fbpx
ذكرياتي في 25 مارس !!

ياسر اليافعي

لا زلت أتذكر كل تفاصيل يوم 25 مارس من العام الماضي ابتداء من اتصال هاتفي تلقيته في صباح ذلك اليوم، هز كياني ولخبط تفكيري وادخلني في دوامة من اليأس والإحباط .

كان اتصال من صديق يسكن في منطقة العند أتذكر كلماته الحزينة لي وهو يقال ياسر قُضي الأمر الحوثيين القوا القبض على محمود الصبيحي وفيصل رجب، واحتلوا العند مرة أخرى، قلت له كيف صار هذا ومتى وانا عندي معلومات ان الرئيس هادي سيكون في قاعدة العند لرفع معنويات المقاتلين !!  هل أنت متأكد ..  قال :نعم نعم  وشاهدت السيارات تنقلهم الى العند بعيني .

تلقيت صدمة ليست عادية وكان خبر مزعج للغاية اربكني كثيراً وكنت حائراً بين نشر المعلومة او الاحتفاظ بها، وبعد تفكير قررت نشرها حتى يعلم الناس في عدن ولحج حقيقة ما يجري في العند ويستعدوا للقادم .

بعد ان نشرت الخبر على صفحتي على الفيسبوك وفي موقع يافع نيوز تلقيت عشرات الاتصالات من الداخل والخارج غير مصدقة ما حدث منهم من يقول نريد نتأكد هل صفحتك تم اختراقها، هل فعلاً انت من نشر هذه المعلومة وهل هي حقيقة، بل هناك من شتمني وعلق بكلمات مسيئة جداً لكن اعذرتهم جميعاً لهول الصدمة والمفاجأة الغير سارة.

لم يستوعب الناس ما يجري وهم يشاهدون بوادر احتلال ثاني يُعيدهم الى أحضان صنعاء بعد سنوات من النضال والتضحيات، شعور بالغضب والتعجب مما جرى في قاعدة العند .

قررت في ذلك اليوم اخذ جولة في شوارع عدن وللأسف صدمت أكثر عندما لم اعد اشاهد الشاصات التي كانت تنتشر في شوارع مدن عدن، كانت كل الشوارع مشلولة والناس مترقبة لأمر سيحدث خصوصاً بعد اختفاء اللجان الشعبية والجيش الموالي للرئيس هادي .

وصلت الى منطقة خور مكسر تقريباً قبل الظهر وسمعت أصوات طائرات يمنية تقصف معاشيق مجدداً، وقلت يبدو ان الرئيس هادي مازال هناك ولم يغادر وإلا لماذا تقصف الطائرات قصر معاشيق .

عدت الى المنزل وأصبحت على يقين ان احتلال ثاني قادم الى الجنوب خصوصاً بعد ورود معلومات عن مغادرة الرئيس هادي وانسحاب كافة الوحدات النظامية التابعة للشرعية وتمردها، وخروج اللجان الشعبية والشاصات من عدن .

وايقنت ان هذا الاحتلال سيكون أسوأ بكثير من الاحتلال السابق، تشاورت مع اعلاميين في عدن كيف سيكون موقفنا من الاحداث، ومما يجري وقالوا سنصمد ونستمر في نضالنا قضيتنا واضحة ومشروعنا واضح ولابد من التحرك سريعاً وفعلاً بدأنا حملة على الفيسبوك بنشر صور اعلام الجنوب وعليها عبارة “باقون في أرضنا متمسكون بحقنا ” .

وسرعان ما تم تداول الصورة وعملها خلفيات وصور شخصية في الفيسبوك وكان هدفنا انه مهما حدث سنستمر في نضالنا حتى نحقق اهدافنا، وكان الهدف امتصاص حادث سقوط العند وتقدم المليشيات .

كانت الاحداث تتسارع وعدد من وحدات الأمن المركزي التي بقيت في عدن بلبس مدني ووحدات القوات الخاصة تستعد للانضمام الى المليشيات القادمة الى عدن، وتلقيت اتصالات عن خروج شاصات من المدينة الخضراء وعلى متنها جنود من القوات الخاصة والأمن المركزي لإسناد المليشيات التي تواجه مقاومة قوية في الحوطة والحسيني .

مع مغرب ذلك اليوم تلقيت اتصال من كنترول قناة سكاي نيوز على ما أتذكر للمشاركة معهم ” لايف ” واعتذرت لهم، وتلقيت اتصال من قناة العربية وتحدثت تلفونياً معهم واتذكر مما قلته ان الجميع خذل الجنوب نتمنى من الإخوة في الخليج لا يخذلوه مره أخرى، وانه لابد من الوقوف مع أبناء عدن التي تتعرض للاجتياح من قبل المليشيات .

لم أعد احتمل المزيد من الاتصالات او منشورات الفيسبوك ورسائل الواتس آب ومشاهدة التلفزيون جلست مع أولادي في ذلك اليوم وكلاً ينظر الى الآخر بحزن وصمت شديد، والقهر والخوف واضح وجلي على وجوهنا جميعاً .

كان خوفاً من ضياع تضحيات سنوات طويلة، وقلق من تكرار 20 عاماً من التهميش والضياع والإقصاء .

كان رعب من مستقبل مجهول يسرق منك وطن وعقيدة، ويجعلك مجرد مواطن من الدرجة الثالثة او الرابعة في تكرار لسيناريو 1994 .

على هذا الوضع حاولت أخلد الى النوم لعل وعسى أن انسى ولو لساعات كابوس الاحتلال الجديد، ولكن لم استطيع النوم على الاطلاق وظلت افكر ماذا سيجري غداً وبعد غداً ….

حتى كانت الساعة تقريباً الثانية فجراً اتصل عليا الزميل اديب السيد ورفعت السماعة وهو يقول ياسر افتح التلفزيون !! قلت ايش في قال روح بس افتح العربية وانت بتعرف ! قلت اديب كل شي انتهى والكلام شبعنا منه ! قال ياياسر طائرات السعودية تقصف صنعاء وأعلنت التدخل .

عندها تجدد الأمل وارتسمت ملامح نصر أيقنت بحدوثه وتحولت لحظات الانكسار والإحباط الى قوة وعزيمة وإصرار !

لذلك شكراً لمن أعاد لنا الأمل والحياة شكراً لدول التحالف العربي شكراً للملكة العربية السعودية شكراً لدولة الإمارات العربية المتحدة .

ونسأل الله الرحمة والمغفرة للشهداء الأبطال من أبناء الجنوب ودول التحالف الذين خطوا بدمائهم ليس نصراً للجنوب واليمن  فقط ولكن للأمة بكاملها .