fbpx
البجيري.. الحنق إلى حضن “الاحتلال”!

حسين حنشي

أولاً: أنا ضد أن يخون أي شخص جنوبي اتخذ أي موقف من جهة جنوبية أو تقرب من أي جهة شمالية، مهما كان موقفه، فالمشهد الجنوبي واليمني ككل متداخل منذ بداية التاريخ، وكل المواقف بما فيها الوحدة أو الانفصال “مواقف سياسية”، وعلى الشعب أن يختار بينها، وجميعها ليست “خيانة”، لا لمشروع الوحدة أو لمشروع الانفصال، وفقط الخيانة هي “الإصرار على ظلم الشعب، وإفقاده حق تقرير مصيره، أو اختيار مشروعه”، سواء كان انفصالا ناجزا أو فيدرالية بعدة أقاليم أو حتى وحدة اندماجية، المهم أن يقرر الشعب مصيره لتحديد مصير الوحدة التي تحولت إلى احتلال عسكري عقب 94م حتى بشهادة قيادات الشمال في هرم السلطة، ومنهم نائب الرئيس الحالي علي محسن الأحمر.
وبالتالي موقف علي حسين البجيري بالعدول عن مطلب الاستقلال والانضمام لمشروع الدولة الاتحادية من 6 أقاليم لا يعد خيانة بل موقف سياسي يتحمل هو تبعاته عندما يقرر الشعب اختيار “مصيره”.

ثانياً: قرأت مقال الشاعر والرائد الحراكي علي حسين البجيري اليوم عن سبب عدوله عن مشروع الاستقلال وانضمامه للشرعية، فلاحظت شيئا كنت أعتقد أنه غير موجود في حيثيات هذا القرار ودوافعه، وأن السبب “أكثر إقناعا وعقلانية ” مما كتب البجيري أنها أسباب تقف خلف موقفه.
يخرج القارئ لمقال البجيري بفكرة أن الرجل “حنق من الجنوب وقضيته فارتمى في حضن الشمال وقواه”، أي أن “الحنق” هو الدافع، أي انفعال وعاطفة وليس “الاقتناع بمشروع الدولة اليمنية” الذي انضم إليه، وهذا يعني أن الرجل الأديب والسياسي الخبير بنى موقفه على “حنق عاطفي” جدير بطفل لا بعلي حسين البجيري، حسب معرفتنا به.
كنت أعتقد أنني سأجد البجيري وقد كتب: “إن تحولي وانضمامي للدولة الاتحادية ناتج عن أن هذا المشروع هو المجمع عليه عربيا وعالميا، وهو ما يعني أن فرص نجاحه هي الأكبر، وأن المشروع يضمن دستوريا لإقليمي الجنوب الاندماج في إقليم واحد بعد دورة انتخابية، وإن دراسة لمزاج أبناء حضرموت تشي بأن الفيدرالية المرحلية بين شرق الجنوب وغربه ضرورية، وأن إفرازات وشحن مرحلة ما بعد الحرب بين مكونات المجتمع الجنوبي والتي غذاها الإعلام تحتاج لمرحلة فيدرالية مع الشمال حتى تنضج وينتهي الشحن، وأنه سياسياً وواقعياً يجب علينا استغلال دعم الأشقاء العرب للفيدرالية من ستة أقاليم بدلا عن الاندماجية، والخروج بعد سنوات بإقليم جنوبي واحد بصورة دستورية ومعترف بها”.
لو كتب البجيري هذه الأسباب، مثلا، كنت تفهمت أن يتحول شخص مثله لأسباب ودوافع تستحق التأمل والاقتناع، أما أن يسوق مبررات الحنق والدوافع المناطقية كـ”زعل” من “الجنوب” ويخرج بنتيجة هي الارتماء في مشاريع الشمال دون أن يذكر سيئات أو حسنات تلك المشاريع فهذا ليس مفهوما من رجل كنا نعتقد أنه قامة فكرية وسياسية.
يمكن لأسباب الزعل التي كتبها البجيري عن الجنوب أن تجعله “يترك الانخراط في الشأن العام الجنوبي” أو حتى يترك القضية ويكون على الحياد، لكنها لا تجعله ينضم إلى “مشاريع الشمال”، وهو في مقاله كتب من وجهة نظره “أسباب الزعل والحنق من الجنوب”، لكنه لم يكتب أسباب الارتماء في حضن الشمال ومشاريع الشمال وقواه وشخوصه في الشرعية، التي كال لها سابقا البجيري التهم وصنفها وفصل ضررها ووصفها بالاحتلال.
واضح أن البجيري حسب ملخص الفهم من مقاله “حانق من الجنوب”، لكن ليس هناك وضوح لم أصبح البجيري “راغبا في الشمال”، ولا أعتقد أن “المنصب والمخصص” هو السبب في الرغبة تلك لشخص وطني وصف قوى الشمال طوال مسيرته “بالمحتلة”.