fbpx
قضية الوحدة (المجتمع الدولي) ونهاية المطاف
شارك الخبر
قضية الوحدة (المجتمع الدولي) ونهاية المطاف

 

يافع نيوز – عادل مطلق عبدالله حسن
١. المقدمة
مر أكثر من عام على المبادرة الخليجية واقيمت حفل دشن بها عامها الاول بحظور الأمين العام للأمم المتحدة و امين مجلس التعاون الخليجي برغم العقبات التي عُرقلت تنفيذ بنودها وتأخيرعدة محطات لآليتها المزمنة.
وبعدها بأيام معدودة اقام الحراك الجنوبي فعالية احتفل بها الجنوبيون في ٣٠ نوفمبر بيوم الاستقلال فاجأ الشعب الجنوبي الإقليم والعالم بحجم المتظاهرين الذي قدر بمئات الآلاف وقدرته أحصائيات اخرئ بالمليونية، مطالبين بفك الارتباط و حاملين علم دولتهم السابقة دحضوا فيها كل التوقعات والأشاعات عند أطراف مختلفة.
٢. قضية الجنوب وموقف المجتمع الدولي ودعاة الحوار وأعضاءه من ابناء الجنوب
القضية الجنوبية كما يحلو للبعض تسميتها هي في الحقيقة “قضية الوحدة” لكونها سياسية وليس فرع من عدة قضايا تخص اليمن كما يحاول البعض تصغيرها. فلها خصائصها وحيثياتها معتمدة على نكث كل العهود والمواثيق والاتفاقيات وتغيير جذري لدستورها مما جعل وجودها مجرد علم ونشيد ومساحة جغرافية ثلثيها جنوبي ارتكب في هذا القسم منها نهب وتدمير منظم لكل مكون وإنسان جنوبي.
يجب الإشارة الى بعض الأخطار وعدم المصداقية بما يخص قضية الجنوب السياسية نختصرها بالتالي:
– استمرار الخطط لنهب وفيد الجنوب حتى بعد الثورة.
– عدم الجدية بالتعامل مع ملف الجنوب بالشكل اللائق والدبلوماسي المعهود وبنفس الزخم الذي حصلت عليه صنعاء بل سادها أسلوب الاستجداء، الضبابية والانتقائية.
– الطلب باثبات حسن النوايا او التنازلات لتهئية الاجواء والنسيان ان المبادرة لم تتطرق لقضية الجنوب باعتراف الاطراف الراعية لها وننسى كجنوبيين ايضاَ ان تلك الطلبات هي في الاصل حقوق و انتهاكات سابقة.
– تكرار شعار لابد ان يقرر الشعب مصيره من قبل اطراف المجتمع الدولي وعدم قبول ذلك الشعارعندما خرج الشعب الجنوبي ليحدد مصيره و بدون حظور الحوار الملزم بسقف الوحدة.
– تخبط المزاج في صنعاء و عند المجتمع الدولي فيما يخص سقف الحوار, معادلة التمثيل الجنوبي وسياسة خلط الاوراق.
– يظهر المجتمع الدولي تارة بالمحرك الدينامكي وتارة بالمراقب الضعيف.
– لم تفصل مشكلة الشمال عن الجنوب وخلط مشكلتين بحل واحد لجعل قضية شعب كامل هامشية ودون ضمانات.
– عدم التسلسل في المبادرة الخليجية وبنودها فاصبحت انتقائية باعتراف رئيس حزب الموتمر الذي يمثل نصف حكومة الوفاق.
– عشوائية ايجاد الحلول وكما يبدوا القبول بالضغوط للتهدئة لنجاح وصفات وصفقات بعيدة عن المبادرة تحت مبرر الأمن والاستقرار ولا يستبعد تكرارها لاحقا أثناء الحوار لما يتناسب مع الوضع.
– الانذارات المتتالية للمعطلين بدون حسم، تظهر وكانها نصائح داخلية يأخذها المستشار الخاص بعين الاعتبار.
– عدم فهم حقيقي وعملي لقضية الجنوب والتخبط فيتم تجاهلها تارة بتعريف الحراك الجنوبي بالمسلح و موخراً يفند السيد جمال بن عمر قضية الجنوب فيلخصها بالتمييز والتهميش فقط. ولو انها اعتراف ظمني لاحد الأساليب التي تندرج تحت تعريف مصطلح العنصرية المعروف والمنبوذ عالمياً. هذا الاسلوب فسرعند كثير من المراقبين والمحللين والكتاب ومنهم ساندرا ايفانس فوصفت السيد بن عمر بالمراوغ. اظنها قصدت ان الوضع يحتاج فهم اعمق تجاه قضية الجنوب وشعب انتهكت واخترقت ضده مواثيق دولية.
– ضعف حالة وقبضة المجتمع الدولي التي أصبحت صامته حتى في التنديد لانتهاكات ارتكبت في الأشهر الأخيرة بشكل صارخ يدعو تدخلها.
– يبدو واضحا ان الجميع يبحث عن حلول قصيرة الأمد وسريعة في وضع مزمن يحتاج لحلول بعيدة الأمد.
– أطراف النزاع في صنعاء رغم تصلبها ولكن تلقى تراضي ومرونة مفرطة من قبل المجتمع الدولي.
– قد يكون الميول لدى صنعاء ان يترك حل بعض الملفات الجنوبية الى قبل او اثناء الحوار ليظهر وكانه يمثل تنازلات كبيرة للجنوبيين او لتظهر وكأنها احد نتائج وانتصارات للاخوة الجنوبيين المنخرطين في الحوار فسيعتبرحينها استخفاف بعقول شعب الجنوب.
– أكبر دليل ومجرد مثال بل كارثة بكل المقاييس ودليل صارخ على عبثية اي حوار او تنفيذ مخارجه هو استمرار التمييز ضد الجنوبيين وقبل الحوار حتى في اسمى حقل وهو حقوق الانسان وعدم السماح للمنظمات الجنوبية المشاركة في موتمر حقوق الانسان في صنعاء ونذكر الجميع ان الوزيرة جنوبية ايضاً. هذا وصنعاء ومعها المجتمع الدولي في الوقت نفسه مازال يطلب من الجنوبيين حضور الحوار فكيف الحال فيما بعد.
– هناك عشرات الأمثلة التي يظهر فيها كيف تتعامل صنعاء مع ابناء الشمال بالتفاوض و اصحاب الحق السلميين والمواطنين الامنين في الجنوب بالقتل والتمييز الذي مازال مستمر وتحت المجهر والرعاية الدولية وكان آخرها أحداث الجليلة في محافظة الضالع الجنوبية وقتل الشهيدة فيروز امام طفلها وفي منزلها وقبلها محافظة ابين الجريحة.
٣. قضية الجنوب عند شعب الجنوب
قام الحراك الجنوبي في عام ٢٠٠٧م وحمل شعار واحد يؤمن فيه الاغلبية العظمى في الداخل والخارج خلافا لما تطرق له السيد جمال بن عمر وتفنيد الوضع بحزمة من الحقوق. حيث زاد هذا التفنيد والتعريف للقضية الجنوبية في السابق تفاقم إدارة الوضع حتى عند القوى المعتدلة والتي رفعت سقفها بعد لقائه في القاهرة في شهر نوفمبر الماضي ليدل مالا يدع مجال للشك إخفاق المستشار الخاص وتمسك الجنوبيون بالهدف الاستراتيجي الذي اصبح سامي. فهو يعمل كما صرح باكثر من مناسبة من خلال قرارات مجلس الأمن الأخيرة.
اجمع بعض المحللون و تداولت الصحف الإقليمية والدولية لحدث٣٠ نوفمبر (وغيرهم لم يستطع المشاركة بعد) بأنها وبشكل غير مباشر كانت بمثابة استفتاء شعبي غير مسجل يثبت فيه ان الجنوب محركه الشعب صاحب القراروليس النخب. فالشرعية السياسية تأتي من شرعية الشعوب حسب الاعراف الدولية. اما التنصل من هكذا حقائق من قبل المجتمع الدولي والتشدد الغير مبرر في طبيعة الحال ومن أمثلة كثيرة في دول مختلفة عادة تدفع الشعوب الى رفع نوع التصعيد والدخول في دائرة مفرغة قد تضر مصلحة الجميع ومن امثلة مشابهة دولياً أيرلندا الشمالية، اقليم الباسك، يوغسلافيا، سريلانكا واخرئ.
نود الإشارة بان الوضع والمزاج الجنوبي يتجه نحو العناد الجماهيري بشكل متدرج وتزداد فيه عنصر التراجيديا الغير معلنه مع الحفاظ على رقيه وحضاريته. ففشلت الانتخابات الرئاسية في الجنوب وهذا المثال الأول ولا اعتقد سيكون الأخير في المستقبل، تتوجت باحتفال ٣٠ نوفمبر. ذلك الأصرار نحو الهدف المنشود اثبت فيه شعب الجنوب بانه قادر على صناعة النصر والمعجزات ولا يستبعد منه مفاجآت اخرئ في كل محطة قادمة, وقد تترك جرح غائر هذه المرة ولكن في سياسة الإقليم والمجتمع الدولي تجاه قضية الجنوب.
فخروج الشارع الجنوبي باستمرار سلمياً يعد سيف ذو حدين, تارة يلهم ثوار التغيير والدليل فعالية الجمعة الماضية في صنعاء وزخمها ورسالة صريحة للساسه الجنوبيين او بما تسمى النخب الجنوبية. ومن الناحية الاخرئ قد يفشل المبادرة برمتها, فقد يجمع أطراف الصراع ولو من خلف الستار تحت مبرر الوحدة في خطر ولرفع شعار الوحدة او الموت من جديد. يعني العودة الى ماقبل ثورة التغيير وذهاب التضحيات والتحركات الدولية في مهب الريح.
يستطيع المجتمع الدولي مُمثل بأطرافه الإقليمية والدولية من خلال لجنة الحوار إعطاء بعض الجنوبيين كرت تمثيل الجنوب عبر مكونات عديدة. ولكن من المحتمل بان هكذا اسلوب سيفشل ويصبح خطأ استراتيجي وإحراج  لدول تحترم مصير الشعوب والاسلوب الديمقراطي لحل الأزمات المتفاقمة واخص بالذكر حكومة صاحبة الجلالة مُمثلة بالمملكة المتحدة، حيث يتجلى هذا الاحترام بالموافقة لإستفتاء إسكتلندا موخراً ويتناقض مع خبرتها في حل الازمات كملف ايرلندا الشمالية. فماذا سيكون وضع الكل عندما يرفضهم شعب الجنوب بالخروج في مليونه جديدة قادمة؟
٤. اجراءات وسيناريوهات
من الواضح ان قبول المبادرة الخليجية من قبل الاقليم والمجتمع الدولي كخروج آمن اصبح كابوس تظهره صعوبة الوضع والمطبات المتسلسلة بعناية التي خطها مصمم المبادرة. فلهذا تمكين ثوار التغيير من استكمال أهدافهم وتكملة المبادرة المزمنة, التي تعتبر حقل ألغام يشعر المر بفصولها القاسية في تقارير المستشار الخاص جمال بن عمر وآخرين.
ويبدو ان المجتمع الدولي يقيس نبض الشارع الجنوبي من خلال الضغوط الى أبعد الحدود على شخصيات ومكونات بالاضافة الى التصريحات. ويمكنه حتى تمرير مشروع ما ويستمر في الحوار ولكن كل الوقائع والتقديرات تشير ان الحلول بعيدة الامد لا تحل بشكل سطحي ومجافي للواقع  وجذور المشاكل. ولا يستبعد ان يكون هناك محطات قادمة سيصنع فيها الجنوبيين مفاجاءت جديدة سلمية و ديمقراطية ستفشلها وتضع الكل في وضع حرج.
ولهذا الحوار فرصة ذهبية حقيقية ولكن لأصحابها أما دخول قضية الجنوب سيجعله قانونياً ودولياً في سياج النظام العالمي، حينها الخروج عن مخرجات الحوار سيصبح انتهاك ويصبح ابناء الجنوب مثل الفلسطينين بعد اتفاقية اوسلو والمصريين بعد كامب ديفيد.
ايقنت سلطة صنعاء واطرافها المتنازعة ان الوحدة انتهت فعليا على ارض الواقع في الجنوب ولكن هناك من يريد اطالة الوضع الحالي قدر المستطاع لحماية المصالح ولو بقوة السلاح. هذا ناقوس خطر و سيُحِمل الجنوبيون المجتمع الدولي عدم حمايتهم من احتمالية اندلاع حرب شعواء سيستميت فيها الجنوبيين للأخير. فلا يستبعد حينها الخروج بقرار توافقي يضم جميع الاطراف المتحاربة البارحة لتنسف فيها الثورة والمبادرة والقرارات الدولية فتسقط الأقنعة عن الكثير.
٥. الخلاصة
وجب الإشارة للسيد جمال بن عمر وسفراء الدول واعضاء مجلس الأمن بان جرح الجنوب كان سببه أربع أطراف وليس صالح ونظامه فقط. ثلاث اطراف انظموا لثورة التغيير والطرف الاخر مازال يمارس السياسة تحت نافذة المعارضة ويترأس حزب المؤتمر. ولهذا الجرح مازال ينزف ومستمر بعناية ورعاية الحكومة الانتقالية و تحت أعين الدول الراعية لها.
فتجاهل الاقليم و المجتمع الدولي لحقيقة ٣٠ نوفمبر سيعطي صورة مأساوية وقاتمه لشعوب العالم اذا تجاهلت فيها أهداف الشعب الجنوبي. وبهذا الاسلوب سيفسر وكان اصحاب القرار الدولي يشيد براية الكفاح السلمي كاسلوب حضاري ولكن ليست الوسيلة المثلى ليستمع فيها للمناشدات او التعاطي معها بجدية. هكذا اسلوب سيعد سابقة خطيرة و مأساوية غير مباشرة لشعوب العالم اجمع حيث سيشجع فيه العنف ولغة البارود ليحل مكان العقل، الحكمة والحلول الديمقراطية.
مؤخراَ لإحساسها بضبابية المشهد ذكرت بعض المواقع عن لقاء مرتقب لوزراء خارجية دول الخليج مع رموز جنوبية واقحم بها فزاعة التدخل الإيراني في الجنوب والتلويح باحتمالية استخدام ورقة العمالة الجنوبية في الخليج. فالتخوف هو اذا كانت هذه الإشاعة صحيحة فطرد الجنوبيون سيزيد من حالة عدم الاستقرار في الجنوب والمنطقة برمتها وخصوصاً عند شعورهم بالغبن واستقطابهم من منظمات أرهابية مازالت منتشرة في الجنوب بشكل او آخر او سلك طرق عشوائية ولربما عنيفة.
يبدو الاهم الآن وفي هذه المرحلة الحساسة من العقلاء والمجتمع الدولي ان يقيموا معدل ومستوى الغبن والقهر والاحتقان في الجنوب و عند فئات الشعب الجنوبي، خصوصا مع حساسية الوضع الداخلي، الاقليمي والاقتصادي.  فعدم التعاطي الحقيقي و المرونه مع مطالب الشارع الجنوبي والتشدد تجاه الوحدة قد يسبب بتشدد مماثل لينتهي الامر بانتكاسات والنتيجة ستكون سوداء كما حصل في أفغانستان، العراق، سوريا وليبيا. والمختلف في هذا المثال هو عدة عوامل منها الموقع الاستراتيجي و جنوب يمتلك ٧٠٪ من ثروات مايسمى الجمهورية اليمنية حالياً و مئات الالاف تظاهروا في ٣٠ نوفمبر بالاضافة الى عشرات الآلاف في الخارج جميعهم مؤمنين بعدالة القضية ويرفعون نفس شعار استعادة الدولة والوطن ومستعدين للتضحية بشكل متزايد. بالاضافة ان التنمية ومعظمها في الجنوب تحتاج للأمن والاستقرار الذي سيصبح شبه معدوم كلياً.
ومن الواضح تخوف المجتمع الدولي من مطالب مشابهة في دول أخرئ قد تطلب الأنفصال ولكن هناك نقطتين مهمتين هما: اولاًان الجنوب يعتبر حالة استثنائية لانه كان دولة معترف به دوليا وامتلك مقعد في الامم المتحدة وغيره من المنظمات الدولية اي إعادة وضع سابق. و ثانياً ان وجدت حركات انفصالية فهو بشكل غير مباشر سببها السياسات الخارجية والداخلية الخاطئة للدول او التعامل المتأخر جدا لحل أزمات تلك المجتمعات من قبل الأمم المتحدة ومجلس الامن. نفس الخطأ الذي جعل الوضع كما هو حالياً في الجنوب حيث تم فيه تجاهل تلك الخروقات للاتفافيات الدولية والتمييز اللاانساني ذو خلفية عنصرية تجاه شعب الجنوب لسنوات طوال ومن المؤسف في ظل وجود مكاتب للأمم المتحدة وسفارات وقنصليات اعضاء مجلس الامن في صنعاء وعدن منذ حرب ١٩٩٤م.
وفي الأخير,المتابع للقاء الذي دار في القصر المدور في عدن  مطلع الشهر الحالي  قد تبين ان هناك أساليب مختلفة للتعاطي مع قضية الجنوب عند اصحاب القرار الدولي. فقد برهن ان اسلوب و خطاب السفير الأمريكي حينها مختلف تمام عن أسلوب والخطاب الدبلوماسي المرن لممثل حكومة المملكة المتحدة وسفيرها الذي تناسب مع لغة الجنوب و عقلية الجنوبيين في التحاور ولو ان التصريح بعدها شدد بموقف المملكة تجاه الوحدة واختلف مع هدف شعب الجنوب والمنادي بفك ارتباط سلس بعد تفاوض ندي بين الدولتينو برعاية دولية و إقليمية يحافظ فيها على الروابط الأخوية و حسن الجوار, مع الحفاظ على الامن والاستقرار العالمي. فالبحث عن المخرج الآمن من قبل الإقليم والمجتمع الدولي بما يرتضيه شعب الجنوب بعيداً عن المراوغة والتأخير صار ضرورة ملحة ففي نهاية المطاف الشعوب لاتقهر ولو طال الزمن وهناك ضوء ابيض يظهر في نهاية النفق.
عادل مطلق عبدالله حسن
مواطن جنوبي – المملكة المتحدة
أخبار ذات صله