مقالات للكاتب
د.قاسم المحبشي
ذهبت صباح اليوم كالعادة الى كلية الآداب لممارسة عملي الروتيني في مكتبي؛ مكتب النائب الأكاديمي ولكنني قبل دخول حرم الكلية أردت أن ألقي نظرة خاطفة على مكان التفجير المهول الذي حدث البارحة في الساعة الثانية صباحاً بقرب كليتنا الحانية، إذ أهتزت مدينة خورمكسر من شدته وقوة انفجاره، وكنت حينها منهمكا بكتابة مقالين طويلين الأول أنجزته قبل الانفجار بساعات بعنوان: يومان مع اللون البرتقالي في عدن بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة. والثاني بعنوان: حينما تحلّق عدن بأجنحة الإبداع والأمل. خاطرة عابرة من وحي الندوة القصصية. كنت على وشك الوصول الى خاتمة المقال الذي وطنت نفسي على كتابته قبل أن أنام. فجاءة دوي الانفجار الشديد ليطيح بجهاز الابتوب الصغير الذي كنت احتضنه بحنان أرضنا وهو معار من أحد الزملاء الكرام لإنجاز بعض الأعمال بعد أن تعطل جهازي الكبير الحجم. والحمد لله لم يَصْب بأذى! ولكن الأنفجار العنيف ايقضني من سباتي العميق بشدة لم تكن بالحسبان! وانتزعني بقسوة خاطفة من عالم الحلم والأمل الذي كنت منهمكا في رحابه الوارفة الظلال ليوقعني في قعر نفق واقعي العدني الموحش الظليم الذي أبحث في كل السبل الممكنة لنسيانه كي لا أموت من القرف. ذلك الأنفجار المفأجى في الساعة الثانية من فجر اليوم وفِي ليلة ما يسمى بالعيد الفضي للاستقلال الوطني، وكأنما لسان حاله يقول لي: دعك من تلك السرابات الرومانسية والأحلام الوردية فأنت في عدن الشرعية اليمنية والزعامات الثورية الكثيرة التي تتناهش جسد حورية البحار كالوحوش الضارية. هذا الندى الموجع الذي سمعته من الانفجار أطار النوم من أعيني فلم أنم حتى الآن، ولكنني توجهت الى عملي تحملني الرغبة في نسيانه وتجاوز صدمته، وهناك رأيت بأم عيني ما سبق وأن سمعته آخر الليل بأذني. واليكم صورة مباشرة من موقع الانفجار ومن كلية الآداب التي تبعد عنه ثلامئة متر تقريبا. فما العمل الآن وكيف تستعيد الكلية جاهزيتها الأكاديمية بعد هذا الخراب؟!
والف سلامة على سكرتيرة عمادة الكلية الآنسة أماني الجهراني وعائلتها الكريمة التي تهدم منزلها الملاصق لموقع الانفجار! ونتمنى على رئاسة جامعة عدن القيام بواجبها تجاه الكلية وسكرتيرتها الرائعة . وهذا ما هو مأمول من رئيس جامعتنا الحبيبة الاستاذ الدكتور الخضر ناصر لصور المشهود لها بحسه الإنساني وحرصه الأكاديمي.