يافع نيوز- الشرق الأوسط
سيطرت ميليشيا جماعة الحوثيين الانقلابية هذا الأسبوع رسمياً على آخر القلاع المالية في صنعاء، وهي المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، المختصة بالتأمين على موظفي «القطاع الخاص» ودفع رواتب المتقاعدين منهم، فيما قرر الاتحاد اليمني لنقابات العمال إيقاف دفع الأقساط التأمينية الشهرية رداً على القرار الحوثي.
وأطاحت الجماعة الموالية لإيران في قرار غير معلن، برئيس المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، أحمد صالح سيف، الذي كان يشغل المنصب من قبل الانقلاب، بقرار من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وعينت خلفاً له قيادياً من أتباعها الطائفيين يدعى شرف الدين الكحلاني.
وبهذا القرار تكون الميليشيات قد وضعت يدها على أموال المؤمَّن عليهم من موظفي القطاع الخاص، والتي تقدر -حسب معلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط»- بنحو 789 مليون دولار، وهو ما يهدد بشكل مباشر الأوضاع المعيشية لآلاف المتقاعدين.
ورداً على الإجراء الحوثي، أعلن الاتحاد العام لنقابات وعمال اليمن والاتحاد العام للغرف الصناعية والتجارية، والنقابات العمالية، في بيان تصعيدي، إيقاف توريد الاشتراكات التأمينية الشهرية إلى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
وأدان البيان النقابي تعيين القيادي الحوثي في منصب رئيس المؤسسة خلفاً لرئيسها الشرعي، واعتبر القرار غير دستوري ولا قانوني، وطالب قيادة الجماعة الانقلابية بإلغائه والتوقف عن التدخلات في شؤون المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عبر تعيين الموالين لها.
وقال موظفون في المؤسسة لـ«الشرق الأوسط»: «إن الميليشيات الحوثية تسعى عبر القيادي الحوثي الذي عيّنته إلى الاستحواذ على أموال المؤسسة ونهب استثماراتها وودائعها المقدرة بالمليارات، لصالح المجهود الحربي، بعد أن كانت استنفدت نهب الأموال الضخمة الخاصة بقطاع التأمينات الحكومي».
كانت الجماعة قد سيطرت بعد انقلابها على الشرعية في سبتمبر (أيلول) 2014، على كل القطاعات المالية الحكومية بما فيها الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات التقاعدية الخاصة بموظفي القطاع الحكومي، ونهبت ما يزيد على تريليونَي ريال يمني هما إجمالي أموال الهيئة المودعة لدى البنك المركزي.
وأدى تصرف الميليشيات في أموال التأمينات الحكومية إلى حرمان أكثر من 140 ألف متقاعد من رواتبهم الشهرية ابتداءً من مطلع 2017، وفيما يبدو أن الجماعة قررت عبر إجرائها الأخير أن تُلحق موظفي القطاع الخاص والمتقاعدين منهم بهذا المصير المأساوي.
كانت جمعية المتقاعدين الحكوميين قد لجأت إلى القضاء، للمطالبة بدفع رواتب المتقاعدين وإعادة الأموال المنهوبة، وحصلت على حكم قضائي من المحكمة الإدارية في صنعاء في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، يدين الميليشيات ويُلزمها بدفع كل الرواتب المتأخرة لمتقاعدي الدولة والمقدرة شهرياً بنحو 5 مليارات ريال، إلا أن الجماعة لم تُلقِ بالاً للحكم.
وفي مطلع السنة الحالية، وجّهت جمعية المتقاعدين خطاباً إلى رئيس البنك الدولي، تتهم فيه الميليشيات الحوثية بنهب تريليونَي ريال يمني من أموال التأمينات، وتطالب بالضغط عليها لصرف رواتب المتقاعدين المتأخرة منذ أكثر من عام.
وأفاد خطاب الجمعية بأن أموال التأمينات المودعة لدى البنك المركزي اليمني هي بحكم القانون النافذ والدستور اليمني أموال خاصة وليست عامة لكي تقْدم الجماعة على التصرف فيها ومن ثم إدراجها ضمن سندات «الدين العام».
وتتهم الحكومة الشرعية، الجماعة الانقلابية الموالية لإيران بنهب نحو 5 مليارات دولار من البنك المركزي هي إجمالي الاحتياطي اليمني من العملة الصعبة، إلى جانب الاستيلاء على تريليوني ريال من السيولة النقدية من العملة المحلية.
وحسب مراقبين للشأن الاقتصادي في اليمن، عملت الجماعة الانقلابية على استثمار الأموال المنهوبة في شركات خاصة أنشأتها لموالين لها، للقيام بالسيطرة على سوق المشتقات النفطية وللمضاربة بسعر العملة، فضلاً عن توظيف قدر كبير من هذه الأموال في شراء الأراضي والعقارات.
وإلى جانب ما تفرضه الميليشيات من إتاوات غير قانونية على التجار ورجال الأعمال وما تحصله من موارد مالية عبر قطاعَي الاتصالات والتبغ ومن الضرائب ورسوم الجمارك على البضائع، فإنها تسخّر كل ذلك لتمويل ميليشياتها والإنفاق على المجهود الحربي وشراء الأسلحة المهربة إلى اليمن عبر أطراف خارجية.