لدول مجلس التعاون كاليمن والعراق مثلاً كانتا قد طلبتا منذ سنوات عديدة الانضمام إلى دول المجلس والتي لم تجد منها سوى الرفض وتطييب خواطرها بالاكتفاء فقط في ضمها رياضياً والتعاون معها بشكل ضعيف في بعض المجالات كالتعليم مثلاً.
فاليمن كانت وما زالت تطلب من هذه الدول ضمها إلى دول المجلس على الرغم من أن اليمن تمثل بعداً استراتيجياً قوياً لهذه الدول من نواح عديدة، فمن الناحية العسكرية مثلاً نجد أن اليمن قد دخل في حروب كثيرة ولديه خبرة واسعة في التعامل مع الأسلحة بشتى أنواعها، سواء على الصعيد الرسمي أو حتى الشخصي، ولا ننسى منذ سنة تقريباً ما قامت به مجموعة من الحوثيين في شمال اليمن من التوغل داخل الأراضي السعودية والاستيلاء على بعض المناطق والمقار الأمنية آنذاك، فاليمني بشكل عام لديه الجلد والقدرة على التحمل في أصعب الظروف بخلاف الخليجي الذي يتمتع بنعومة جلدية فائقة والذي لا يتحمل الابتعاد عن مكيف الهواء وتناول المشروبات الغازية الباردة.
بل وحتى لو نظرنا إلى جوانب أخرى كالجانب الجغرافي مثلاً نجد أن اليمن محصورة بين دولتين من دول المجلس وهي السعودية وعمان وتمتلك أكبر ساحل مطل على البحرين الأحمر والعربي إلى جانب موقعها المهم المطل على باب المندب والذي لو استغل بشكل صحيح لأصبحت تتحكم في سير الملاحة العالمية مثلها مثل قناة السويس، إلى جانب امتلاك اليمن ثروة سمكية هائلة مشهود لها عالمياً بذلك، والذي أثر الفساد في استغلالها الاستغلال الأمثل.
ولو نظرنا إلى الجانب البشري فسوف تجد أن عدد سكان اليمن ممكن أن يضاهي سكان دول الخليج مجتمعة، ولو اعتُمد على العمالة اليمنية بدلاً من استجلاب العمالة الخارجية والتي أثرت سلباً على عادات وسلوكيات دول المجلس إلى جانب تأثيره البالغ في التركيبة السكانية لهذه الدول لكان الوضع الاقتصادي في اعتقادي أفضل مما هو عليه الآن بكثير، فالتجار اليمنييون وخاصة الحضارم منهم هم من كان ولا زال لهم الأثر والدعم الكبير في إنعاش اقتصاديات بعض هذه الدول.
ولو نظرنا إلى الجانب الزراعي فإنك ستجد أن اليمن يمتلك تنوع زراعي عجيب على مدار العام سواء من الخضروات أو الفواكه والتي أثر الفساد فيها إلى جانب غياب الوعي من انتشار زراعة شجرة القات التي تدر بالربح الوفير لأصحابها وتأثيرها السيئ على استنزاف الثروة المائية في اليمن، فالبن اليمني كان له الشهرة التاريخية وبل وحتى العالمية والتي أثرت زراعة القات فيها واستبدال أصحاب مزارع البن بمزارع القات.
فالشاهد من هذا الكلام أن عقلية حكام الخليج المنغلقة تجاه مصالح الأمة العامة والتي لا تفكر إلا بما يحافظ على سلامة كراسيها المهترئة ما زالت تحكم بمنطق السيد والعبد وأن يد العدالة وصحوة الشعوب لا يمكن أن تطالها طالما وأنها باقية على سدة الحكم في بلدانها، والأمر الأول والأخير يعود إليها فيما يخص بالتصرف في موارد الأمة وكأنهم ورثوها من أجدادهم كابراً عن كابر.
إن محاولة حكام الخليج ضم ما تبقى من أنظمة ملكية عربية إليها ليست إلا محاولة يائسة للوقوف أمام المد الشعبي الثائر الذي بدأ يدرك أن حكم العائلة أو الفرد المستبد وقمع الحريات وخاصة الحرية الدينية ليست إلا من الماضي السيئ المتوارث، وأن دولة المؤسسات واللامركزية والحكم بمبدأ الشورى بين الناس هي المخرج الصحيح التي تعول عليه الأمة للخروج من أزماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تسبب في صناعتها حكامهم مما جعلهم فريسة الاستعمار لعقود طويلة لا رأي فيها لشعوبهم، تتحكم فيهم وفي مواردهم مصالح الدول الكبرى كيفما شاءت.
عبدالعزيز الكبسي
abdaziz.mohd@TIIB.COM

أخبار ذات صله