fbpx
الجبير لم يخطئ (2 – 3)
بِقلمِ / يحيى بامحفوظ
المفارقة التي حدث بعد نشر الجزء الأول هي مغادرة الرئيس اليمني للعاصمة الجنوبية عدن وكأن ما استهلينا به الجزء الأول وحديثنا عن فطرة وحدس بسطاء الجنوب, في استشفاف الأمور بل و أصبحت تلك الفطرة والحدس بمثابة البوصلة التي تحدد اتجاههم الصحيح, قد تحقق على الأقل من وجهة نظر الحاج , وفور سماعي لخبر المغادرة قفز إلى ذهني مباشرة ما قاله الحاج و بحدة عن إحساسه حين قال: اللي قاهرني ان هذا الرجل لازال في عدن, وإذا بي أتخيله رافعا يديه حامدا لله وشاكرا له كون الرجل غادر, لم اقل ان ذلك مطلبي أيضا ولكني انطلقت في ذلك حسب ما دار بخيالي والذي بني أساسا على ما دار بيننا من حديث ليس من الباقة إعادة سرده بكل تفاصيله هنا.
علي أيّة حال دعونا نستكمل ما دار بيننا من حديث ونأخذ الفقرة الأخيرة من الحديث الذي تم نشره للتذكير,,
وفي محاولة من جاري لفرد قناعاته أمامنا قال: ولكن هناك من يقول ان الرئيس يعمل على نار هادئة لتأمين خروج سلس للجنوب.
فكان ردي له: إن كنت تعي معنى ذلك ومن يقف خلفه وتتجاهله فهذه مُصيبة، وإن كنت تتجاهل عن قصدٍ فالمصيبة اكبر, ان هذا يا صاحبي , وهم أساساً هم صانعيه، ومسوقيه وهذا في حد ذاته يضعنا في تعارض معهم.
قال: وكيف نتأكد من صحة قولك
فقاطع الحاج بامتعاض شديد: أنت ما معك إلا هذي الكلمتين .. كيف عرفت؟! كيف تأكدت؟!
واصلت حديثي قائلا: المسألة لا تحتاج إلى أي جهد لكشف الحقيقة فالمسالة ببساطة اتضحت جلية بعد ان سُطحت قضيتنا الجنوبية واعتبروها قضية حقوقية لتدرج ضمن إطار واحد مع قضية زواج القاصرات وقضية المهمشين, وعندما تم رفض ذلك جنوبا سعوا إلى استنساخ الحراك الجنوبي بدليل تعين عبد ربه لممثلين مسخ للحراك في الحوار اليمني وكان يعتقد حينها بأنه يستطيع ان يمرر ما يشاء من خلالهم وعندما تأكدوا بان خطوتهم فاشلة لجئوا للتسريبات التي أقنعت البعض وأنت منهم, تسريبات تم تسويقها بعد أن غُلّفت بشعارات جوفاء لا تمت للواقع بصلة, وفي الحقيقة ما هي إلا مجرد شعار مزيف لا اقل ولا أكثر, يذر به الرماد على عيون من يعتقدون بأنهم سذج يمكن تمرير ما يريدون عليهم, وبرزت هذه التسريبات بشكل مكثف بعد وصل عبد ربه إلى عدن فارا من الإقامة الجبرية التي فرضت عليه في صنعاء , ثم ازدادت وتيرتها عند مغادرته عدن صوب الرياض وتحديدا مع التحضير لمؤتمر الرياض.
قال جاري الطيب وهو طيب القلب فعلا: لكن السعودية كانت في صفنا أثناء حرب 1994 م.
قلت: نعم.. وهل هي ضدنا اليوم..؟ طبعا لا … وحتى أثناء حرب 1994 م , لم تكن كما تظن وإنما هناك مصالح ومنافع تحكم وهذا من حقهم.
قال: كيف؟؟!!.
قلت له: أورد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في مذكراته وتحديدا عند زيارته للمملكة أثناء الحرب , قبيل عيد الأضحى إذ قال:
(عند توديعنا للملك فهد وبعد أن خرج الأمير سلطان والدكتور الإرياني مسكني الملك فهد بيدي وقال لي: إذا كنتم قادرين على دخول عدن وحسم الموقف فبادروا ، لتخرجونا من الحرج وتضعوا الجميع أمام أمر واقع وتفوتوا الفرصة على أي تدخل).
طبعا بناء على ذلك تغيرت أمور كثيرة ووضعت بدائل أخرى واعتقد ان برقية علي عبد الله صالح إلى وزير دفاعه في تلك الحرب وقائد جهة عدن عبد ربه منصور هادي تأتي في هذا السياق حيث جاء في الجزء الثاني من كتاب “1000 ساعة حرب” لمؤلفة عبد الولي الشميري.. التالي:
(الرئيس علي عبد الله صالح مارس – ضغطاً غير صحيح المضمون – بتهديد وزير الدفاع العميد الركن عبد ربه منصور هادي , المشرف على عمليات جبهة عدن , بأنه سيتخذ قراراً سياسياً لإنهاء الحرب, إذا لم تحسم , بالاستيلاء التام على مدينة عدن ) ويرد وزير الدفاع من أعماق قلبه هكذا (الأخ الرئيس .. الأمور تسير بنجاح والعدو مهزوم ونحن نأسر منهم العشرات .. أجلوا القرار السياسي).
علق جاري بالقول: ممكن يكون ذلك مجرد اجتهاد من المؤلف.
أجبته: لا فهناك صور للبرقيتين معا.
قال: طيب, والإمارات كيف كانت ؟
فقلت له: لا.. الإمارات شيء مختلف, فقد كانت ولازالت وستظل ان شاء الله تفوح مواقفها بالأصالة العربية, ودعني استدل هنا بما أورده الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في مذكراته مرة أخرى اذ قال:
(إجابة الشيخ زايد لنا كانت أكثر وضوحاً وصراحة وتعصباً بشكل فظيع ما كنا نتصوره. قال: أولاً: حكاية شيوعية ما عادوا شيوعيين. وثانياً: الوحدة لا تفرض بالقوة والحرب.
وثالثاً: لجوؤهم إلينا وانفتاحنا عليهم لأنهم أضعف منكم وانتم تجبرتم واعتديتم عليهم، فأشتد بنا النقاش إلى أن بلغ حد ارتفاع الأصوات وكان معي الأستاذ عبد الوهاب الآنسي نائب رئيس الوزراء في حينه وبعض المشائخ من الإمارات أسكتونا وانتقلوا إلى مكان آخر ، وبقيت أنا والشيخ زايد كل واحد متسمر في كرسيه لا يكلم الآخر ولا ينظر إليه’ وعادوا إلينا برأي أن تنفض الجلسة ويجتمع نائب رئيس الوزراء عبد الوهاب الآنسي مع الشيخ فلان والشيخ فلان، وخرجنا دون الوصول إلى شيء، والشيخ زايد مصمم على أنه لا بد أن نوقف الحرب. قلت: الحرب مقدسة بالنسبة للوحدة ، والوحدة تستاهل الدماء قال: تريدون سفك الدماء والوحدة ليست بالقوة. قلت: نعم الوحدة تستحق التضحية ونحن مستعدون لبذل المزيد من التضحيات من أجلها ، والوحدة ليست بالقوة فهي وحدة شعب واحد إنما الانفصال هو الذي يريد أن يفرض بالقوة, وانتهت الزيارة بهذا الشكل دون الوصول إلى أي نتيجة،)
قاطع الحاج حديثنا موجها حديثه لجاري مشيرا بيمناه نحوي: اسمع.. اسمع الكلام, ما هو كلامك اللي يطلع الضغط.
ضحكنا ضحكة خفيفة على تفاعل الحاج, ثم واصلت بالقول: ………………. نتركها كما أسلفنا في الجزء الأول نقط على السطر ونستكمل في الجزء الثالث والأخير إن شاء الله , وقبل أن اختم اكرر هنا ما ختمنا به الجزء الأول.
(لا نقصد هنا الإساءة إلى المملكة ونحترم ما يرون فيه مصلحتهم وستظل المملكة جارة وشقيقة لنا, ولن نكتب سطرا واحدا يمكن عدونا وعدوهم من التمحك به, ولكن هدفنا هو المساهمة في تنوير شعبنا وعدم تعليق آمال على الغير في الانتصار لنا )…