fbpx
أيام معدودات … ومواقف مشهودات..

أكثر من ثلث هذا الشهر العظيم المبارك قد أنسلخ، إنه ايام معدوات كما وصفه خالق الأرض والسموات ولكن له حظوة عظيمة وحسابه في ميزان الأيام مضاعف وفيه ليلة خير من ألف شهر.
إن لله نفحات وأعظمها لحظات هذا الشهر الكريم
في مثل هذا الشهر في العام الذي تولى
كانت عدن خاصة والجنوب عامة في محنة كبيرة ..تتعرض لغزو بربري حاقد وغادر
وحصار جائر وظالم لا تجيزهما حتى الحرب نفسها…أشهر مرت وكثير من مدن عدن كانت خاوية من سكانها ربما لأول مرة في تاريخها لم يرتفع فيها أذان… تجوب فيها الكلاب الضالة ويفتك المرض في الأعداد القليلة التي عجزت عن النزوح وواجهت قدرها فمنهم من قضى نحبه ومنهم من عاش، وفي الضفة الأخرى من المدينة المنكوبة كانت البيوت والشوارع والساحات كتلاً بشرية يقتسمون اللقمة والشربة من الماء البارد حين صار الثلج ذهباً ابيض وضمان لاستمرار الحياة.
كان الحصار على أشده والحرب في عنفوانها وملاحم المقاومة الشعبية الجنوبية تسجل أساطير واقعية والمساجد تارة تنادي للجهاد وتارة ترتفع فيها أصوات الدعاء بكل حرقة وإخلاص وقد بلغت القلوب الحناجر وبعد كل صلاة نصلي على شهيد او أكثر ونلتقي هناك في المقابر نواري التراب على الشباب الاحباب
الذين كسروا الغزو ومرغوا أنفه في (بيارات )هذه المدينة الأسطورة.

 

أجل.. لقد تحولت عدن خاصة إلى مسجد كبير وإلى ثكنة كبيرة وإلى ملجأ كبير وإلى غرفة عمليات كبيرة ومستشفى كبير وإلى جبهة واحدة فولاذية …كل جانب يعزز الآخر ويسنده ومن خلف ذلك
دعم الأشقاء وسخاء أبنائنا المغتربين الجنوبيين وجميع الداعمين.

كان الجنوب كله جسداً واحداً انتفض في وجه العدوان والغزو رغم خيانة من خان وخذلان من خذل وتقاعس من تقاعس ومن قعد مع الخالفين.
فهل ننسى كل ذلك او نغفل عنه? كلا !!
والعتب والعيب على من نسي وغفل بعد هذا الوقت القصير الذي لم ينس حتى الأطفال ولا يزال التراب فوق قبور الشهداء رطبا لينا مثل أجسادهم الغضة.

هانحن من جديد في رمضان هذا العام بينما المعركة لم تنته ولكن الحرب انتقلت إلى ميادين أخرى مستخدمة أسلحة اخرى…تعددت الميادين والأساليب والحرب واحدة والعدو هو نفسه والأهداف نفسها بما يحتم أن تكون المواجهة الجنوبية كذلك هي نفسها صموداً وصبراً وإيماناً ومنازلة مع تغيير الأدوات حسب تغيير أساليب العدو وميادينه.
إنها الحرب أذن!! حرب واسعة النطاق متعددة الجبهات وخبيثة الأساليب تسعى إلى أن تضرب المنتصرين في الأمس ببعضهم …حرب هي ضدنا ولكن يريد العدو أن نكون نحن وسائلها ونارها والمحترقين فيها ولهذا فهي حرب خطيرة
بعد ان فشل العدوان في كسر إرادة شعب الجنوب بقوته التقليدية وهيلمانه الحربي.
مخطئ من ظن ان الحرب قد انتهت فحتى الحرب الميدانية نفسها ما يزال نارها مشتعلاً في أماكن عزيزة من جنوبنا الحبيب في بيحان وعسيلان ومكيراس وطور الباحة وكرش وحضرموت وغيرها
وما يزال التحدي قائما ومحموماً مع سعار حرب الخدمات وغيرها في المناطق المحررة.
دولتهم العميقة التي يتشدقون بها ويتفاخرون كانت في أيامهم دولة عقيمة ومعاقة بفعل سرطانها المزمن الفساد وهاهي الآن تحاول ان تكون معيقة بفعل سرطانها نفسه الفساد ..دولتهم العميقة تتوارى في الوحل مدبرة وليس المدبر كالمقبل ولكن لابد من المواجهة والعزم والحزم حتى يتحقق الحسم.
دولتهم العقيمة هي مثل تلك الدولة التي وصفها الشاعر ذات يوم قائلا:
ما كنت اوثر ان يمتد بي زمني
حتى ارى دولة الاوغاد والسفل

فهل نجعل من رمضان هذا العام شهر الانتصار العظيم على هذا العدوان في حرب الخدمات والفساد كما انتصرنا بعون الله في رمضان الماضي على جحافل العدوان العسكري؟ هل نكون صادقين مع الله في مواجهة هذه الحرب اللعينة
كما صدقنا في رمضان الماضي فنصرنا الله ورفع عنا الغمة وأعادنا بيوتنا وربط على قلوبنا واخزى المعتدين وشرد بهم؟؟
إنها الحرب اذن…هذا آوان الشد فاشتدي زيم!!
إن الأعداء ليساوموننا في خدماتنا، الكهرباء والنفط مقابل عودة الاحتلال لكن شعبنا قال لهم ان الكهرباء ستعود ولكن الاحتلال لن يعود وقس على ذلك أموراً اخرى في معمعة هذه الحرب الشاملة بين الحق والباطل .. بين العدوان والدفاع.. بين أصحاب الأرض والغزاة وعملائهم ..بين الحرية والعبودية ..بين الجنوب الثائر وعصابات صنعاء الغازية.

عصابات صنعاء جبلت على صناعة الأزمات
وتوظيفها سياسياً في محاربة الشعب وتركيعه لاحظوا الشاعر عبدالله البردوني رحمه الله ماذا قال قبل أكثر من أربعين عاماً في قصيدة له بعنوان (الآتون من الأزمة):
أزمة النفط لها ما بعدها
إنكم في عهد( تجار اليمين)
فاسبقوهم يا حزانى وارفعوا
علم الإصرار وردي الجبين
واحرسوا الأجواء منهم قبل أن
يعلنوها أزمة في الأوكسجين.

رمضان يمضي سريعا كعادة الكرام والجنوب وعاصمته عدن يحيون ويحيون
الذكرى الأولى لانتصارهم الكبير المظفر
وفي الوقت ذاته يواجهون الحروب الأخرى
من إرهاب وفساد وحرب خدمات ومؤامرات سياسية وحصار وتركيع وتجويع وإشاعات وغيرها ولكننا بصمودنا وصبرنا واخلاقنا وايماننا ستنتصر أن شاء الله تعالى.
ان امامنا فضلا عما تقدم تحديات اخرى مثل التنظيم وتوحيد المقاومة وجمع الشمل السياسي الجنوبي وإعادة الإعمار وبناء مؤسسات الدولة المختلفة
وغير ذلك والله تعالى ولي التوفيق والسداد والعون والتمكين.