fbpx
كاتبة ألمانية : الاسلاميين فقدوا نفوذهم في عدن لكنهم عادوا اليها بصورة أخطر
شارك الخبر

بقلم: ساندرا إيفانس
* ساندرا ايفانس- ناشطة ألمانية، وأستاذة جامعية/ رئيسة المركز العربي الألماني للدراسات الاستراتيجية.

لم تكن المستشارة “انجيلا ميركل” واثقة يوما من نظرتها تجاه احداث اليمن, مثلما بدت عليه بشأن فصل اليمن إلى يمنيين.. وحين رأت الدهشه في وجوهنا أشارت بأصبعها للفت آنظارنا إلى ما كانت تبثه القناة الألمانية من مشاهد لمئات الآف اليمنيين الجنوبيين وهم يحتفلون في عدن بدكرى التحرر من الاستعمار البريطاني, ويرفعون أعلام دولتهم التي توحدت مع دولة الشمال في 1990م.

ما تنبأت به قبل عام حول عواقب إقصاء الجنوبيين والحوثيين من الاتفاق الخليجية هو اليوم المأزق الذي تعيشه اليمن, فتلك المغامرة الطائشة لم تكن كذلك للأمريكيين والأوربيين الذين كانوا واثقين مما يجب عليهم فعله, وإقناع اليمنيين به, لأعادة فرض خارطة التقسيم كأمر واقع..

ومما يبدو أن مظاهرات 30 نوفمبر كانت رسالة مفهومه لدول الخليج القلقة من أحداث اليمن, لذلك بادرت حكوماتها إلى دعوة قادة الجنوب لمفاوضات تحت سقف مجلس التعاون الخليجي .. وأنا أعتقد أن الحكومات الخليجية أيقنت بأن الوحدة اليمنية دخلت مرحلة الموت السريري, وعليها إعادة ترتيب أوراقها مع الجنوبيين في اليمن. فالمملكة العربيه السعودية أشد المتحمسين للاحتواء المبكر للجنوب خوفاً من توغل إيراني محتمل إذا ما نجح الزعيم الجنوبي “علي سالم البيض” بالعودة إلى الحكم, حيث تتهمة كثير من الفصائل الثورية الجنوبية بالتحالف مع إيران..!

ربما يعول اليمنيون في الشمال على المبعوث الأممي السيد جمال بن عمر في الخروج من المأزق, لكن في الحقيقة أن “بن عمر” رجل مراوغ لا يبدو لي مخلصاً في إدارته للملف اليمني. فالمرجح من تجاهل تقاريره لقضية الجنوب أنه يحاول تأمين بعض الظروف في الشمال قبل الدفع بمجلس الأمن لتمهيد إنفصال الجنوب بقرار دولي, لا يقر الأنفصال وإنما يمنح قادة الجنوب وضعاً سياسياً يؤمن لهم فرصة الاعداد الجيد لأنفسهم لاعلان الانفصال عن الشمال من واقع مفروض.

الجنوبيون في “ميونخ” غير واثقين من قدرتهم على إستعادة دولتهم بدون دعم دولي.. فهم يعتقدون أن الإسلاميين والتحالف القبلي الشمالي بقيادة مشائخ آل الأحمر لن يسمحوا بخسارة مصالحهم في الجنوب خاصة الاستثمارات النفطية التي تقاسموها مع نظام “صالح” ثمناً لأدوارهم في إحتلال الجنوب بحرب صيف 1994م.. لذلك هم قلقون من حرب يتوقعونها, وقد توعد بها فعلاً الشيخ صادق الأحمر.

“وول ستيفن”- الخبير الأقليمي بسياسات الجزيرة العربية- انتقد بشدة سياسة الرئيس هادي في التعامل مع قضية الجنوب, واستغرب في نقاش بقناة “فوكس نيوز” كيف أقنعه الاسلاميون بتعيين محافظين منهم على المحافظات الجنوبية رغم معرفته بالعداء الايديولوجي بينهم وبين الجنوبيين!

وقال “ستيفن” أن الاسلاميين فقدوا نفوذهم في عدن لكنهم عادوا اليها بصورة أخطر حيث تم تجنيدهم بوحدات أمنية بعد تمرد قادة الوحدات الرسمية على المحافظ ورفضهم تنفيذ أعمال قمع واعتقالات لقادة الاحتجاجات الجنوبية.. واعتبر قرار “هادي” بتعيين محافظين إسلاميين “خطأ جسيم” جعل الدولة خصماً للثوار الجنوبيين تخوض الصراع السياسي بالنيابة عن الاسلاميين.. وحذر من أن ذلك زاد من تمسك الجنوبيين بالانفصال لأن ما يتعرضون له ينفذ بأسم الدولة الحاكمة من صنعاء..

أعتقد أن تركيا والمملكة العربية السعوديه أنقذا الجنوبيين من أخطر ورقة في الصراع وذلك بترحيل المئات من عناصر القاعدة وأنصار الشريعة من أبين ومدن أخرى للقتال في سوريا, فقد كان متوقعاً أن يتم الدفع بهذه العناصر إلى عدن ومدن جنوبية أخرى لتفجير العنف فيها ونشر الخوف بين سكانها ودفعهم للتشبث بالدولة, بجانب تبرير أي حشود عسكرية أو أعمال قمعية, أو حتى إستقدام مليشيات قبلية بدعوى تشكيل “لجان شعبية” مناهضته للإرهاب ..!

إن مأزق اليمن يكمن في آن الجميع يرى أن العنف والفوضى الأمنية يحققان طموحه, وهذه الأنانية مرجعها غياب المشاريع السياسية الناضجة, لكون الصراع القائم صراع قوى انتهازية فاسدة تخشى أن يفسح الأستقرار الفرصه للقوى الوطنيه المدنيه للظهور فتزيحها بالتفاف شعبي.. لذلك من غير المتوقع نجاح مؤتمر الحوار الطني, مما يؤكد فرص الجنوبيين في الانفصال عن الشمال المتناحر بينه البين..!

في بداية 2011م كان اليمنيون يخرجون إلى الشوارع معلنين الثورة ضد نظام الرئيس صالح من أجل بناء دولة مدنية.. لكن بعد مضي عامين على عمر “الــثورة” إستعادت جميع القوى الرجعية الانتهازية- من قبائل وتيارات دينية- أمجادها, ولم يعد للدولة قانون ولا إحترام .. لذلك كانت السيدة “ميركل” على صواب في أن الجنوب سينفصل عن الشمال..

أخبار ذات صله