fbpx
اليمن والأمن القومي الخليجي / إبراهيم آل مجري
شارك الخبر
اليمن والأمن القومي الخليجي / إبراهيم آل مجري

 

إن أمن اليمن من أمن الخليج، وأمن الخليج من أمن اليمن، هذه حقيقة سواء رضينا بها أم أبينا. لن تنعم دول الخليج بالاستقرار والأمن الكامل إلا إذا عُولجت ملفات اليمن الأمنية والسياسية الملتهبة.
فاليمن يمر بفترة انتقالية خطيرة إما أن ينتقل منها إلى الإصلاح والبناء أو أن تعُم فيه فوضى الطائفية ويكثر فيه الاقتتال ويكون سوقاً سوداء للمخدرات وتجارة الأسلحة وبيع كل ما هو ممنوع. ويعُم الفقر وتنتشر المجاعة ويكثر بسببها الهجرة غير الشرعية منه لدول الخليج وتلتهب الحدود مرة أخرى مع السعودية وتنمو فيه شجرة الإرهاب حتى تصبح صعبة الاقتلاع. فهل ستقوم دول الخليج من باب الإخوة الإنسانية والروابط الإسلامية بمعالجة هذه الملفات وتكون مُعينة للشعب اليمني ليقوم من محنته وينهض من كبوته قبل أن تنفجر الأمور ويقع المحظور ويتسع الشق على الراقع؟
إن أهم ما يجب أن تنتبه له دول الخليج أن تعي أنها أصبحت تتعامل مع أطراف متعددة ومع أحزاب مختلفة ليس كما في الأمس عندما كانت تتعامل مع ديكتاتور يملك السلطة وبيده الحل والعقد وعنده الرأي الأول والأخير.
يجب أن تراقب دول الخليج الأحزاب التي تتشكل في ظل الفراغ السياسي، وأن تضمن أن هذه الأحزاب ليس لديها عداء سياسي أو تعصب ديني. وباستطاعة دول الخليج أن تساعد بعض الأحزاب للنهوض والنجاح سواء بالدعم السياسي أو المالي وتفعل كما فعلت بحزب المؤتمر الحاكم حين أنقذته من الإقصاء والعزل.
إن ترك اليمن بدون تدخل خليجي يعني إفساح المجال للتدخل الإيراني والغربي. ومعناه أيضا أن يكسب حزب الحق الذي شكله الحالمون برجوع الإمامة جمهوراً ومناصرين على أساس طائفي. ومعنى ذلك أيضا أن ينفصل الجنوب عن الشمال والذي لو حدث لتكونت دولة يمنية شمالية طائفية فقيرة ليس فيها نفط تكون عالة على الدول المانحة. إن بقاء اليمن متحداً ومتماسكاً سيضمن التوازن الطائفي والعشائري وحتى الاقتصادي للدولة.
الأمر الآخر: ينبغي على دول الخليج أن تدعم اليمن اقتصادياً سواء بالدعم المباشر من قروض ومنح أو بالدعم غير المباشر كاستقطاب العمالة اليمنية لتعمل في الخليج وتحل محل العمالة الآسيوية التي تُحول المليارات سنوياً إلى الخارج.
وهذا الإحلال أفضل بكثير؛ فالعمالة اليمنية محترفة أكثر من العمالة الآسيوية سواء في التسويق أو في البيع والشراء، بل في كل مجالات العمل.
لقد عملوا في جميع الأعمال والمهن فعرفناهم بالأمانة والاحترافية والإخلاص وحب العمل. لقد أثروا السوق الخليجية وأفادوها بخبرتهم وبذكائهم التجاري حتى لمعت أسماء عوائل يمنية أخذت جنسية الدول المضيفة فيما بعد كعائلة بن لادن وبن محفوظ وباخشوين وباعشن وبالبيد والهنيدي إلى أخر أسماء التجار اليمنيين الذين استفادت منهم دول الخليج واستفاد منهم كذلك اليمن فقد انشأوا هناك مشروعات وقدموا معونات وصدقات لأبناء جلدتهم، وهذا واجبهم والمفترض منهم.
إنه ينبغي أن تعود الثقة في العامل اليمني إلى سابق عهدها ويزول التخوف السياسي غير المبرر. إن في اليمن قوة بشرية عاملة مهملة وغير مستفاد منها، ولو استفدنا منها لحصلنا على عمالة جيدة ورخيصة الأجر وسلمنا من الإتيان بالعمالة الآسيوية التي تكون أحيانا رديئة وغير متعلمة ومُحملة بثقافات دخيلة وغريبة على الخليجيين.
من الأمور المهمة أيضا ضرورة استيعاب المتميزين من الطلبة اليمنيين في الجامعات الخليجية من أجل صناعة قادة سياسيين واقتصاديين يكون لهم دور في المستقبل لقيادة بلدهم ولديهم ولاء للخليج.
أيضا يجب أن تُوفد دول الخليج علماء دين لمناصحة الفئة الضالة من الإرهابيين؛ فقد أثبتت التجربة أن حوار الشباب ومناصحتهم هي الوسيلة الصحيحة لرجوعهم إلى الحق وترك السلاح والعنف.
أفضل من أن تستحل طائرات أمريكا جو اليمن وتقصف خلايا الإرهاب متى شاءت في أي مكان شاءت غير عابئة بسيادة اليمن على جوه وأرضه وهذا الوضع لا يُعالج القضية بل يزيد الاحتقان والكره لأمريكا وحلفائها.
أخيراً، لن ننعم نحن الخليجيين بالأمن والاستقرار في البر والبحر حتى يجد إخواننا في اليمن لقمة العيش وينعموا بالأمن والاستقرار، فمصيرنا ومصيرهم واحد ومصالحنا مشتركة وقبل ذلك تربطنا وإياهم أواصر الإخوة ووحدة الدين وقرابة الدم.

نقلا عن “صحيفة الشرق”

أخبار ذات صله