fbpx
قراءة أولية لبيان حضرموت

ذهب البعض بعيدا في تحليل البيان الختامي لمؤتمر حضرموت الجامع باعتباره إعلانا لحضرموت دولة مستقلة …فيما اعتبره البعض تطبيقا لمخرجات مؤتمر حوار صنعاء بشأن الأقاليم الستة .

أما البعض الآخر فقد قلل من هذه الخطوة واعتبرها مجرد تظاهرة سياسية إعلامية محدودة .
قبل الخوض في مدی صحة وواقعية هذه الآراء من عدمها ، لابد من التاكيد علی خصوصية الحالة الحضرمية كتاريخ وحضارة وثقافة وجغرافيا .. هذا يعني أن ما جاء في البيان الختامي الحضرمي لم يكن مفاجئا ولا جديدا علی المتابعين والمؤرخين ، ومن ناحية أخرى فإن هذا المؤتمر قد التأم بعد مخاض طويل من الاعداد والتحضير والتهيئة .
تميز المؤتمر بتنوع ونوعية حضور جامع بكل معنى الكلمة لكن بيانه الختامي يبدو أنه تم إعداده علی عجل مما جعله يحتوي علی بعض الغموض والتناقض . ويبدو أيضا أن إضافات وتعديلات تمت في اللحظات الأخيرة علی هذه البيان بهدف مراضاة بعض الأطراف المتحفظة أو المعارضة اتباعا لسياسة لنكسب الجميع ولا نترك أحدا .
مع ذلك يمكن اعتبار هذا المؤتمر موفقا وناجحا بمقاييس الظروف الحالية المعقدة والمتوترة .

 
يمكن استخلاص بعض أهم مؤشرات التوجه المجتمعي لحضرموت فيما يلي :
أولا : أغلاق الباب تماما امام أي توجه عن ارتباط حضرموت بدولة اسمها اليمن تحت أي شكل من الأشكال ليس فقط من خلال خلو البيان تماما من هذه التسمية فحسب بل ومن خلال توصيات المؤتمر كذلك .
ثانيا : تجاوز البيان او رفض موضوع الأقاليم الستة كلية جغرافيا وسياسيا وإداريا …حيث أن إقليم حضرموت كان مخططا له أن يشمل كذلك المهرة وسقطرة .
ثالثا : ابقی البيان الباب مفتوحا مع الجنوب – رغم عدم أشارته صراحة – لكن ذلك كان مفهوما من خلال الحديث عن الدولة الاتحادية المشروطة بنسبة 40% وهي نسبة تنطبق تقريبا علی استحقاق حضرموت علی مستوى الجنوب وليس الجمهورية اليمنية الحالية .
بالمجمل يضع هذا المؤتمر شروط كبيرة لدور فعال وقوى وضاغط في مستقبل الجنوب والمنطقة .
غير أن هذه الخطوة الجريئة والقوية لا يجب الإفراط في التفاؤل في نجاحها و جنى ثمارها سريعا وكاملا .

 
فناهيك عن موقف صنعاء بكل قواها وأحزابها من مثل هذه الخطوة وحالة الغموض التي اجتاحت الشارع الجنوبي … رغم ثقته المطلقة بأن الجنوب جسم واحد ومصير واحد وان خطوة حضرموت هي في الأول والأخير تهدف الی تحريك عجلة الخروج من النفق المظلم لأوضاع ما بعد 7/7 بأي شكل من الأشكال .
ناهيك عن كل ذلك ما زال الحديث عن سيادة ذاتية لحضرموت يصطدم بتواجد عسكري يمني كثيف في حضرموت الوادي، سواء كان مواليا لصنعاء او تحت غطاء الولاء للشرعية ، أضافة الی ما تشكله الجماعات الإرهابية والتخريبية من تحد خطير وكبير .
لا ننسى عقدة الشرعية والأقاليم الستة والموقف الخليجي الغامض والمتردد وخاصة السعودي .
وبطبيعة الحال كل خطوة ذات بعد استراتيجي حيوي لابد أن تكون لها معوقات وتحديات ومخاطر يمكن الرهان في تجاوزها علی الحكمة الحضرمية الواقعية والمتفانية وعلى الموقف الجنوبي واليمني والاقليمي الذي يجب أن يدرك حجم المتغيرات التي أحدثتها الحروب والأزمات والانتقال من الاعتبارات الشعاراتية والمباديء الی اعتبارات المصالح المشروعة .